قرار حكومة نتنياهو بضم ثلث الضفة الغربية صدر بالفعل، وإن حال دون تنفيذه قرار أميركي متحفظ فرض على (تل أبيب) وقف التنفيذ. إن قرّرت واشنطن رفع تحفظها، فستسارع (تل أبيب) لتنفيذ ما تسمح به من دون إبطاء، شكلاً ومضموناً وتوقيتاً، إذ لا مانع إسرائيليًا وسط التجاذبات والتشكيك ما يحول دون الضم.
ما يتردد في (تل أبيب) عبر إعلامها عن تحفظات هنا وهناك داخل المؤسسة السياسية أو الأمنية، أو ما تتلقاه (إسرائيل) من مواقف رافضة ومستنكرة إقليمياً ودولياً، لا يحول في الواقع دون الضم.
كل التبعات التي يمكن وصفها بالسلبية من داخل الكيان الصهيوني وخارجه، تبقى غير فاعلة و» من دون أسنان»، ولا تثني (تل أبيب) عن تنفيذ الضم إن سمحت واشنطن به. وسط التجاذبات الاسرائيلية الداخلية، فقد سلط مركز بحثي إسرائيلي الضوء على مدى تأثير تنفيذ الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، لخطة ضم الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، موصيا بـ»تأجيل قرار الضم».
وأوضح «مركز بحوث الأمن القومي» التابع لجامعة «تل أبيب» العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده كل من عوديد عيران وشمعون شتاين، أنه «منذ احتلال (إسرائيل) للضفة الغربية، كان المستقبل السياسي لهذه المناطق يلقي بظلاله على العلاقات بين (إسرائيل) ودول أوروبا، وتشتد الخلافات مع الاتحاد عندما تتوقف المسيرة السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، وعندما يتوقف الاستيطان الإسرائيلي في هذه المناطق».
وأكد أن «الضم؛ سواء كان على نطاق واسع أم ضيق في الضفة، سيثير موجة ردود فعل سلبية في أوروبا، والقطيعة ستتعمق بين القيادات السياسية لـ(إسرائيل) وقيادات أعضاء الاتحاد الأوروبي»، متوقعا أن تساهم «سياقات داخلية أوروبية، في صعوبة فرض عقوبات شديدة على (إسرائيل) جراء قرار الضم، ولكن لا شك أن انتقادا حادا ضد نية الضم هو روح الأمور في معظم الدول الأوروبية».
ولفت المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة إستراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان: «نظرة عليا»، أن «قرارا إسرائيليا بالضم، سيواجه معارضة من دول الاتحاد التي درجت على التصويت في المنظمات الدولية»، منوها إلى أن النهج الأوروبي يُعنى بالحوار الفلسطيني - الإسرائيلي، ويركز على تحقيق حل الدولتين عبر المفاوضات بين الطرفين».
وأضاف: «يتمسك الاتحاد بموقف يقضي بترسيم الحدود على خطوط 1967، وهو يعارض المستوطنات في الضفة، وقرر أن البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المناطق المحتلة عام 1967 لا تستحق الإعفاء الجمركي، كما أن الشركات العاملة في المستوطنات لا يمكنها أن تتمتع بالتعاون مع هيئات أوروبية يمولها الاتحاد».
وفي العقد الأخير، أوقف الاتحاد الأوروبي «الحوار السياسي مع (إسرائيل)، على خلفية الجمود في المسيرة السياسية، وتواصل الاستيطان في الضفة».
ان العبرة والفائدة من الاستعراض هنا هما تفسير ما يرد من (إسرائيل) حول الضم ومقدماته وأسبابه والتجاذبات الداخلية إزاءه، سواء لجهة الدفع بالضم أو عرقلته. فلا معنى ولا أهمية ولا تأثير لدى طرفي التجاذب في (تل أبيب)، في كون الضفة محتلة وسلبت من أصحابها، إذ إن الحق الفلسطيني آخر، وربما خارج، سلّم اهتمام الإسرائيليين والقوس السياسي الذي يمثلهم أفضل تمثيل في المؤسسة السياسية، سواء في اليمين أو الوسط أو ما تبقى من فتات يسار. في الوقت عينه، يستهدف ما ورد إعادة التأكيد أن صاحب القرار الفعلي في ما يتعلق بالضم، هو الجانب الأميركي، إن لجهة توقيت الضم أو شكل إخراجه وكذلك مضمونه. وهو ما يُفهم من كلام نتنياهو نفسه، أي من أعلى مستويات القرار السياسي في (تل أبيب)، بعد أن كان محلاً للتحليلات.
قرار الضم كان ويبقى أميركياً، وبمجرد ورود الموافقة عليه من واشنطن، سيتم إخراجه إسرائيلياً، ومن ثم العمل على تنفيذه، ويبقى الموقف الفلسطيني بالتنسيق مع الأردن لرفض الضم هو في صلب المعادلة، حيث التردد الامريكي والتخوف من ردات الفعل ان اقدمت حكومة (اسرائيل) على الضم.