فلسطين أون لاين

انقسام حزبي وشعبي بالولايات المتحدة حول خطة الضم الإسرائيلية

...

لم تتوقف المناقشات داخل أروقة الكونغرس بمجلسيه ودوائر صنع القرار في البيت الأبيض بشأن الموقف الأميركي من خطة (إسرائيل) لضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما يقضي عمليا على "حل الدولتين".

ورغم عدم إقدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إعلان الضم في الأول من يوليو/ تموز الجاري كما كان متوقعا، يشير الكثير من الخبراء إلى أنه سيُقدم على هذه الخطوة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر لها الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وكانت حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن قد عبرت عن رفضه "أي عمل أحادي من أي من الطرفين من شأنه أن يضعف فرص تطبيق حل الدولتين، بما في ذلك ضم الأراضي، وهو ما سيواصل بايدن معارضته، إذا أصبح رئيسا" وفقا للحملة.

أما إدارة الرئيس دونالد ترامب فقد انقسم أركانها حول "شكليات الضم"، إذ يفضل جاريد كوشنر، مسؤول ملف عملية التسوية العربية الإسرائيلية، تأجيل إعلان الضم بحيث يصبح جزءا من الإطار الأوسع لخطة ترامب التي باتت تعرف بـ "صفقة القرن"، في حين لا يرى السفير الأميركي في (إسرائيل) ديفيد فريدمان أي مبررات لتأجيل عملية الضم وينادي بضرورة تأييد واشنطن لها.

وعبر وزير الخارجية مايك بومبيو عن دعمه غير المباشر لخطة الضم بالقول "إن هذا قرار يعود اتخاذه إلى الحكومة الإسرائيلية". ولم يصدر أي تعليق بعد من الرئيس ترامب.

معارك في الكونغرس

وترى لارا فريدمان، مديرة مؤسسة سلام الشرق الأوسط بواشنطن، أن الانقسامات في الكونغرس "حقيقية وكبيرة".

وقالت لارا إن هناك خطابات غير مسبوقة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ حول قضية الضم. "يجمع الديمقراطيون على معارضتهم للضم، ويتخذ العديد من الجمهوريين مواقف صريحة مؤيدة".

وأطلعت على عدة خطابات ومشروعات قوانين صدرت عن أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ تطالب بمعارضة عملية الضم المزمعة وتهدد بانعكاسات سلبية على علاقات الولايات المتحدة بـ(إسرائيل).

وتضمن مشروع قرار تبناه 12 عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ، الذي يتمتع فيه الجمهوريون بالأغلبية، حظر تمويل أي "أنشطة من شأنها تسهيل عملية الضم، في إشارة إلى 3.8 مليارات دولار تحصل (إسرائيل) عليها سنويا كمساعدات أميركية.

وأكد السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي-ولاية ميريلاند)، أن خطة الضم "لا تخدم علاقات الولايات المتحدة التاريخية مع (إسرائيل)" حسب تعبيره.

وشهد مجلس النواب، الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية الأصوات، تحركات معارضة لخطة الضم تزعمها عدد من النواب التقدميين على رأسهم النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز.

وأرسلت كورتيز خطابا شديد اللهجة وقع عليه معها 13 نائبا ديمقراطيا إلى وزير الخارجية مايك بومبيو تحذره من مغبة تأييد خطوة الضم.

كما أرسل عشرات الأعضاء الجمهوريين بمجلس النواب رسالة مشتركة إلى رئيس وزراء الاحتلال يعبرون فيها عن دعمهم لخطة الضم، وجاء في الرسالة أن "(إسرائيل) لديها حق تنفيذ أي سياسة تراها مهمة لأمنها".

وترى لارا فريدمان أن الانتخابات القادمة ضاعفت "من كثافة الديناميكيات الحزبية فيما يتعلق بخطة الضم. هناك استقطاب غير مسبوق ضاعف منه مواقف وسياسات الرئيس ترامب".

شبح الانتخابات

ولا يقف الاستقطاب عند أبواب الكونغرس، بل ينعكس الأمر على الناخبين الأميركيين بشكل عام. ولا تقتصر الانتخابات القادمة على منصب الرئيس، إذ تشمل كذلك كل أعضاء مجلس النواب الـ 435 إضافة إلى 35 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة.

وشهدت الانتخابات الأخيرة للتجديد النصفي للكونغرس التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 نجاح الكثير من المرشحين التقدميين من أصحاب مواقف معارضة للسياسات الإسرائيلية.

وساهم نجاح بعض أولئك المرشحين مثل النائبة رشيدة طليب من ولاية ميشيغن والنائبة إلهان عمر من مينيسوتا والنائبة ألكسندريا كورتيز من نيويورك، في دفع أجندة الحزب الديمقراطي قليلا إلى اليسار والابتعاد عن التأييد الكامل للسياسات الإسرائيلية.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة تقرير واشنطن للشرق الأوسط على 1639 أميركيا في مايو/أيار الماضي انقساما حول خطوة الضم، إذ عبر 37% منهم عن ضرورة معارضة بلادهم للمخطط الإسرائيلي.

ووافق 34% على اعتراف واشنطن بعملية الضم، في حين امتنع 29% من المشاركين عن إبداء الرأي حيث لم يكن لديهم معلومات كافية.

كما أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة ميريلاند بالتعاون مع مركز نيلسن على 2395 ناخبا أميركيا رفض أغلبية الأميركيين لقرار الضم الأحادي. ورأى 67% من المشاركين ضرورة أن يتخذ الكونغرس موقفا أكثر حزما مع (إسرائيل)، وألا يوافق تلقائيا على دعمها.

وارتفعت النسبة لتصل إلى 81% بين الديمقراطيين، في حين بلغت 53% بين الجمهوريين.

وأشارت لارا فريدمان إلى أنه "يمكن ملاحظة أن خطة ترامب لسلام الشرق الأوسط ومواقفه المؤيدة للضم تثبت أن الحزب الجمهوري هو الحزب الحقيقي المؤيد لـ(إسرائيل) وأن معارضة هذه السياسات تثبت أن الديمقراطيين مناهضون لها".

ويحاول الجمهوريون اتهام الديمقراطيين بالعداء للسامية ولـ(إسرائيل)، إذ تقول لارا إن الجمهوريين يحاولون "صرف الانتباه عن مشكلة العداء للسامية بين بعض التيارات اليمينية في الحزب، من خلال التركيز على معارضة الديمقراطيين لإسرائيل والادعاء أن الديمقراطيين يعادون (إسرائيل) والسامية".

وأكدت لارا  أنها حجة تستند إلى تبني إعادة تعريف معاداة السامية للتركيز على حرية التعبير السياسي التي تتحدى السياسات الإسرائيلية.

في الوقت ذاته لا تتوقف "جهود اللوبي الإسرائيلي" عن استخدام الانتخابات القادمة كوسيلة لتهديد الأعضاء المعارضين لخطة الضم.

وترفض منظمة (إيباك)، أكبر منظمات اللوبي المؤيد لـ(إسرائيل)، جهود الديمقراطيين لإثناء الأخيرة عن خطة الضم. وهاجمت المنظمة في عدة بيانات جهود وخطابات الديمقراطيين بالقول إنها "لم تتضمن تحميل الفلسطينيين مسؤولية إفشال عملية التسوية، ولا تشير لرفض الفلسطينيين التفاوض المباشر مع (إسرائيل)".

المصدر / الجزيرة نت