يواصل عيسى أبو شرار، رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي المكلّف من رئيس السلطة محمود عباس، انتهاك حقوق القضاة الفلسطينيين، وملاحقتهم وترهيبهم، من خلال إحالة العديد منهم إلى مجالس تأديبيَّة، على خلفية مواقفهم المهنيَّة، والسياسية، المنشورة عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت آخر القرارات القمعيَّة التي اتخذها "أبو شرار" بحق القضاة، منعهم من النشر على موقع "فيسبوك" عن أحوال القضاء وانتقاد شخوصه أو وضع السلطات العامة في فلسطين، إضافة للملاحقة الإدارية للقاضي، وأمين سر جمعية نادي القضاة، فاتح حمارشة.
وقرر "أبو شرار" تحويل القاضي "حمارشة" إلى التحقيق الإداري، تمهيداً إلى إحالته لمجلس تأديبي على خلفية حرية الرأي والتعبير في مسائل متصلة بالشأن العام ومتعلقة بالنقد المباح لأدائه الوظيفي كرئيس للمجلس الانتقالي.
وخلال فترة العام التي تقلد فيها أبو شرار رئاسة المجلس الانتقالي، لم يشهد القضاء الأعلى أي حركة إصلاح كما تم الترويج من تعيينه، بل شهدت تلك الفترة اتخاذه لقرارات فردية، وقمعية بحق القضاة.
انتهك قانون القضاء
ويؤكد حمارشة لصحيفة "فلسطين"، أنَّ "أبو شرار" انتهك قانون القضاء ومواثيق الأمم المتحدة، حيث قرر إحالة قاضٍ إلى تحقيق إداري بسبب منشور على "فيسبوك" يتحدث عن القضاة.
وقال حمارشة: "أبو شرار هزَّ ثقة القضاة بأنفسهم وفي المجتمع وقلل من قيمتهم من خلال تصريحاته التي خلقت رأياً عاماً سلبياً حول عملنا، وعدم إنصافهم لنا، خاصة بعد حديث مدير شرطة محافظة الخليل أنه لن ينفذ الأحكام القضائية".
وأضاف: أن "أبو شرار من خلال خطوته بإحالتي إلى التحقيق وهي ليس المرة الأولى التي يقوم بها في إحالة قاض للتحقيق، انتهك قانون القضاء الذي يعطينا الحق في التعبير عن الرأي بكامل الحرية، ولكن بشرط عدم الحديث في أي قضية تكون منظورة أمام القاضي".
وأوضح أن مدوّنة السلوك القضائي الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى أعطت للقاضي الحق في التعبير عن رأيه ومناقشة المسائل التي تخص الرأي العام، وكذلك الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الانتقالي، سمح للجهات الرسمية بالتجرؤ على القضاء من خلال عدم تنفيذ الأحكام القضائية واجبة التنفيذ.
وحول تكليف أبو شرار برئاسة مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، عدّ أمين سر جمعية نادي القضاة، أن المجلس جاء بقرار قانون من السلطة التنفيذية، بطريقة مخالفة للدستور وغير قانونية، وفيها انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات، لأنه خلق من رحم السلطة التنفيذية، ومدته طويلة.
القضاة مهددون
وأشار حمارشة إلى أن كلَّ قضاة فلسطين يشعرون بحالة الخوف من الصلاحيات التي منحت لرئيس المجلس الانتقالي، حيث أصبح القاضي مهدداً بالعزل والنقل، والتدخل في قراراته.
عضو المحكمة العليا السابق، ورئيس جمعية نادي قضاة فلسطين سابقاً، أسامة الكيلاني، أكد أن أبو شرار أصبح مسؤولاً يؤرق القضاء، ويلاحقهم لمجرد نشرهم أي انتقاد، مع إحالتهم لمجالس تأديبية، "وهو ما يعدّ مخالفًا للقانون".
وقال الكيلاني في حديثه لـ"فلسطين": "رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي ادعى حين جاء لمنصبه أنه يريد إصلاح القضاء ولكن أصبح يلاحق القضاة الأحرار، وقمع أي رأي معارض لأفكاره، أو مخالف لوجهة نظره في أي موضوع سواء في الفساد، أو العمل الإداري، بمعنى أنه لا يتقبل الرأي الآخر".
وأوضح الكيلاني، أن القاضي يعدّ منبراً للدفاع عن الحقوق والحريات، وكلمته هي الفصل في الدفاع عن الآخرين، مستدركاً "ولكن في وجود أبو شرار أصبح ضحية".
وبيّن عضو المحكمة العليا السابق، أن الممارسات القمعية ضد القضاة لن تتوقف إلا بعد إزاحة أبو شرار عن منصبه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى الانتقالي، كونه يعدّ القضاء ملكا له.