فلسطين أون لاين

نواطير سايكس - بيكو في شرق أوسط جديد

منذ 4 سنوات مرت على مؤامرة "سايكس-بيكو" التي حيكت سراً عام 1916 بين ممثلي الخارجية البريطانية :مارك سايكس، والخارجية الفرنسية "جورج بيكو" ، وقد كشفتها الثورة البلشفية الشيوعية في روسيا عام 1917 ، لأن روسيا القيصرية كانت شريكة ثالثة فيها، في الوقت الذي كانت فيه ضمن معسكر الحلفاء (بريطانيا ،وفرنسا ، وبلجيكا ،واليابان ، والولايات المتحدة الأمريكية في نصفها الأخير.).

هذه المؤامرة التي افتضحت مبكراً، والحرب محتدمة ، والعرب بقيادة الشريف حسين ، شركاء فيها إلى جانب الحلفاء ، ابتغاء إقامة الدولة العربية المستقلة ، بعد الإجهاز على الدولة العثمانية جراء الحرب.

لكن المؤامرة قضت بتقسيم الأقاليم العربية التي كانت عثمانية قبل بداية الحرب 1914 الى عدد من الكيانات بين بريطانيا وفرنسا .. الشمال السوري وكيليكيا لفرنسا، والجنوب السوري متصلاً بالعراق شرقاً والجنوب والخليج العربي لبريطانيا، وأما الحجاز ونجد وشمال اليمن فهي التي يمكن أن تكون للعرب ، وقد تصارعت على أديمها قياداتهم إلى ان انتهت بظهور المملكة العربية السعودية، والمملكة المتوكلية اليمنية ؛ فيما الجنوب العربي والخليج إمارات وسلطنات ومشيخات تحت الحماية البريطانية منذ القرن التاسع عشر وبعيد احتلال بريطانيا لعدن 1839.

وهكذا تم في غفلة من الزمن ترتيب أوضاع المنطقة العربية التي انسلخت عن الدولة العثمانية بإقامة عدد من الكيانات السياسية وفقاُ لاتفاقية سايكس-بيكو 1916 بعد نهاية الحرب عام 1918 ، وقد أقرها مؤتمر فرساي 1919 ثم إعلان الانتداب من قبل عصبة الأمم 1920 على هذه الكيانات ،وهي :لبنان ،وسورية تحت الانتداب الفرنسي ، وفلسطين ، وشرق الأردن ، والعراق تحت الانتداب البريطاني ..

والجدير ذكره أنه قد تم منذ إقرار الانتداب تكبير دولة لبنان لتمتد من الناقورة جنوبا على ساحل المتوسط ، إلى النهر الكبير بينها وبين سوريا شمالا ، وفيما بين البحر المتوسط غرباً ، وخط تقسيم المياه على سلسلة جبال لبنان الشرقية شرقاً ، بمساحة 10.400 آلاف كم2 . بعد أن كانت قبل ذلك منذ 1861 في إطار منطقة "بعبدا" .. وبالطبع قد تم فرض ذلك بالقوة ، وقد رفضته طرابلس وبيروت ، وصور ، وصيدا ، وبعلبك وغيرها ؛ إلا أن المشيئة الاستعمارية هي التي استولدت هذا اللبنان " الكبير" .. فيما أرادت الإدارة الفرنسية إقامة أربعة كيانات أو دول فيما تبقي من سورية الشمالية : ( دولة دمشق ، ودولة حلب ، ودولة العلويين ، ودولة جبل الدروز ، وسنحقق اسكندرون) ، إلا أن قيادات الثورة السورية قد رفضت بشده هذه الوقائع وأفشلتها في خضم ثورات التحرير التي انتهت بتحرير سورية الشمالية (سورية ولبنان) واعتراف فرنسا باستقلالهما 1943، في الوقت الذي ظل أحرار فلسطين ، وشرق الأردن  ، باعتبارهما من جنوب سورية لا يعترفون بتقسيمات سايكس بيكو ، واحتضانها لوعد بلفور 1917 الذي يقضي بإقامة وطن قومي لليهود علي أرض فلسطين ، لكن فرض بريطانيا لمملكة فيصل بن الحسين في العراق، وإمارة شرق الأردن لأخية الأمير عبدالله ، وتهيئة الأوضاع في فلسطين لإقامة الكيان اليهودي ، وانتهاء بإقامة دولة اليهود (اسرائيل) ، فكانت النسخة التطبيقية الأولي لخريطة سايكس-بيكو في علم "الجيويوليتيك"  أي الجغرافية السياسية، التي استمرت إلي يومنا هذا ، مع تطبيق وعد بلفور ، واظهار هذه الدول والدويلات ، التي رسمتها الاتفاقية الملعونة، وقد وجدت من يتولاها ، و يرعاها ، وينطرها.

من هم نواطير سايكس-بيكو ؟

الجواب ليس صعباً؛ لكني أقول أن الرعيل الأول ممن تولوا قيادات كيانات خريطة سايكس-بيكو – سواء تولوها كرها أو طوعا ، فقد كانوا خليطاً من الأغبياء ، والجبناء والانتهازيين ، والأذناب ، والعملاء.! و السذاجة وقلة الحيلة قد تشفع للبعض منهم.  كان هؤلاء إذن أول النواطير؛ أما تاليهم فمن ورثوهم في العروش والكراسي ، وراحوا يتشبثون بالحدود ، ويتغنون بأمجاد وأحلام في الحيازات  الضيقة، حتي أصبح نهراً مثل نهر الأردن كأنه أضخم من نهر الأمازون.! ونهر اليرموك  أكبر من المسيسيبي.! وسلسلة جبال لبنان الشرقية بين سورية ولبنان ، وكأنها أكبر من الهيملايا.! وغير ذلك من المعالم الطبيعية البسيطة التي كبروها ، قاصدين.

لن استرسل في التصنيف كثيراً، وأخلص إلى القول إلى أن كل من يقدس هذه الكيانات القطرية ويعظمها، وينتمي إليها بافتخار وإعجاب ، ولا يستنكر وجودها ، يمكن اعتباره من النواطير؛ كل بدرجته وحجمه وامتيازاته في دوائر الخارجية الأنجلو فرنسية ، ثم الأمريكية لاحقاً ، أو حالياً.

  أجل .. نواطير .. مأجورون .. مهما سمت وعظمت مسمياتهم وألقابهم..!

 إنهم يحرسون وينظرون بعناية إرث المرحلة الاستعمارية، التي أهرقه أحرار العرب دماءهم وضحوا بأرواحهم لتحريرها، وتحقيق الوحدة والعزة والكرامة، التي لولاها لما كانت الانتفاضات على الدولة "العلية العثمانية" التي كانت توحدنا، على ما وصلنا إليه في ظلها من معاناة وافتئات بفعل فاعل شيطاني ، ما كان يبقي لنا الخير لا عربا ولا تركا ، وكأنه كان من صلب سايكس بيكو.

  إن التغلغل الصهيوني، الذي اخترق مؤسسة الخلافة ، وأطاح بالسلطان عبدالحميد 1909 ، الذي قادت على أثره عصبة الاتحاد والترقي سياسة البلاد، باسم "الطورانية"، التي أعلنتها حرباً شعواء على العربية، وعلى العلاقة العربية العثمانية.

لن استرسل كثيراً في هذا ، لأنه مبحث آخر .. أما نواطير سايكس-بيكو الأولون وورثتهم ، فقد مضي وقت يربو على أربعة أجيال، والخريطة الجغرافية التي رسمتها سايكس-بيكو تتجذر حدودها يوماً بعد يوم ، وتكاد الحدود تصبح جدراناً وأسلاكا شائكة وحقول ألغام على جانبيها ، وحراسات جوية وبرية والكترونية ، وتحالفات حتى مع الشيطان لحمايتها وعدم المساس بها.

إنهم الملاعين

  إنهم ملاعين حقاَ ، من يؤمنون بهذا الواقع ، ومن يقومون بحراسته ورعايته ..

  لقد اصبحت الدعوة لاتحاد هذه الكيانات وعودتها إلى ما كانت عليه ، كأنها رجس من عمل الشيطان!

  يا سبحان الله .. كم نسمع من  عبارات الالتواء والمماطلة والقرف .. مثل هذا غير واقعي .. هذا خيالي ..

  لقد أصبح نشيد (بلاد العرب أوطاني..)

  نشيد عاطفي يثير السخرية عند هؤلاء النواطير و مريديهم ..

لقد أصبح من يتنكر لهذا النشيد يكافأ..!

وأصبح من يعمل لإعلائه يعاقب، وينعت بالخيالية، وعدم العقلانية..

انه العبث بمقدورات الأمة .. وهنالك من يتولى حماية هذا العبث والانفاق عليه بسخاء..!!

وان كل من يتجرأ عملا أو تفكيرا في محو هذه الخريطة المقدسة لا بد أن يشطب ، أو يتكسح ، ان لم ينته ، أو تخمد أنفاسه.!

أصبحت اسرائيل موجودة بقوة علي خارطة سايكس- بيكو.. بعض النواطير اعترفوا بها وأقروها اقرارا قانونيا بعد أن أقروا بها واقعا تتولي الولايات المتحدة الامريكية وعرابيها ، ونواطيرها وسماسرتها ووو، تنظيم ملتقيات كما سايكس-بيكو تحت يافطة " ايجاد حل للقضية الفلسطينية ،و اقامة دولة فلسطينية تعيش الي جانب "اسرائيل" في شرق أوسط جديد يتماشى وروح العصر..".. تكون لإسرائيل فيه السيادة والريادة ، تحت مظلة الصهيونية الأمريكية –الاسرائيلية ..

إنها المسخرة الكاملة ...وكأننا لم نشرب من كؤوس الذل والمهانة الأنجلو أمريكية فرنسية من قبل ما شربنا ..!

يا عرب .. يا أعراب .. ما عاد هناك مؤامرة، أو شيء في السر.. كل شيء بات مكشوفا..

الولايات المتحدة الامريكية تدعو الدول العربية لإقامة علاقات مع اسرائيل والتطبيع معها ، ثم تحقيق الاطمئنان لإسرائيل كي تقبل بتموضع دولة فلسطين مقصقصة مهيضة الجناح الي جانبها..!!

لا يا نواطير سايكس-بيكو آن أن تعرفوا قدركم عند شعوبكم ، وما ينتظركم من حساب وعقاب.

ان أمريكا التي احتفلت السبت الماضي بالذكري 244 لاستقلالها ، كأنها لم تستقل ، أو تتحرر..!

أجل ، انها باتت تحتلها الكارتلات ، والترستات منذ أن كسرت تمسكها بمبدأ "مونرو" واسلمت قيادها لليهودية الصهيونية ، منذ ان زج بها رئيسها الصهيوني "وودرو ويلسون" في أتون الحرب العالمية الاولي عام 1917 لإنقاذ حلفاء الصهيونية في تلك الحرب  ، في مخالفة صريحة لمبدأ الحياد ولوصايا اكثر من رئيس وقائد ومفكر في أمريكيا حذر من الخطر اليهودي – الصهيوني..

كأن ترامب شقيق  لنتنياهو ..!! وكأن الولايات المتحدة الامريكية صهيونية ، ومستعمرة أمريكية تدار من تل أبيب...!!

ان محور المقاومة ضد الصهيونية الباغية في امريكيا واوروبا ، قد عرف طريقة ، "والمباطحة" معه أتية ، ويقينا النصر أت لا محالة لتحرير فلسطين من رجس الصهيونية ، وبالتالي تحرير أمريكا من هذا الوباء .