فلسطين أون لاين

"فاكهة الصيف" تحصل على "العلامة الكاملة"

تقرير على مشارف انتهاء موسمه.. البطيخ "نال الرضا"

...
107082321_711499446354865_4532763900272101232_n.jpg
غزة/ يحيى اليعقوبي:

الإنتاج بلغ 50 ألف طن والمساحات المزروعة 4500 دونم

أبو حليمة: نتائج فحوصات البطيخ تؤكد جودته

"الزراعة": البطيخ حقق اكتفاء ذاتيًّا بنسبة 100% منذ 10 أعوام

المزارع حمدونة يستعد لآخر قطفة: البطيخ يصل إلى المواطن خاليًا من الأدوية

أبو عمرو بعد أن زرع 120 دونمًا: كما نربي الصبي نربي الشتل

المواطن "يوسف": أفضل مرة أتذوقه منذ خمسة أعوام

على أرضه البالغة مساحتها 350 دونمًا، يخصص المزارع عامر أبو عمرو 120 دونمًا لزراعة البطيخ، تفترش الكرات الخضراء أرضه في شرق بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وتنتج له قرابة ألف طن في الموسم، نسبة لاقت قبولًا منه هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

يمثل البطيخ في قطاع غزة عنصر قوة واكتفاء ذاتي بنسبة 100%، إذ يبلغ حجم الإنتاج السنوي منه ما يزيد على 50 ألف طن، في حين تبلغ المساحات المزروعة قرابة 4500 دونم.

مع إشراقة صباح جديد يذهب المزارع أبو عمرو إلى أرضه لمتابعة ري البطيخ والاعتناء به، والإشراف على 60 عاملًا يعملون لديه، فالبطيخ أو كما يسميه المزارعون والناس "فاكهة الصيف"، يحتاج إلى رعاية خاصة وري متواصل، ثم يغادر أرضه حينما تتعامد الشمس فوق بيت لاهيا ظهرًا، ثم يعود مغربًا.

رعاية خاصة

أبو عمرو الذي يعمل في زراعة البطيخ منذ عدة أعوام، يقول لصحيفة "فلسطين": "البطيخ بحاجة إلى رعاية خاصة، وتسميد التربة، وري متواصل، فكل مدة وعلى مدار الموسم أزرع 30 دونمًا، وكنت في السابق أزرع 700 دونم".

"الأرض لازم ترعاها من الصبح للمغرب وتراقبها بنفعش تزرع وتروح، زي ما بتربي الصبي بدك تربي الشتل" هكذا يتعلق المزارعون بالأرض، ويتشبثون بمهنة ورثوها من آبائهم وأجدادهم يعكسون بها هوية الشعب الفلسطيني وأصالته وتجذره في أعماق أرضه.

"الإشاعات عن البطيخ ليست صحيحة، لأن البطيخ يفحص في الأراضي المحتلة سنة 1948م ومختبرات في غزة، والنتائج دائمًا سليمة" يضيف أبو عمرو، مستدركًا: "لكن حينما يُقطف البطيخ قد يعرضه البائع للشمس مدة طويلة فقد يفسد".

آخر قطفة

يستعد المزارع حسني حمدونة لقطف البطيخ الأحد القادم، وهو مطمئن إلى قدرته على تسويق المنتج؛ فحال البطيخ هذا العام "أفضل من السنة الماضية" من حيث الإنتاج والسعر؛ كما يقول.

على أرضه البالغة مساحتها 10 دونمات في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع، يستعد حمدونة لجني نحو 150 طنًّا من البطيخ، فالدونم الواحد ينتج سنويًّا نحو 15 طنًّا.

يعرفنا حمدونة أكثر إلى موسم زراعة البطيخ: "تزرعه من 15 شباط (فبراير) حتى أيار (مايو)، فيبدأ القطف حتى آب (أغسطس)، بعد هذا تحسب للبطيخ مدة 75 يومًا لتصريف المنتج، وإلا فقد يفسد".

لكن قبل الزراعة هناك عناية أخرى، يقول: "نشتري الشتل من مشاتل "البطيخ"، ونكون قد حرثنا الأرض ووضعنا السماد العضوي، وفرشنا النايلون على الأرض، ثم نزرع الشتل، ونضع بعض الأدوية المقاومة للديدان على مدار الموسم، لكن آخر 15 يومًا نوقف الأدوية حتى يكون البطيخ خاليًا منها".

"كل يوم يجب ري البطيخ في الموعد نفسه، فمثلًا إذا رويته بعد العصر يجب أن ترويه كل يوم في هذا الموعد، وكلما زاد حجم "البطيخة" زادت حاجتها للمياه؛ فكل يوم يحتاج إلى ريه أربع ساعات على مدار 75 يومًا، لكن آخر أسبوع نخفف ريه حتى تصل مدة الري إلى ساعة يوميًّا قبل القطف"، بهذا العرض المختصر يهتم المزارعون بـ"فاكهة الصيف".

العام الماضي مني حمدونة بخسارة كبيرة وهزة مفاجئة، بعدما أصاب الفيروس البطيخ، فاضطر إلى رمي وإتلاف إنتاج 24 دونمًا، لكنه "لم يحصل على تعويض"، بابتسامة تهكم على واقع الحال يضيف: "إحنا اللي ضاررنا السوق بنزرع وببيعوا "المخال" (450 كغم) بنحو 100 شيكل، وعندك أجرة عمال ومياه وسماد ... إلخ".

انطباع الناس

اشترى محمد نبهان بطيخة بحجم 11 كغم، وبعد أن قلبها وطرق بيده عليها عدة مرات بالطريقة التي تجعله يحدد أحلوة أم لا، وضع يده على قلبه خوفًا من أن يكون مذاقها مرًّا، فهو سيأخذها إلى رحلة عائلية مع والدته وخالاته وأخواله.

وصل نبهان إلى مكان الرحلة، ووضع البطيخة التي حملها بشق الأنفس أمام نظر الجميع على الطاولة على شاطئ البحر، تجمع حوله الأطفال، وما إن أخرج القطعة الأولى بعد قطعها بالسكين حتى ظهرت شديدة الاحمرار، ابتسم قلبه وهدأت مخاوفه، تناول أكثر من 25 فردًا من هذه البطيخة، وأثنوا على مذاقها الحلو واللذيذ.

كم مرة تناولت البطيخ وما انطباعك عن مذاقه هذا الموسم؟، سؤال وجهناه لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، فعلق (yousef ati): "بصراحة أكلته مرتين، أحسن مرة أذوقه بالـ5 سنين اللي فاتو"، تاليًا علق (محمد سرحان): "ممتاز جدًّا"، وأضاف في رده: "بس ما يسترخص ولا يشتري من عربات الكارو أبو 15 كغم بمية، يشتري من محل أو بسطة معروفة؛ للأمانة السنة كويس".

فحوصات مخبرية

بكر أبو حليمة تاجر مواد زراعية ومصدر توت لأوروبا وصاحب مشتل، يقول: "فكرة البطيخ المطعّم كانت معتمدة في الدول الأوروبية، كتطعيم الشمام والخضار والطماطم، وطبقت في غزة عام 2017م".

يضيف أبو حليمة لصحيفة "فلسطين": "نشتري من شركة إسرائيلية بذور البطيخ والشمام عامة، وحصلنا على عدة دورات بالشركة ودول أخرى ونقلنا التجربة إلى غزة، بتطعيم "القرع" مع البطيخ، القرع يسميه الناس والمزارعون هكذا، لكن النبتة نتاج (قرع وكوسا ويقطين) في بذرة واحدة".

فائدة التطعيم -وفقًا لقوله- جعلت البطيخ يتحمل الملوحة، فالمياه الجوفية في غزة مالحة، كذلك يجعله يتحمل جميع أمراض التربة، ويوفر على المزارعين الأدوية، ويزيد كمية إنتاج الدونم الواحد إلى 14 طنًّا في الموسم.

عن جودة البطيخ يتحدث: "البطيخ سليم 100%، ونفحصه بالمختبرات في الأراضي المحتلة سنة 1948م، العام الماضي أخذت عينات عشوائية من البطيخ، وفصحته هناك، وكانت النتائج جيدة"، مؤكدًا أن المواطن يأكل منتجًا سليمًا.

عنصر قوة

وفقًا لإفادة المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم بسيوني، إن البطيخ حقق اكتفاء ذاتيًّا بنسبة 100% منذ 10 أعوام، فلم يُستورد أي شيء من المنتج ضمن سياسة "إحلال الواردات"، وبجودة عالية، فضلًا عن رقابة الوزارة على المبيدات وفحص العينات أولًا بأول.

يقول بسيوني لصحيفة "فلسطين": "البطيخ من عناصر القوة للقطاع، لذلك ظهرت إشاعات حاولت النيل من المنتج المحلي، لكننا أثبتنا للجميع أن البطيخ سليم بالفحوصات المخبرية، فالموسم شارف على الانتهاء وهناك رضا غير مسبوق من الناس".

ويضيف عن الرقابة: "إن كثيرًا من المبيدات لا تُستخدم إلا بتصاريح مسبقة من وزارة الزراعة، فضلًا عن حملات إرشادية تنظمها، وإدخال أنظمة تطعيم الخضار؛ فكانت الزراعة على أصول مقاومة تحد من استخدام المبيدات بشكل كبير، إضافة إلى أنظمة متابعة المبيدات من المعبر وصولًا للمزارع".

ويتابع: "هناك رضا من المستهلك وهناك اكتفاء ذاتي، ولو فتحت لنا أسواق تسويقية لكان الإنتاج تضاعف، لأننا نزرع ما يمكن تسويقه ونحتاج له، وهذه قوة اقتصادية لقطاع غزة عامة".

تعمل وزارة الزراعة -وفقًا لحديث بسيوني- على تحديد مساحة المناطق المزروعة بالبطيخ بما يلائم الأسواق الحالية نظرًا لصعوبة التصدير، ويؤكد أن كل ما أشيع عن البطيخ "غير صحيح".

ويختم: "ننتج ما يحتاج له أبناء غزة، فضلًا عن أننا نتحدث عن تشغيل مزارعين وباعة ووسائل نقل، ولولا فيروس كورونا (كوفيد 19) لكن الموسم أفضل".

 

 

 

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين