قائمة الموقع

مدارس وهمية لتعليم السباحة.. أطفال يواجهون خطر الغرق

2020-07-07T13:15:00+03:00

على طول شواطئ قطاع غزة، وداخل المسابح التابعة للشاليهات الخاصة، ينتشر أفراد يطلقون على أنفسهم أصحاب مدارس وأكاديميات، لتعليم السباحة للأطفال والشباب والنساء، وغالبيتهم غير حاصلين على تراخيص تمنحهم حق التدريب وممارسة هذه المهنة، وهو ما يشكل خطراً على حياة المتدربين.

ولا تلتزم تلك "المدارس والأكاديميات" التي تنشر إعلانات لتعليم السباحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي باشتراطات السلامة المهنية، أو إجراءات التراخيص التي تطلبها الجهات المختصة في قطاع غزة، وفق ما رصدت "فلسطين".

وتبَيّن أن تلك "المدارس والأكاديميات" وهمية فقط عبر الأسماء التي تطلقها على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يوجد لها أي مقرات على الأرض، أو تسجيل لدى الجهات الرسمية، ولكن يتم إعطاء اللقاءات للمتدربين النظرية والعملية على شاطئ البحر، أو داخل المسبح، وهو ما يعد تجاوزاً للقانون.

ويعطي هؤلاء دورات للأطفال داخل البحر والمسابح دون اتباع إجراءات السلامة، أو دراسة ارتفاع مياه البحر أو الأمواج، أو وجود أي حقائب إسعافات أولية، وهو ما يعرض حياة المتدربين لخطر الغرق.

كذلك لا يلتزم القائمون على تلك الدورات البحرية سواء في البحر أو في حمامات السباحة المنتشرة بكثرة في قطاع غزة، بالوقت القانوني لبدء التدريب، الذي حدده جهاز الشرطة البحرية عند السادسة صباحاً، وحتى الساعة السابعة النصف مساءً، حيث يدرب هؤلاء الأطفال في أوقات تصل إلى ما بعد الساعة التاسعة مساءً.

ويعمل أصحاب "مدارس السباحة والأكاديميات" على جلب الأطفال والمتدربين من خلال نشر عشرات الإعلانات الممولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستهداف الأطفال والفتيات بشكل أساس، مع عرض أسعار للدورات التدريبية.

ولا يوجد أي بيانات رسمية لتلك المدارس والأكاديميات في وزارة الاقتصاد الوطني أو سجل تجاري لهم، وهو ما يؤكد عدم قانونيتها.

ويتولى الاتحاد الفلسطيني للسباحة والرياضات المائية وجهاز الدفاع المدني، وجهاز الشرطة البحرية التابع لوزارة الداخلية، متابعة تلك الجهات التي تدعي وجود مدارس وأكاديميات لها والسباحين الذين يعملون على تعليم السباحة، ومراقبة مدى التزامهم باشتراطات الأمن والسلامة، ومنح التراخيص اللازمة لهم.

محمد عبد الهادي مدير أكاديمية غزة للسباحة أكد أنه لم يحصل على التراخيص من الجهات الرسمية لمزاولة عمله، بسب ارتفاع تكاليف التراخيص، ولكنه يقول إن مدربي السباحة لديه محترفون، ومثلوا منتخب فلسطين في بطولات دولية.

ويوضح عبد الهادي في حديثه لـ"فلسطين" أن الأكاديمية الخاصة به لديها تعاقدات مع اتحاد موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وتعمل منذ سنوات في تدريب الأطفال على السباحة في برك مائية وداخل البحر.

ولم يُخفِ عبد الهادي وجود مدربي سباحة هواة وغير مؤهلين لتدريب السباحة وصيادين في شواطئ بحر قطاع غزة، وهو ما يهدد حياة هؤلاء المتدربين ويعرضهم لخطر الغرق.

اتحاد السباحة: المدارس غير حاصلة على موافقة للتدريب

اشتراطات التراخيص

ويضع الاتحاد الفلسطيني عددا من الاشتراطات لمنح التراخيص للأكاديميات الرياضية أبرزها إقرار مصدق من الجهات المختصة يثبت أن الهدف من إنشاء المؤسسة هو النشاط الرياضي، وأن رسالتها وأهدافها المعلن عنها لا تتعارض مع قانون الاتحادين الدولي والفلسطيني للرياضات المائية والأنظمة واللوائح المنبثقة عنه.

كما يُلزم الاتحاد أي أكاديمية رياضية قبل مزاولة عملها بوجود شهادة إثبات برأسمال المؤسسة موقعة حسب الأصول "ضمان بنكي"، ودراسة الجدوى الاقتصادية التي أعدت لإنشاء المؤسسة، مع بيان السير الذاتية للخبراء الاستشاريين (الفنيين) الذين ساهموا في إعدادها، وهو غير الموجود لدى الأكاديميات المنتشرة في قطاع غزة لتعليم السباحة.

ويجب أن تتضمن الأوراق التي تقدمها الأكاديمية، النظام التعليمي فيها، شاملًا نظام التدريب النظري والعملي، والاختبارات والتقييم، وشروط التسجيل والقبول وإنهاء الارتباط بالأكاديمية، والموازنة التقديرية لها، موضحا بها عناصر وبنود الإيرادات والمصروفات المتوقعة والرسوم الدراسية المقررة على الطلبة، واللوائح المالية والمحاسبية للأكاديمية.

كما يجب أن تشمل إجراءات الحصول على التراخيص مساحة الأرض والمنشآت التابعة للأكاديمية ونفقات التأسيس، ومخططات شاملة لأبنية الأكاديمية الإدارية والمرافق، وتتضمن المخطط التفصيلي لأبنيتها الإدارية ومرافق البنية التحتية والمكاتب وقاعة الطعام، مع توافر شروط السلامة العامة، واستيفاء الحد الأدنى للشروط والمعايير الفنية والإدارية.

وزارة الشباب والرياضة: لا يوجد قاعدة بيانات لمدارس السباحة

وزارة الشباب والرياضية وعلى لسان مدير عام الأندية محمد حلس، أكد أن وزارته ليس لديها أي قاعدة بيانات حول أي مدارس وأكاديميات لتعليم السباحة المنتشرة في قطاع غزة.

وأوضح حلس في حديثه لـ"فلسطين" أن وزارة الشباب والرياضة لم تمنح أي مدرسة أو أكاديمية تراخيص للعمل أو تعليم السباحة، ولكنها ستعمل على تصويب أوضاع المدارس العشوائية بالتعاون مع البلديات ووزارة الداخلية لأن هناك انتشارا كبيرا لها بشكل غير قانوني.

مدير عام وزارة السياحة الدكتور زكريا الهور أكد من جانبه أن وزارته ليس من اختصاصها منح أي تراخيص لمدارس تعليم السباحة أو السماح لهم بذلك، نافياً وجود علاقة بين قضية مدارس السباحة وبين الدورات التدريبية لتعلم السباحة في شاليهات مرخصة من وزارته.

مدارس عشوائية

محمود شمعة نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني للسباحة والرياضات المائية، يؤكد أن قطاع غزة تنتشر به الكثير من المدارس والأكاديميات العشوائية لتعليم السباحة من خلال إعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وبين شمعة في حديثه لـ"فلسطين"، أن جميع مدارس السباحة وما يتم إطلاقه باسم الأكاديميات في قطاع غزة غير حاصلة على تراخيص أو موافقة لإعطاء دورات في المسابح، أو حتى دخول البحر.

ويضع الاتحاد الفلسطيني للسباحة والرياضات المائية عددا من الاشتراطات قبل موافقته على إعطاء إفادة للمدرسة التي ترغب في تدريب السباحة أبرزها: وجود مقر لها، ووجود مدربين وخبراء حاصلين على شهادات في مجال التربية الرياضية، وشهادات معتمدة من الدفاع المدني.

ومن ضمن الاشتراطات التي يجب توافرها لدى المدارس أو الأكاديميات، وجود قواعد سليمة لها في تعليم الأفراد السباحة، ووجود حاضنة رسمية للمدرسة، تكون مرخصة من وزارة التربية والتعليم، أو مندرجة تحت مؤسسة رسمية، أو نادٍ رياضي مرخص من المجلس الأعلى للرياضة، بحسب شمعة.

كما يجب أن يكون لدى المدرسة أو الأكاديمية، حسب شمعة، جهاز فني مختص كمدربي السباحة، إضافة إلى ضرورة أن يكون هذا الجهاز سليماً صحياً لأنه يختلط بشكل مباشر مع المتدربين.

وتلزم اشتراطات الاتحاد حسب تأكيدات شمعة، وجود أماكن آمنة لتدريب الراغبين في تعلم السباحة، سواء في المسابح أو البحر الذي يجب أن يكون في مكان خالٍ من التلوث، وفي مياه نظيفة، مع توفير جميع أدوات الإنقاذ المعروفة.

ولا تلتزم المدارس الوهمية لتعليم السباحة، كما يقول شمعة، بالحد الأدنى من إجراءات السلامة، لذلك فإن الجهات الرسمية مطالبة بالقيام بمسؤولياتها والعمل على وقف عمل تلك المدارس العشوائية للحفاظ على سلامة المتدربين.

وحول ارتفاع تكاليف التراخيص والإفادة التي تحتاج إليها مدارس تعليم السباحة أو الأكاديميات، يوضح شمعة أنه لم تتوجه أي مدرسة لهم للحصول على إفادة، مفندًا أنه يتم تقديمها بالمجان.

وزارة الاقتصاد: لا يوجد أي تراخيص لمدارس السباحة

وزارة الاقتصاد الوطني أكدت أن جميع مدارس تعليم السباحة والأكاديميات غير مسجلة لديها، أو حاصلة على سجل تجاري، وفق الناطق باسمها عبد الفتاح موسى، وهو ما يؤكد عشوائية عمل تلك المدارس، وعدم قانونيتها.

غموض ومسؤولية

مدير عمليات جهاز الدفاع المدني رائد دهشان، أقر بعدم منح جهازه أي تراخيص لمدارس وأكاديميات تعليم السباحة سواء داخل البحر أو في برك السباحة المنتشرة في قطاع غزة، أو المدربين.

وأوضح الدهشان في حديثه لـ"فلسطين"، أنه يجب على مدارس تعليم السباحة أو الأكاديميات،  أو من يريد إعطاء دورة سباحة، أن يلتزم بعدد من المعايير والاشتراطات التي يضعها جهاز الدفاع المدني، وهو ما لا تلتزم به تلك المدارس والأكاديميات ومدربو السباحة.

وقال الدهشان: "المدارس الموجودة لتعليم السباحة والأكاديميات في غزة مستحدثة ويوجد غموض في إعطاء التراخيص لها، لذا ملفاتها على طاولة جهاز الدفاع المدني لتصويب أوضاعها والتأكد من التزامها بمعايير السلامة".

ولا يتحمل جهاز الدفاع المدني، حسب الدهشان، مسؤولية غرق أي من الأطفال الذين يتلقون تدريبات لدى المدارس أو الأكاديميات غير المرخصة.

البحرية: أوقفنا التدريب على البحر لحين الالتزام بالاشتراطات

الشرطة البحرية

الشرطة البحرية التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني وعلى لسان مديرها العقيد رامي نوفل أكد وجود ظاهرة انتشار المدارس العشوائية لتعليم السباحة والمدربين الهواة على شواطئ بحر قطاع غزة.

وأفاد نوفل في حديثه لـ"فلسطين" بأن الشرطة البحرية أصدرت قراراً بوقف جميع مدربي ودورات السباحة على الشواطئ بسبب عدم حصول أي منهم على تراخيص من الجهات الرسمية كجهاز الدفاع المدني.

وأوضح أن دور الشرطة البحرية في ملف مدارس السباحة والمدربين هو متابعة تنفيذ اشتراطات السلامة، وليس جهة ترخيص، إضافة إلى التأكد من السلامة الأخلاقية للمدربين، كونهم يتعاملون مع أطفال، كما قال.

وتضع الشرطة البحرية، حسب مديرها، مجموعة من الاشتراطات الواجب توافرها في دورات السباحة، أولها أن يكون مدرب الدورة حاصلاً على شهادة إنقاذ بحري معتمدة لدى الجهات الرسمية، وألا يزيد عدد أفراد الدورة الواحدة على 21 متدرباً تحت إشراف 3 مدربين، باعتبار 7 متدربين عند كل مدرب، وهذا كحد أقصى.

كما يشترط جهاز البحرية لإتمام دورات السباحة لدى المدارس والأكاديميات الحاصلة على التراخيص، ألّا يقل أعمار المتدربين عن 7 سنوات، وضرورة وجود طوافات عدد 2 على الأقل، وعجل إنقاذ واحد كحد أدنى، وتوافر حقيبة إسعافات أولية.

ويجب أن يتوافر مكان عمل آمن لعمل الدورة، في مناطق خالية من الصخور، وأمام أبراج الإنقاذ، كما يجب أن يكون وقت عمل الدورة في وضح النهار، تبدأ مع شروق الشمس (بعد الساعة السادسة) وتنتهي مع الغروب بعد الساعة (7:30).

ويلزم جهاز البحرية المدارس أو المدربين، بتوفير حسكة مجداف في مكان التدريب، وإبلاغ الشرطة البحرية أو العمليات المركزية في كل محافظة بخصوص الدورة، وتقديم الاسم الرباعي، والعمر، وجهة التنفيذ، وعنوانها سواء (مسجد أو مدرسة، أو حي، أو أصدقاء)، وعدد المتدربين، ومكان عمل الدورة، ووقتها، وموعد البدء والانتهاء، كذلك الالتزام بحالات إغلاق البحر، حسب الطقس أو الوضع الأمني.

نوفل أكد أن جميع المدارس والمتدربين لم ينفذوا تلك الاشتراطات التي وضعها الجهاز، لذلك أوقفت البحرية جميع دورات تدريب السباحة داخل البحر إلى حين التزام المدارس والمدربين بتلك الاشتراطات.

وكشف أن عناصر الشرطة البحرية أوقفوا أكثر من مدرب بسبب عدم التزامهم بالقرار الصادر بمنع تدريب السباحة لغير الحاصلين على تراخيص أو غير الملتزمين بالاشتراطات، ووقعوا على تعهدات بعدم التدريب قبل إتمامهم الإجراءات الرسمية المطلوبة.

وبيَّن أن هدف مدارس السباحة ربحي فقط ورغم ذلك لا يسعون للحصول على التراخيص اللازمة لاستمرار عملها بشكل قانوني، رغم أن ذلك غير مكلف، إضافة إلى أن جهاز البحرية لا يُحصِّل أي مبالغ مالية من أي مدرسة لتعليم السباحة.

اخبار ذات صلة