فلسطين أون لاين

في ظل المتغيرات المتسارعة

تقرير اقتصاديون: ضبابية تحيط بعمل المؤسسات المالية والمصرفية الفلسطينية

...
إغلاق متتابع لمدن الضفة الغربية بسبب تفشي فايروس كورونا (أرشيف)
غزة- رامي رمانة

رسم مراقبون اقتصاديون صورة قاتمة لما ستؤول إليه أحوال المؤسسات المالية والمصرفية الفلسطينية في ضوء التطورات التي تشهدها الضفة الغربية، وتحديدًا مساعي الاحتلال لضم أجزاء من الضفة الغربية، وحذروا من انهيار القطاع المصرفي من جراء تلك المتغيرات.

وأشاروا إلى أن السلطة بلا شك تمر بأزمة مالية خانقة تهدد وجودها وقدرتها على الالتزام المالي، وأنه ينبغي تفعيل شبكة الأمان العربية والبحث عن ممولين مناصرين للقضية الفلسطينية.

الاختصاصي الاقتصادي د. إبراهيم عوض، يرى أن حالة من الضبابية في قراءة الوضع المالي والاقتصادي للمؤسسات المالية والمصرفية الفلسطينية، في ظل التطورات السياسية الراهنة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، خاصة الضفة الغربية ومساعي الاحتلال لضم أجزاء منها.

وقال عوض لصحيفة "فلسطين": لا نستطيع التكهن في الوقت الراهن بحال المؤسسات المالية والمصرفية من بنوك وشركات وبوضع سلطة النقد إن أقدم الاحتلال على ضم أجزاء الضفة الغربية، فهل ستبقى تلك المؤسسات خاضعة للسلطة الفلسطينية أم ستذهب للاحتلال أم لجهة ثالثة وسيطة؟

وأشار عوض إلى أن الاحتلال قد يتدرج في الهيمنة على مناطق الضفة، الأمر الذي سينتهي بخضوع النظام المالي الفلسطيني لإمرته أو إشرافه تدريجيا، موضحًا أن الاحتلال غير معني في إثارة البلبلة، وإن كان هدفه أن يبقي السوق الفلسطيني مفتوحًا أمام منتجاته ونشاطاته وخدماته التجارية والمالية.

وبين أن الاستثمار بالضفة الغربية يعيش حالة ترقب لخطة الضم الإسرائيلية، بعد تراجعه بفعل تفشي جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن أسعار الأسهم ستتأثر بالمتغيرات السياسية أيضًا.

من جانبه يرى الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر أنه لم يعد سرا أن ما تمر به السلطة من أزمة مالية بات يهدد وجودها، مشيرًا إلى أن ذلك ناتج عن سياسات داخلية وخارجية.

وقال أبو عامر لصحيفة "فلسطين": إن العوامل الداخلية تتمثل في الإغلاق الشامل الذي ضرب الضفة الغربية بسبب جائحة كورونا واستمر لعدة أسابيع أثر في مدخولات السلطة المالية، من خلال توقف المشاريع التشغيلية وتوقف حركة الإنتاج في المصانع والشركات ما انعكس على حركة البيع والشراء حيث تراجعت قيمة الضرائب الداخلية والجمارك والمكوس بأكثر من 60% في الربعين الأول والثاني مقارنة بذات المدة من العام الماضي، يضاف لذلك تأثر الاقتصاد بتراجع المدخولات المالية بسبب توقف جزئي للعمالة الفلسطينية في الداخل المحتل.

وأضاف: "في العامل الخارجي وتحديدًا فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال كان قرار السلطة وقف استلام أموال المقاصة بمنزلة من يطلق النار على قدميه، فمن جهة تسبب هذا الرفض بارتفاع قيمة السلع في الأسواق بنسبة تزيد على 30% بسبب استمرار الاحتلال بتحصيل قيمة ضريبة القيمة المضافة التي تقدر بـ16٪ وعدم ضخ هذا المبلغ في الأسواق من خلال رواتب الموظفين".

نتائج صعبة

وبين أبو عامر أن هذه السياسات والفشل في إدارة السلطة لهذه الأزمة السياسية والاقتصادية والوبائية تسببت بوضع مالي صعب للسلطة.

وقال: النتيجة الأولى هي انسداد الأفق بالوصول لأي حل أو تسوية فيما يخص أموال المقاصة إذا أصرت السلطة على موقفها برفض استلامها تنفيذًا لقرار قطع العلاقات، النتيجة الثانية تتمثل بارتفاع تكلفة الاقتراض من البنوك المحلية والدولية وعدم وجود ضمانات بقدرة السلطة على سداد هذه القروض لأن الإيرادات الداخلية غير المقاصة بالكاد تصل إلى ٢٠٠ مليون شيكل.

والنتيجة الثالثة -حسب أبو عامر- تتمثل بعدم وجود ضمانات بتحصيل السلطة لإيرادات خارجية من الدول المانحة، وهذا يقود إلى سيناريوهات صعبة وقاتمة للسلطة خلال الأشهر القادمة، حيث ستبقى السلطة تحت ضغط زائد بقلة الإيرادات المحصلة وارتفاع النفقات.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس: إن السلطة تواجه في الوقت الراهن تحديات كبيرة وخطيرة تتمثل في الأزمة المالية الحادة التي تعانيها بسبب حجز إيرادات المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي، وتراجع الأوضاع الاقتصادية بسبب القيود على الأنشطة الاقتصادية لمنع انتشار جائحة كورونا وما ترتب على ذلك من تراجع حاد في الإيرادات العامة بنسبة تراوحت 60-70 %، إضافة إلى ذلك تراجعت المنح والمساعدات الخارجية بسبب التهديدات الأمريكية للجهات المانحة والدول العربية بفرض عقوبات وحصار مالي على الدول التي ستقدم الدعم والمساعدات للحكومة الفلسطينية لتمرير المخطط الإسرائيلي لضم منطقة الأغوار.

وأضاف حلس لصحيفة "فلسطين": إن تلك التحديات أدت إلى تأخر الرواتب نتيجة عدم قدرة الحكومة على تأمين فاتورة الرواتب للموظفين العموميين، وكذلك رواتب الشهداء والجرحى والأسرى، وكذلك عدم القدرة على صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية، ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية وعدم توفر السيولة النقدية وتسببت في حالة كساد غير مسبوقة في الأسواق التجارية نتيجة عدم توفر السيولة النقدية مع المواطنين لشراء الاحتياجات الضرورية".