يترقب الفلسطينيون الموعد المفترض لإعلان حكومة الاحتلال الشروع في تطبيق خطة الضم في الضفة الغربية، بناء على سيناريوهات متعددة، أقلها الضم الرمزي، وأخطرها ضم نحو 30 في المئة من الضفة الغربية، في حين يبدو المشهد الفلسطيني مرتبكا أمام حسابات القيادة الإسرائيلية، التي لم تسمح بإخراج المشهد النهائي حتى ساعة الصفر.
وأمام ضبابية المشهد يبقى الترقب والتوقع لردود الفعل الفلسطينية في الساحات الرئيسة، الضفة الغربية وليس بعيدا عنها غزة، متعدد الأوجه، ومن مختلف الاتجاهات الفلسطينية الرئيسة الفاعلة سواء فتح والسلطة من جانب، وحماس وفصائل المقاومة من جانب آخر. ويبقى السؤال الأهم: كيف سيكون رد الفعل الفلسطيني، ومن أين سيبدأ؟ من انتفاضة جديدة، أو هبّة شعبية محدودة، وصولا إلى حرب أو مواجهة عسكرية؟
وفي ثنايا الإجابة على هذا السؤال، يتضح أن رد الفعل الفلسطيني سيعتمد على السلوك والإخراج الإسرائيلي لمشروع الضم بناء على المعطيات التالية:
- الشروع بضم 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وفق ما هو وارد في رؤية ترامب.
- تأجيل الضم لمدة زمنية قصيرة قد تصل إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، ودعوة الفلسطينيين للمفاوضات على أساس رؤية ترامب.
- إقدام حكومة الاحتلال على ضم جزئي ورمزي، ومن ثم دعوة الفلسطينيين للمفاوضات.
- فشل الحكومة الإسرائيلية في الاتفاق على آلية الضم، والذهاب إلى انتخابات كنيست جديدة، تشير الاستطلاعات إلى أن الليكود سيحصل فيها على أكثر من 40 مقعدا، ما يعني أن الضم سيتأخر إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، وسيكون مرتهنا بنتائجها.
وأمام السيناريوهات السابقة سيتحدد رد الفعل الفلسطيني في اليوم التالي لأي قرار إسرائيلي، بالاعتماد على التوقعات التالية:
- هدوء نسبي مع بعض الفعاليات الشعبية التي ستجري تحت رقابة وسيطرة أجهزة امن السلطة في الضفة، بينما ستكون في غزة فعاليات تضامنية.
- اشتباكات وتظاهرات على الحواجز ومواقع الاحتكاك مع المستوطنين، مع عمليات طعن ودهس وإطلاق نار فردية، تتطور إلى هبة أو موجة تمتد على مدار أسبوع إلى شهر ثم تتراجع حدتها تدريجيا.
- وقف السلطة الفلسطينية عملها الأمني بالكامل في مناطق الضفة، ومن ضمن ذلك تسليم الأسلحة التي دخلت لمناطق الضفة بموجب اتفاقية السلام، وهو ما من شأنه أن يفتح باب مواجهة كبيرة بين جيش الاحتلال وسكان الضفة.
- خروج الشارع عن السيطرة، خاصة وأن الأمور الميدانية في المناطق الفلسطينية مرشحة لمزيد من تصعيد عمليات المقاومة الشعبية التي دعت إليها جميع القوى، والتي ستجد دعما من قيادة فتح، وقد تتدحرج الى صدام بين قوات الأمن الفلسطينية ومجموعات مسلحة، على غرار ما كان الوضع عليه في بدايات انتفاضة الأقصى.
وبناء على سيناريوهات الإخراج الإسرائيلي وتوقعات رد الفعل الفلسطيني، تشكل السلطة الفلسطينية بيضة القبان في المشهد، حيث لا تزال تختبئ خلف قرارات وتصريحات قيادتها التي لا تزال محصورة في خيارات تتركز حول:
- تحويل السلطة إلى دولة تحت الاحتلال، وتشكيل مجلس تأسيسي وإقرار دستور للدولة، رغم أن ذلك لن يغير من الواقع الحالي شيئا، بل سيزيده تدهورا فهي في النهاية دولة تحت الاحتلال.
- التوهم أن الاحتلال سيضطر مجبرا إلى تأجيل الضم، وستعتبره السلطة انتصارا كبيرا، بحيث تستخدمه قيادة المقاطعة كذريعة لاستئناف المفاوضات، بحجة أنها ستكون على أساس الشرعية الدولية، وأن من مصلحة الفلسطينيين المشاركة فيها لكسب الوقت حتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، والرهان على فوز جو بايدين في الانتخابات الأمريكية.
وعلى أية حال، ننتظر الدخان الأسود من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ليبدأ فصلٌ جديدٌ من الصراع الفلسطيني الصهيوني على الهوية والوجود.