عدّ مختصان بالشئون الأمنية إطلاق المقاومة الفلسطينية دفعة من الصواريخ التجريبية عشية مطلع شهر يوليو، الرسالة الأقوى لثني سلطات الاحتلال عن المضي لتنفيذ خطة الاستيلاء على (30%) من مساحة الضفة الغربية، مؤكديْن أن الاحتلال جرب المقاومة بغزة مرارًا ويدرك حجم التأثير الذي ستحدثه في أي جولة من جولات الصراع.
وأطلقت كتائب عز الدين القسام، فجر الأول من يوليو/ تموز الجاري قرابة (24) صاروخًا تجريبيًّا تجاه البحر في خطوة عدها مراقبون رسالة واضحة لدولة الاحتلال بعد أقل من أسبوع على تحذير الذراع العسكري لحركة حماس من أن سرقة مساحة واسعة من أراضي الضفة يعني "إعلان حرب".
المقاومة حاضرة
المختص الأمني محمد أبو هربيد بين أن حجم الصواريخ وتوقيتها له دلالة مرتبطة بمشروع الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية والأغوار، فالمقاومة تريد أن تقول للجميع بما فيهم الاحتلال أنها حاضرة وموجودة بقوة وأنها مستمرة في تطوير أدواتها وجاهزة للتعامل مع أي حدث يمكن أن يجري على الأرض سواء كان له علاقة بالضم أو غيره.
وبين أن هذا الإطلاق يؤكد أن المقاومة الفلسطينية تحافظ على تطوير قدراتها وإمكانياتها ومراكمة القوة، "وهي ترسل رسالة للفلسطينيين بشكل عام أن المقاومة هي البوصلة لمواجهة مخطط الضم خاصة أن الموقف الرسمي الفلسطيني ممثلًا بالسلطة غير واضح ميدانيًّا ومتراخٍ سياسيًّا".
واستدرك بالقول: "الاحتلال يدرك أن تصرفات المقاومة العملية على الأرض كإطلاق يحمل دلالة بقدرة تلك الصواريخ على الوصول لمسافات طويلة حاملة رؤوسًا متفجرة بتقنيات نوعية".
ولفت أبو هربيد إلى أن المقاومة ترسل رسالة للفلسطينيين بأنها لن تكتفي بالتنديد والاستنكار الإعلامي "بل هناك قوة موجودة يمكن أن تقلب الطاولة"، مضيفا أنه يحمل رسالة للخارج خاصة الدول التي أظهرت إعلاميًّا أنها ضد قرار الضم بأن عليها التصرف سياسيًّا والضغط على الاحتلال للتراجع عن هذا المشروع "وإلا ستدخل المنطقة في جولة عسكرية ستكون أصعب من أي جولة أخرى في حال السكوت على الضم".
ولفت إلى أنه ومنذ ظهور الناطق العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، تحدث إعلام دولة الاحتلال عن خطوط حمراء في غزة وأن موقفها من مشروع الضم سيشكل عائقًا أمام تنفيذه.
ورأى أبو هربيد أن تصريح القسام "خلط الأوراق فاختلف سلوك الاحتلال من موضوع الضم على اعتبار أن غزة هي المؤثرة الأكبر من بين أي موقف آخر، وقد تكون أحد أهم العوامل التي تؤدي لتأجيل أو تردد الاحتلال في تنفيذ الضم أو عدم إعلانه بشكل صريح".
ويعتقد المختص بالشؤون الأمنية أن دخول المقاومة بغزة في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال يعني بالنسبة لـ(إسرائيل) نبش عش من الدبابير بمعنى أن المشهد سيؤثر في الضفة الغربية وهو الأخطر بالنسبة لحكومة نتنياهو التي تحاول منذ فترة الوصول لتفاهمات تضمن هدوء القطاع وإرضاءه بإبرام أي تهدئة معه من خلال "صفقة أسرى أو تفاهمات أو تسهيلات".
لن تقبل بالضم
في حين رأى المختص بالأمن القومي إبراهيم حبيب أن المقاومة أوصلت بالتجربة الصاروخية رسالة لدولة الاحتلال بأنها لن تقبل بعملية الضم أو تضييع الحقوق الفلسطينية بالضفة الغربية، وأن الضفة وغزة وحدة جغرافية وسياسية واحدة وأن القطاع المحاصر لن يترك الضفة منفردة بمواجهة الاحتلال.
ولفت إلى أن الصواريخ التجريبية تمثل حالة مستمرة لبناء قدرات المقاومة وتطويرها ضمن حالة الإعداد والتجهيز لأي مواجهة قادمة، مؤكدًا أن رسالة أبو عبيدة قبل عدة أيام أخذت مفاعيلها في الساحة السياسية الإسرائيلية "وقد نشهد في الأيام القادمة تأثيرها على القرار السياسي الإسرائيلي تجاه موضوع الضم، ولربما لمسنا ذلك بإعلان بيني غانتس بشكل واضح أن المواعيد ليست مقدسة ومن الممكن تأخير تنفيذ الضم".
واستدرك حبيب بالقول: "لكن تبقى الحسابات السياسية هي سيدة الموقف، فالجميع يقف على حافة الهاوية، المقاومة تقف مترصدة مسلحة بقرار وحدوي لجميع الفصائل الفلسطينية ويكاد يكون ذلك للمرة الأولى وهذا يحمل رسالة قوة وتحد للاحتلال".
وقال: "موقف المقاومة قوي في ظل عدم وجود ردة فعل عربية، وضعف موقف السلطة والمواقف الدولية التي جاءت على استحياء من خلال الحديث عن تضييع فرص إقامة دولة فلسطينية وتحقيق السلام، وهو أمر يتعارض مع رؤية (إسرائيل) وإدارة ترامب التي لا تعير أي انتباه لتلك المواقف العاجزة والتي هي برأيي جعجعات إعلامية ليس أكثر".