فلسطين أون لاين

وسط غياب الحماية القانونية

تقرير بعد تبليغهما عن شبهة فساد.. موظفتان في "الدستورية" تتعرضان للملاحقة القانونية

...
غزة- محمد أبو شحمة

بعد شهور من تقديم الموظفتين في المحكمة الدستورية العليا؛ مروة فرح ودعاء المصري، شكوى حول شبهات فساد في هيئة مكافحة الفساد، ووعود حصولهما على الحماية القانونية، عادت النيابة العامة في رام الله إلى ملاحقة الموظفتين وإخضاعهما للتحقيق من جديد، وهو ما يعرضهما لخطر الاعتقال وفقدان وظيفتهما.

ولم تصدق هيئة مكافحة الفساد في حماية الموظفتين بعد تبليغهما رسميًّا بوجود قرار حمايتهما، وهو ما سيشكل حالة من الخوف لدى عموم الموظفين، ويمنعهم من التبليغ عن أي شبهة فساد في مؤسساتهم خشية اعتقالهم أو فقدانهم وظيفتهم.

وجاء التحرك من خلال رئيس المحكمة الدستورية العليا محمد الحاج قاسم، الذي رفع كتابًا إلى النائب العام بالضفة الغربية أحمد براك طالب فيه بتشكيل لجنة تحقيق بحق الموظفتين، إذ طالب "بالإيعاز بما يلزم من المحكمة الدستورية العليا لتأمين فرح والمصري إلى سرايا نيابة رام الله من أجل اتخاذ المقتضى القانوني بحقهما".

وعلمت "فلسطين" من مصادر قانونية أن مثول فرح ودعاء، أمام النيابة العامة في رام الله، قبل أيام، جاء في إثر شكوى قدمها رئيس المحكمة الدستورية العليا وأحد العاملين فيها، واصفة تلك الشكوى بــ"الكيدية".

وخلال الشهور التي أعقبت تحرك الموظفتين، تعرضتا إلى الكثير من الإجراءات التعسفية وسوء المعاملة من مديرهما في العمل، عقابًا على تبليغهما عن شبهات الفساد، كان آخرها قيام رئيس المحكمة الدستورية بإصدار عقوبة ضد الموظفتين بدعوى خروجهما من العمل دون إذن وهو الوقت الذي ذهبن فيه إلى النيابة العامة.

وتؤكد الموظفتان وفق وثائق أنهما تعرضتا لوابل من الإجراءات والقرارات الإدارية التعسفية وسوء المعاملة، وآخرها تشكيل لجنة تحقيق خارجية بحقهما، بعد توجههما إلى هيئة مكافحة الفساد والتبليغ عن مخالفات إدارية ومالية تصل إلى شبهات فساد في المحكمة الدستورية العليا.

وبينّت الموظفتان أن هيئة مكافحة الفساد أبلغت بصدور قرار حماية قانونية لهما، ولكن لم ترسل الهيئة نسخة من الكتاب، واكتفت بالتبليغ عبر الهاتف شفهيًّا.

حماية قانونية ووظيفية

وأكد المحامي في فريق "محامون من أجل العدالة"، ظافر الصعايدة، أنه يحق لأي موظف في مؤسسة رسمية التبليغ عن شبهة فساد، مع توفير هيئة مكافحة الفساد الحماية القانونية له.

وقال الصعايدة في حديثه لصحيفة "فلسطين": "مثول المبلغتين عن شبهات فساد في المحكمة الدستورية أمام النيابة العامة في رام الله، على خلفية تبليغهما عن شبهة فساد، مخالف للأصول، والقانون والاتفاقات الدولية".

وأوضح أنه إذا ثبت وجود فساد في القضية التي شهدت المبلغتان عليها، فذلك لا يعد تشهيرًا أو ذمًّا.

ولفت إلى أن نظام حماية المبلغين عن الفساد يضمن حماية المبلغين والشهود، مع توفير مرجعية قانونية ومؤسسية تضمن تشجيع الأشخاص على الإبلاغ عن جرائم الفساد، وتوفير وسائل وإجراءات عملية تساعد في الكشف والإبلاغ عن جرائم الفساد.

وأشار إلى أن النظام كذلك يوفر الحماية القانونية والوظيفية والشخصية للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم من أي اعتداء جسدي ومالي أو انتقام أو ترهيب محتمل.

وأوضح الصعايدة أنه وفقًا للمادة (3) من النظام، فإن الهيئة توجِد وحدة تسمى (وحدة حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم) تتبع رئيس الهيئة مباشرة، ويكون لها موازنة خاصة ضمن موازنة الهيئة.

وتتولى وحدة الحماية دراسة طلبات توفير الحماية الوظيفية والقانونية والشخصية للأشخاص المشمولين بها وفقًا لأحكام القانون بعد إحالتها من رئيس الهيئة ودراستها لتقييم التهديد والمخاطر ذات الصلة وإحالتها على رئيس الهيئة للبت فيها.

وتوفر هيئة مكافحة الفساد تلقي طلبات التبليغ من الأشخاص الراغبين في عدم الكشف عن هوياتهم من المبلغين والمخبرين ودراستها ورفعها للرئيس للبت فيها، وإعادة تقييم قرارات منح الحماية دوريًّا للأشخاص الذين صدر قرار بتوفيرها لهم وفقًا لأحكام هذا النظام.

كما تضمن الهيئة إخفاء بيانات طلبات توفير الحماية التي قد تؤدي إلى كشف هوية طالب الحماية واستبدالها برموز خاصة، وإبلاغ الرئيس فور وقوع أي اعتداء على أي من الأشخاص المشمولين بالحماية أو تعرض أي منهم لتهديد وإحالة الأمر لنيابة مكافحة الفساد المتخصصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنهم وسلامتهم، وإجراء الدراسات والبحوث اللازمة لتطوير وسائل توفير الحماية وإجراءاتها.

وأكد المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، بلال البرغوثي، أن نظام حماية المبلغين عن الفساد، نصّ بوضوح على توفير حماية لكل من يبلغ عن أي شكل من أشكال الفساد، سواء الواسطة، أو الرشوة.

وقال البرغوثي لصحيفة "فلسطين": "يمكن لأي موظف أو مواطن أن يقدم بلاغًا إلى هيئة مكافحة الفساد، في حال تعرض لأي تهديد على حياته أو أسرته، أو تهديد وظيفي بعد أن بلغ عن مسؤوله أو وزيره".

ولفت إلى أن هيئة مكافحة الفساد وبموجب قانون الهيئة يحق لها إلغاء قرارات إدارية صادرة عن القضاء ضد مبلغين عن الفساد، إذا ثبت وجود فساد في القضية التي بلغوا عنها.