فلسطين أون لاين

​شغوفة بعلم الفلك

ميسون والقمر.. عن قُرب

...
غزة - أدهم الشريف

معظم الناس لم يسمع أبدًا بالغزاوية ميسون زكريا أبو حميد، الحاصلة على شهادة الثانوية العامة فقط، لكن عشرات الآلاف يعتمدون على صفحة تديرها عبر موقع "فيس بوك" لمعرفة أخبار علم الفلك.

ميسون الأم لأربعة أطفال، وتبلغ من العمر (38 عامًا)، استطاعت خلال عام واحد تحصيل آلاف المتابعين لصفحتها، وتمضي ساعات طويلة في متابعة هذا العلم الواسع.

ولم يكن شغفها وحبها لعلم الفلك وليد اليوم، بل اعتادت ميسون منذ طفولتها على التأمل فجرًا بالنجوم والقمر.. وتسأل نفسها: تُرى بإمكاني الوصول إلى هناك؟ فكيف ومتى؟ دون أن تعرف آنذاك أن روَّادًا وصلوا الفضاء وحققوا اكتشافات رائعة في هذا المجال.

تمضي الأيام بميسون ويزداد شغفها بعلم الفلك، وتشاء الأقدار أن يُعلن عقد قرانها وبعد ذلك تكتفي بدراسة الثانوية العامة لتراكم مسؤوليات الحياة عليها.

إلا أنها لم تتأخر للحظة عن متابعة مستجدات الفلك واكتشافاته حتى اتصلت بها شقيقتها في أحد أيام الأشهر الأولى من عام 2013.

"عندي إلك خبر حلو" قالتها دنيا لشقيقتها ميسون.. لم تتوقع للحظة أن غزة باتت تحتضن أول تلسكوب أُدخل إليها من خلال عالم الفلك الفلسطيني الدكتور سليمان بركة، الذي يرأس مركز أبحاث علوم الفلك والفضاء ومقره جامعة الأقصى بغزة.

"لحظتها، لم أصدق ولم أتمالك نفسي. شعرت أنني كطفلة صغيرة اشترى لها والدها ملابس ولعبة العيد.."، تحدثت ميسون عن ذلك الموقف لـ"فلسطين" وابتسامة تملأ وجهها.

"وجود التلسكوب في غزة، أثر فيَّ كثيرًا، فلم أتوقع أن أرى يومًا ما كوكبًا، أو أطالع سطح القمر ورؤية بعض تفاصيله عن قرب، فشعوري لا يوصف بوجوده في غزة".

وشاركت ميسون في أول فعالية رصد عبر التلسكوب، ويومها تعرفت على مختصين ومهتمين بهذا الموضوع، كان من بينهم البروفيسور بركة.

وأشارت إلى أنها انضمت لنادي هواة الفلك بغزة، وهو ينظم محاضرات وفعاليات تهدف للتعريف بالعلم.

واستطاعت تأسيس صفحة عبر "فيس بوك"، تحت عنوان (علم الفلك -Astronomy Science)، حصلت على إعجاب أكثر من مئة ألف متابع خلال أقل من عام، كما تقول.

وأضافت: أتابع أخبار علم الفلك أولًا بأول، ولا أضيع أي معلومة تنشرها وكالة "ناسا"، وأترجمها وأنشرها على الفيس، وسعيدة جدًا بذلك.

ليس تنجيمًا

وتابعت: "مجتمعنا جاهل فلكيًا، والكثير حينما يعرفون أنني مهتمة بالفلك يسألونني مباشرة عن الأبراج وما شابه، وعلم الفلك لا علاقة له بعلم التنجيم والتوقعات.. ما أتمناه أن ينتشر هذا العلم في مجتمعنا بغزة".

وتلبية لطموحاتها بالوصول إلى العالمية، واصلت البحث والتعرف على علوم الفلك واستفادت خبرات لا بأس بها، وحاولت التواصل مع وكالة "ناسا" أكثر من مرة، مستفيدة من تشجيع زوجها وعائلتها.

ولاحقًا، حصلت على شهادات تقدير، كان أبرزها من اتحاد الفلك الدولي- باريس؛ ومركز أبحاث الفلك والفضاء، والجامعة الإسلامية (فرع الجنوب)، وإدارة منطقة رفح التعليمية في وكالة الغوث الدولية، ومديرية التربية والتعليم قسم الإشراف والتأهيل التربوي (شرق غزة).

مشاركات وفعاليات

ولاحظ البروفيسور بركة مدى اهتمام ميسون بالفلك، وحرصها على المشاركة في فعاليات الرصد عبر التلسكوب، فقرر مكافأتها بمحنها فرصة لتقديم محاضرة عن النظام الكوكبي الذي يتكون من الشمس وجميع ما يدور حولها بما في ذلك الأرض والكواكب الأخرى.

يومها، وقفت أمام أكاديميين وطلبة وقلبها يخفق بعنف.. فهذه التجربة الأولى لها، ونجحت في تقديم معلومات حول المجموعة الشمسية، فصفق لها الحضور وهتفوا لها "برافوو"، وهي تنسحب بهدوء من أمامهم وتحدث نفسها: سأصل وكالة ناسا، سأصلها.