التنمّر عبر الإنترنت هو التنمّر باستخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل، ومنصات الألعاب الإلكترونية، والهواتف الخلوية.
والتنمر سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم؛ وفق ما يورده الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" في تقرير عن التنمر عبر الإنترنت.
ويضرب الموقع أمثلة عليه منها: نشر الأكاذيب أو صور محرجة لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي، وإرسال رسائل مؤذية أو تهديدات عبر منصات التراسل، وانتحال شخصية أحد ما وتوجيه رسائل دنيئة للآخرين باسمه.
وكثيراً ما يحدث التنمّر الشخصي والتنمّر عبر الإنترنت متزامنين. بيد أن التنمّر عبر الإنترنت يترك بصمة رقمية — أي سجلاً يمكن أن يكون مفيداً وأن يوفر دليلاً من أجل إيقاف الإساءات.
الفرق بين المزاح والتنمر
من عادة الأصدقاء أن يمزحوا مع بعضهم، ولكن أحياناً من الصعب أن نحدد ما إذا كان شخص ما يمزح أم يسعى إلى التسبب بالأذى، خصوصاً على الإنترنت. وأحياناً قد يضحك هذا الشخص من الأمر برمته ويقول "كنت أمزح فقط" أو "لا تأخذ الأمور بجدية زائدة".
ولكن إذا كنت مبتئساً أو كنت تعتقد أن الشخص الآخر يضحك عليك بدلاً من أن يضحك معك، فحينها تكون المزحة قد تجاوزت حدودها. وإذا استمر الأمر بعد أن تطلب من الشخص التوقّف، وإذ بقيت تشعر بالانزعاج بهذا الشأن، فحينها قد يكون الأمر تنمّراً عبر الإنترنت.
وعندما يحدث التنمّر عبر الإنترنت، فقد يؤدي إلى اهتمام غير مرغوب من عدد كبير من الناس، بمن فيهم غرباء.
إن إيقاف التنمّر عبر الإنترنت لا يتعلق فقط بالكشف عن المتنمّرين، فهو يتعلق أيضاً بإدراك أن جميع الأشخاص يستحقون الاحترام — على الإنترنت وفي الحياة الواقعية.
تأثيرات التنمر
عندما يحدث التنمّر على شبكة الإنترنت يبدو الأمر وكأنك تتعرض للاعتداء في كل مكان، حتى داخل بيتك، ويبدو الأمر وكأنه لا سبيل إلى النجاة. ويمكن أن تستمر التأثيرات لمدة طويلة وأن تؤثر على الشخص بطرق عديدة:
عقلياً — الشعور بالانزعاج، أو الحرج، أو أن الشخص ساذج، أو حتى الغضب.
عاطفياً — الشعور بالخزي أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي تحبها.
بدنياً — الشعور بالتعب (الأرق)، أو المعاناة من أعراض من قبيل المغص والصداع.
وعندما يشعر المرء بأن الآخرين يضحكون منه أو يضايقونه، فيمكن أن يمنعه ذلك من الدفاع عن نفسه أو السعي لمعالجة المشكلة.
يمكن للتنمّر عبر الإنترنت أن يؤثر علينا بطرق عديدة، ولكن يمكن التغلب على هذه التأثيرات ويمكن للضحايا أن يستعيدوا صحتهم وثقتهم بأنفسهم.
مع من تتحدث؟
إذا كنت تعقد بأنك تتعرض للتنمّر، فإن الخطوة الأولى هي السعي للحصول على مساعدة من شخص تثق به، من قبيل أحد الوالدين أو أحد الأقارب المقرّبين، أو شخص بالغ آخر تثق به.
وفي مدرستك، يمكنك أن تتحدث مع المرشد الاجتماعي، أو المدرب الرياضي، أو معلمك المفضّل.
وإذا لم تشعر بالراحة للتحدث مع شخص تعرفه، ابحث عن مرشد اجتماعي محترف.
وإذا كان التنمّر يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، فينبغي أن تفكّر في حجب الشخص الذي يمارس التنمّر والإبلاغ عن سلوكه إلى موقع التواصل الاجتماعي المعني، فشركات مواقع التواصل الاجتماعي مُلزمة بالمحافظة على سلامة المستخدمين.
وقد يكون من المفيد أن تجمع أدلة — من قبيل رسائل نصية أو صورة عن شاشة الكمبيوتر تتضمن المواد المسيئة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي — بغية توضيح ما حدث.
وإذا أردنا إيقاف التنمّر، من الضروري تحديده والإبلاغ عنه. وقد يكون من المفيد أيضاً التوضيح للمتنمّر بأن سلوكه غير مقبول.
وإذا كنت تواجه خطراً وشيكاً، فحينها عليك الاتصال بالشرطة.
الخوف من الإبلاغ
إذا كنت تتعرض للتنمّر عبر الإنترنت، فإن أحد أهم الخطوات الأولى التي بوسعك القيام بها هي التحدّث مع شخص بالغ تثق به — شخص تشعر بالأمان عند التحدث معه.
إن إبلاغ الوالدين ليس أمراً سهلاً للجميع. ولكن ثمة أمور يمكنك القيام بها للمساعدة في بدء الحوار. اختر وقتاً للتحدث عندما تعلم أنك ستحصل على انتباه كامل من والديك. اشرح مدى جدية المشكلة بالنسبة لك. وتذكّر أن والديك ربما لا يعرفان الوسائل التقنية بقدر معرفتك أنت بها، لذا فقد يتعين عليك مساعدتهما في فهم ما يحدث.
ربما لا يكون لديهما إجابة فورية لك، ولكن من المرجّح أنهما يريدان المساعدة، ويمكنكم معاً أن تجدوا حلاً. فتشاورك مع أشخاص آخرين هو دائماً أفضل من سعيك للعثور على حل بمفردك! وإذا كنت لا تزال غير متأكد مما عليك القيام به، فكّر في التواصل مع أشخاص موثوقين آخرين. وعادة ما يوجد أفراد آخرون يهتمون بشأنك ومستعدون لمساعدتك، وعلى قدر أكبر مما تظن.
مساعدة الأصدقاء
يمكن لأي شخص أن يقع ضحية للتنمّر عبر الإنترنت. وإذا رأيت ذلك يحدث لشخص تعرفه، حاول عرض المساعدة.
من المهم أن تستمع إلى صديقك. فلماذا لا يريد الإبلاغ عن تعرضه للتنمّر عبر الإنترنت؟ وكيف يشعر؟ واخبره بأنه ليس مضطراً للإبلاغ رسمياً عن أي شيء، ولكن من الضروري أن يتحدث لشخص ما يمكنه تقديم المساعدة.
تذكّر أن صديقك ربما يشعر بالضعف، فكن لطيفاً معه، وساعده على التفكير بما يمكنه قوله ولمَن. واعرض أن ترافقه إذا ما قرر الإبلاغ عن الأمر. والأمر الأهم، ذكّره بأنك تدعمه وأنك تريد المساعدة.
وإذا ظل صديقك غير راغب في الإبلاغ عن الحادثة، فحينها ساعده في تحديد شخص بالغ يثق به يمكنه أن يساعد في التعامل مع الوضع. وتذكّر أن عقبات التنمّر عبر الإنترنت قد تهدد الحياة في بعض الأوضاع.
إن عدم القيام بشيء قد يُشعر الشخص بأن الجميع ضده أو أن لا أحد يهتم بأمره. ومن الممكن لكلماتك أن تحقق فرقاً حقيقاً.
إيقاف التنمر
ثمة فوائد عديدة لاستخدام الإنترنت. ومع ذلك، ومثل العديد من الأشياء في الحياة، ينطوي هذا الاستخدام على مخاطر يتعين عليك حماية نفسك منها.
إذا تعرضتَ لتنمّر عبر الإنترنت، فقد ترغب بحذف بعض التطبيقات أو التوقف عن استخدام الإنترنت لمدة معينة لتتيح لنفسك التعافي مما مر بك. بيد أن التوقف عن استخدام الإنترنت ليس حلاً طويل الأجل. وأنت لم ترتكب أي خطأ، فلماذا يتعين عليك أن تفقد شيئاً ما؟ وقد يمثل ذلك رسالة خاطئة للمتنمّرين — ويشجع سلوكهم غير المقبول.
نحن جميعاً نريد أن يتوقف التنمّر عبر الإنترنت، وهذا أحد أسباب أهمية الإبلاغ عن التنمّر عبر الإنترنت. بيد أن إقامة الإنترنت التي نريدها يتجاوز مجرد مواجهة المتنمّرين، فعلينا أن نتوخى الحرص فيما نشاركه أو نقوله مما قد يسبب الأذى للآخرين. وعلينا أن نعامل الآخرين بلطف على الإنترنت وفي الحياة الواقعية، والأمر يتوقف علينا جميعاً.
استخدام المعلومات الشخصية
فكّر مرتين قبل أن تنشر أو تشاطر أي شيء على شبكة الإنترنت — فقد يظل موجوداً على الإنترنت إلى الأبد ويمكن أن يُستخدم لإيذائك لاحقاً. لا تعط أي تفاصيل شخصية من قبيل عنوانك أو رقم هاتفك أو اسم مدرستك.
تعرّف على إعدادات الخصوصية على تطبيقات التواصل الاجتماعي المفضلة لديك. وفيما يلي بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها على العديد من هذه التطبيقات.
يمكنك أن تقرر من بوسعه أن يرى النبذة الخاصة بحسابك، أو إرسال رسائل أو تعليقات مباشرة حول المواد التي تنشرها، وذلك بتعديل إعدادات الخصوصية في حسابك
بوسعك الإبلاغ عن التعليقات والرسائل والصور المؤذية وأن تطلب إزالتها.
إضافة إلى ’إلغاء الصداقة‘ (unfriending)، بوسعك أن تحجب أفراداً معينين لمنعهم من رؤية نبذتك أو الاتصال بك
بوسعك أيضاً أن تختار توجيه تعليقات أشخاص محددين كي تظهر لهم فقط دون أن تحجبهم تماماً
يمكنك إزالة مواد من نبذتك أو إخفائها عن أشخاص معينين.
ولا تقوم معظم شركات وسائل التواصل الاجتماعي بإشعار الأشخاص المعنيين عندما تقوم بحجبهم أو تقييدهم في حسابك أو الإبلاغ عنهم.
عقوبة التنمر
تتعامل معظم المدارس مع موضوع التنمّر بجدية وتتخذ إجراءات لمنعه. وإذا كنت تتعرض لتنمّر عبر الإنترنت يمارسه طالب آخر، فعليك إبلاغ إدارة مدرستك بذلك.
ويحق للأفراد الذين يقعون ضحايا للعنف، بما في ذلك التنمّر الشخصي وعبر الإنترنت، الحصول على العدالة وإخضاع المعتدي للمساءلة.
إن القوانين التي تحظر التنمّر، وخصوصاً التنمّر عبر الإنترنت، هي قوانين جديدة نسبياً وليست موجودة في كل مكان. ولهذا السبب تعتمد بلدان عديدة على قوانين أخرى ذات صلة لمعاقبة مرتكبي التنمّر عبر الإنترنت، من قبيل القوانين التي تحظر المضايقات.
أما البلدان التي سنّت قوانين محددة بشأن التنمّر عبر الإنترنت، فتنظر إلى السلوك الذي يجري على شبكة الإنترنت ويتقصّد التسبب بكرب عاطفي بأنه تصرف جنائي. وفي بعض هذه البلدان، يمكن لضحايا التنمّر عبر الإنترنت أن يطلبوا الحماية، إضافة إلى حظر أي تواصل من شخص محدد وتقييد استخدام الأجهزة الإلكترونية التي استعملها هذا الشخص في ارتكاب التنمّر عبر الإنترنت، تقييداً مؤقتاً أو دائماً.
مع ذلك، من المهم أن تتذكّر بأن العقوبة ليست دائماً الطريقة الأكثر فاعلية لتغيير سلوك مرتكبي التنمّر، وغالباً ما يكون من الأفضل التركيز على تصويب الأذى وإصلاح العلاقة.
المساءلة
بدأت شركات الإنترنت تهتم على نحو متزايد بقضية التنمّر عبر الإنترنت.
وأخذ العديد من هذه الشركات باستحداث طرق للتصدي للتنمّر وتوفير حماية أفضل للمستخدمين من خلال أدوات وتوجيهات جديدة وتوفير طرق للإبلاغ عن الإساءات التي تحدث عبر الإنترنت.
ولكن من الصحيح أن ثمة حاجة للقيام بالمزيد، فالعديد من اليافعين يعانون من التنمّر عبر الإنترنت في كل يوم، ويواجه بعضهم أشكالاً شديدة من الإساءات عبر الإنترنت، وقد انتحر عدد منهم نتيجة لذلك.
ثمة مسؤولية على شركات التقنيات الرقمية في حماية مستخدميها، خصوصاً الأطفال واليافعين.
وتقع المسؤولية علينا جميعاً لإخضاع هذه الشركات للمساءلة عندما تقصّر عن الإيفاء بهذه الالتزامات.
مكافحة التنمر
توفر كل منصة من منصات التواصل الاجتماعات أدوات مختلفة (انظر الأدوات المتوفرة أدناه) تتيح لك تحديد من بوسعه التعليق على المواد التي تنشرها أو مشاهدتها، وتحديد من بوسعه أن يرتبط بك تلقائياً كصديق، كما تتيح الإبلاغ عن حالات التنمّر. وتتضمن العديد من هذه الأدوات خطوات بسيطة لحجب التنمّر عبر الإنترنت أو إخفائه أو الإبلاغ عنه. ونحن نشجّعك على التعرّف على هذه الأدوات.
توفّر شركات تطبيقات التواصل الاجتماعي أيضاً أدوات وإرشادات إضافية للأطفال والأهالي والمعلمين ليتعرفوا على الأخطار وعلى أساليب المحافظة على السلامة على الإنترنت.
وقد يعتمد خط الدفاع الأول ضد التنمّر عبر الإنترنت عليك أنت نفسك. فكّر أين يحدث التنمّر عبر الإنترنت في مجتمعك المحلي، وفكّر في الطرق التي يمكنك تقديم المساعدة عبرها — بالتعبير عن معارضتك، أو الكشف عن ممارسي التنمّر، أو التواصل مع أشخاص بالغين موثوقين، أو من خلال التوعية بهذه القضية. ويمكن لمجرد تصرّف لطيف أن يحقق فائدة كبيرة.
وإذا كنت قلقاً على سلامتك أو بشأن أمر حدث لك على الإنترنت، فعليك أن تسارع في التحدث مع شخص بالغ تثق به. ويوجد في العديد من البلدان خط مساعدة خاص بوسعك الاتصال به مجاناً والتحدث مع شخص ما دون أن تكشف عن هويتك.