فلسطين أون لاين

سهيلا مقداد.. خمسينية تتخطى السرطان باقتحام عالم الطبخ

...
رفح-ربيع أبو نقيرة:

لم تستسلم لمرض السرطان الذي تسلل إلى جسدها، مع أنها في العقد الخامس من عمرها؛ بل صبرت وكافحت وأصبحت عنصرًا منتجًا وأكثر فاعلية من ذي قبل في المجتمع.

إنها الخمسينية سهيلا محمد مقداد، التي قدمت نموذجًا في التحدي، بعد أن تعايشت مع ظروف قطاع غزة الذي يحاصره الاحتلال الإسرائيلي منذ 14 سنة.

هي لاجئة فلسطينية كانت تعيش مع عائلتها في دولة قطر، ثم قَدِمت إلى قطاع غزة، بعد أن ضاقت بهم السبل هناك، لتجد هنا حصارًا أطبق فكيه على قُوت الفلسطينيين، وغَرَز مخالبه في كل تفاصيل حياتهم.

مقداد لم تستسغ ضيق الحال المالي، مع استقرار عائلتها في منطقة مصبح بمدينة رفح جنوب القطاع، لتلجأ إلى إعداد بعض الأنواع من الأطعمة وبيعها، وفقًا لطلب الزبائن الذين عرفوها بإتقان وجودة العمل، والطعم الشهي والمميز للمأكولات التي تصنعها.

"في عام 2018م شعرت بالتعب والإرهاق، ولم أكن أعرف أني مصابة بالسرطان، وكنت آنذاك أُعد بعض الأطعمة كالمعجنات التي عددها من ألف إلى ألفي قطعة، والحلويات وأكلات أخرى، لعدد من الجمعيات، منها جمعية الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة" تقول مقداد لصحيفة "فلسطين".

لم أستسلم

تضيف: "عندما علمت بأمر مرضي، زعلت بعض الشيء على نفسي، لكنني استوعبت الصدمة ولم أستسلم للمرض، حتى لا أرهق جسدي ونفسي، ونهضت من جديد وضاعفت جهودي في تعلم فنون الطبخ وإعداد الأكلات والمعجنات والحلويات".

وتوضح مقداد أنها في بداية الأمر كانت تصنع في منزلها الكعك والمعمول والفطائر والكُبّة وورق العنب والمعجنات، وتبيعها وفقًا لطلب الزبائن والمعارف من حولها، لتساهم في مصاريف ومتطلبات المنزل، لا سيما أن لديها سبعة أبناء، تخرجوا في الجامعة وحصلوا على درجات علمية في تخصصات متعددة، وبقيت لديها بنت تدرس في الجامعة.

وفي بداية مرضها كانت لا تخرج من المنزل ومعارفها قليلون، لكن دعم إحدى الجمعيات لها ووقوفها إلى جانبها، باصطحابها في رحلات ترفيهية، ودعوتها إلى لقاءات وأنشطة متنوعة، أنساها حالتها الصحية، وساعدها بتحسين الحالة النفسية.

كما أنها انضمت إلى دورات تدريبية لفنون الطبخ وإعداد الأطعمة بأنواعها، فتشير إلى أنها "اقتحمت" عوالم جديدة في تلك الفنون، مثل: البوظة والبراد والشاورما والكيك وأنواع جديدة من الحلويات والمعجنات.

وتلفت إلى أنها تريد التغلب على الوضع الاقتصادي الصعب، قائلة: "لم أُظهر للناس أنني مريضة، وكثير ممن حولي لم يكونوا يعرفون وضعي الصحي، حتى شفيت من السرطان".

وتكمل مقداد: "أحيانًا بنفسي أشتري المواد التي تدخل في إعداد الأطعمة، وفي أحيان أخرى أطلبها عبر خدمة التوصيل السريع"، منبهة إلى أن لديها مطبخًا مخصوصًا في المنزل لإعداد الطلبيات للزبائن.

وتعرب عن سعادتها الغامرة لمساهمتها في "مصاريف البيت" وفق تعبيرها، قائلة: "عندما أقضي وقتي من غير عمل أشعر بالتعب وأكون غير راضية عن نفسي، أما مع العمل فأشعر أنني أم معطاءة".

وتدعو مقداد الشباب للعمل وعدم الركون إلى النوم، والمرضى ألا يستسلموا لأمراضهم وأن ينهضوا من جديد، لتختم حديثها بالقول: "تحديت المرض وما سلمت نفسي له، تحديته بفضل الله الذي منحني القوة والعزيمة والصبر".