قال هاني العيساوي، عضو اللجنة الأهلية لأهالي بلدة العيساوية في القدس المحتلة، إن الاحتلال الإسرائيلي يشنّ حملة عنصرية ممنهجة ضد البلدة منذ أكثر من عام، قائمة على مبدأ وسياسة تهجير القسري.
وأوضح العيساوي في حديث لصحيفة فلسطين، أن الاحتلال الإسرائيلي كثّف من اعتقاله واستدعائه لأهالي البلدة، خاصة الأطفال منهم، مبيناً أن عدد الاعتقالات والاستدعاءات بلغت منذ بدء الحملة الإسرائيلية أكثر من (900) فتى وشاب.
وذكر أن قوات جيش الاحتلال اعتقلت ليلة أمس الأول فتية يبلغون من العمر (13 إلى 14) عامًا بشكل وحشي وتعسفي، بمشاركة قوات إسرائيلية خاصة.
ولفت العيساوي إلى أن الاحتلال يهدف من اقتحاماته لمنازل المواطنين في العيساوية واستهداف الأطفال إلى نشر الرعب والذعر في صفوفهم، عقب حملات المواجهة وصد الاقتحامات المتكررة لجنوده.
والعيساوية هي إحدى بلدات محافظة القدس، وتقع شمال المدينة على (2.9 كم) منها، ويحدها من الشرق أراضي الكعابنة والعيزرية، ومن الشمال عناتا وشعفاط ومن الغرب بيت المقدس.
ومنذ احتلال القدس عام 1967 صادر الاحتلال مساحات واسعة من أراضي البلدة لمصلحة المشاريع التوسعية الاستيطانية، وبناء الشوارع الالتفافية والقواعد العسكرية، وعزل الجدار الفاصل نحو (7) آلاف دونم، إضافة لمخطط إنشاء "حديقة قومية" ستلتهم (450) دونما من أراضي البلدة.
وأكد العيساوي أن سلطات الاحتلال تستهدف الحياة اليومية لأهالي البلدة من خلال سياسات متعددة تمارسها بشكل شبه يومي، تتضمن هذه السياسات مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل والاعتقال، وعمليات الدهم للمنازل.
وأشار إلى أن الحملة تهدف للحد من التواجد الديموغرافي الفلسطيني المتزايد في القدس المحتلة، وضرب صمود المجتمع والتأثير على بقائه معزولًا أحياء متباعدة عن بعضها بعضا، بالإضافة إلى عزل البلدة القديمة والمسجد الأقصى عن محيطه.
وأكد العيساوي أن تلك السياسات مرتبطة بإزالة الهوية الفلسطينية الإسلامية التي تحملها القدس، بعد حسم الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لـدولة الاحتلال.
وبين أن مدة احتجاز المعتقلين من العيساوية تتراوح ما بين 24 إلى 72 ساعة، حيث يتم هذا النوع من الاعتقالات دون توجيه أي تهم بغرض منعهم من المشاركة في أي فعاليات تضامنية، فيما يتم الإفراج عن بعض المعتقلين بكفالات مالية باهظة إلى جانب فرض الحبس المنزلي أو الإبعاد عن البلدة والقدس.
وأكد العيساوي أن عددًا بسيطًا جدًا ممن يعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي يحولون إلى المحاكم الإسرائيلية، حيث يحاول إيجاد مبررات غير منطقية لتوجيه التهم واستمرار اعتقالهم بشكل تعسفي.
وأشار إلى أن الاحتلال يصادر الكثير من الممتلكات الفلسطينية لمصلحة مشاريع استيطانية ومؤسسات إسرائيلية صحية وتعليمية منها: مستشفى هداسا عين كارم، والجامعة العبرية، وذك عبر إصدار قرارات هدم وعدم تمكين المقدسيين من البناء في أراضيهم ومصادرتها.
ولفت العيساوي إلى أن الاحتلال عمل على إخراج أحياء فلسطينية خارج جدار الفصل العنصري، فيما يشبه حربًا ديمغرافية غير معلنة للحد من تنامي عدد السكان الفلسطينيين في القدس.
سياسة حمقاء
وحول ما تقدمه السلطة الفلسطينية لبلدة العيساوية وأهالي القدس، أوضح العيساوي أن السلطة وضعت على نفسها قيودًا تمنعها من تقديم أي نشاط او دعم للقدس، أساسه اتفاق أوسلو.
وقال: "جميع الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال في القدس المحتلة من إبعاد واعتقالات ومنع نشاطات فلسطينية، لها صبغة إسرائيلية داخلية تعتمد على قرارات ما يسمى بوزير الأمن الداخلي بحجة تعارضها الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن ما يجري هو نتيجة لعدم طرح موضوع القدس المحتلة أصلاً في المفاوضات التي كانت بين السلطة و(إسرائيل)، ليدفع الفلسطيني ثمن "السياسة الحمقاء" التي نفذت تجاه القدس".
ذكرى وتنكيل
شنّت قوات الاحتلال عشية الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشاب محمد سمير عبيد، حملة اعتقالات في العيساوية، متخفية بالزي المدني الخاص بالمستعربين، ونصبت الحواجز على مداخل البلدة.
وأوضح الشاب أنور عبيد (23 عاماً) أن سلطات الاحتلال استدعته والشابين محمد عصمت عبيد ومحمد أيمن عبيد للتحقيق الخميس الماضي، وسلمته البلاغ القاضي "بإبعاد عن كامل مدينة القدس" ومنع التواصل مع نشطاء، فيما سلمت الشابين عبيد بلاغين لفرض الحبس المنزلي الليلي عليهما.
وأوضح عبيد في تصريحات صحفية، أن سلطات الاحتلال كانت قد فرضت عليه "الحبس المنزلي الليلي" منذ بداية العام الجاري حتى نيسان الماضي، وخلال ذلك تم اعتقاله واستدعاؤه عدة مرات للتحقيق حول "إلقاء الزجاجة أو المفرقعات".
وقال الشاب عبيد: "هجمة مستمرة على أهالي بلدة العيسوية منذ عام، قبل استشهاد الشاب محمد عبيد حتى اليوم، وتزداد حدتها بين الحين والآخر".
وتأسست بلدة العيساوية، التي تضم أماكن ومناطق أثرية قديمة، قبل (900) عام، حيث نسبت بعض المصادر اسمها إلى السيد المسيح عيسى بن مريم، فيما نسبته مصادر أخرى إلى الملك عيسى الأيوبي. وينحدر أصل سكانها من الجزيرة العربية، وسوريا وكردستان العراق، وفق مصادر تاريخية، ويسكنها هذه الأيام قرابة (20) ألف نسمة.