خسائر لا يعرف مقدارها أحد، تلك التي يسببها دخول المنتجات الزراعية للمستوطنات الإسرائيلية إلى الأسواق المحلية في الضفة الغربية.
ويتساءل الشارع والمزارع عن المسؤول عن إدخال منتجات المستوطنات بشكل ملحوظ في الأسواق المحلية بالضفة، وبأسعار أقل من أسعار المنتجات الفلسطينية؟
وأكد منسق العمل الجماهيري في جمعية الإغاثة الزراعية خالد منصور، أن المشكلة الأساسية التي تواجه المزارعين الفلسطينيين في الضفة هي منافسة منتجات المستوطنات الزراعية لهم.
وأوضح منصور لصحيفة "فلسطين": أن منتجات المستوطنات الزراعية تدخل مبكراً للأسواق قبل المحاصيل والفواكه الفلسطينية، وهو ما يترك المجال للمستوطنين ببيع منتجاتهم بالأسعار التي تحقق الأرباح الكبيرة لهم دون أي منافسة.
وذكر منصور أنه وبعد أن تنزل المنتجات الفلسطينية للأسواق يعمد المستوطنون إلى خفض أسعار منتجاتهم لأقل سعر ليتكبد المزارع الفلسطيني الخسارة المباشرة دون أن يتم تعويضه أو حتى دعمه محلياً من أي جهة كانت رسمية أو أهلية.
وأشار إلى أن الفرحة عمت المزارعين بعد قرار وقف السلطة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي سياسياً واقتصادياً خاصة أن هناك اتفاقيات كانت تسهل دخول منتجات إسرائيلية للأسواق الفلسطينية.
لكن هذا الوقف لم يمنع دخول منتجات المستوطنات الزراعية على أيدي عدد لا بأس به من التجار "عديمي الضمير الذين يفضلون تحقيق مكاسب مالية على حساب قوت وعمل أبناء شعبهم" والكلام لمنصور.
وذكر أن هذا الأمر أدى لحدوث ضربة كبيرة للمزارعين في أعمالهم وفي الأسواق المحلية خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية كالبطيخ، والعنب، والتمور وغيرها من المنتجات التي يصر المستوطنون على طرحها بأسعار أقل من الأسعار الفلسطينية لكسر المزارعين وإلحاق الخسائر بهم.
وأفاد منصور بأنه في السابق كان يمكن للمزارع تصدير بعض إنتاجه للخارج، ولكن الأمر قل في السنوات الماضية ومنع نهائياً في ظل جائحة كورونا، ليبقى السوق المحلي هو المنفذ الوحيد لمنتجات المزارعين والذي لا بديل عنه.
وشدد على أن تسويق المنتجات الزراعية في السوق المحلي يوفر حماية للمزارع الذي يقوم بمهمة الحفاظ على الأرض الفلسطينية والتمسك بها.
ونبه منسق العمل الجماهيري في جمعية الإغاثة إلى أن الخسائر كبيرة بحق المزارعين الفلسطينيين ولا تزال مستمرة طالماً أن الطرق سواء المباشرة أو الملتوية التي تدخل من خلالها منتجات المستوطنات لم يُحكم إغلاقها بشكل كامل.
غير معلومة
وأكد الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أنه لا توجد أي جهة تستطيع تحديد قيمة الخسائر المترتبة على إدخال منتجات المستوطنات سواء الزراعية أو غيرها إلى الأسواق المحلية في الضفة الغربية.
وأضاف عبد الكريم: المزارع الفلسطيني يفقد فرصة تسويق منتجاته، لذلك يجب على السلطة القيام بتنظيم الأسواق بشكل فعلي والسيطرة على كل ما يدخل إليها.
وشدد على ضرورة تعزيز ثقافة المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية ودعم المنتج المحلي لتوفير الحماية للمزارع وللأرض الفلسطينية ككل.
وأوضح أن حماية السلطة الفلسطينية للمزارع ودعم منتجه المحلي سيمكنها من جباية المزيد من الضرائب المحلية لتكون أعلى مما هي عليه الآن، وهو ما سيعفيها من الاعتماد على أموال "المقاصة" ويمكن أن يساعدها على التحرر والانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي.
وشدد عبد الكريم على ضرورة أن يكون الاحتلال هو الخيار الأخير للاستيراد منه وليس الأول، خاصة في ظل بدائل من الدول العربية والإسلامية.
ويبلغ الناتج القومي الفلسطيني من القطاع الزراعي نحو 5-6% فقط، وكان قبل مرحلة أوسلو يناهز 25%، ويعزى هذا التراجع إلى سيطرة الاحتلال بشكل كبير على الأراضي الزراعية الفلسطينية والمياه، وإغراق السوق الفلسطينية بالمنتجات الإسرائيلية بشكل ضخم وأسعار زهيدة.