منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 ومنذ انطلاق مشروع التسوية بين الاحتلال ومنظمة التحرير, تسير قيادة المنظمة التي اُختزلت بقيادة السلطة، بل بشخص واحد هو محمود عباس حاليًا, الذي يعد عراب التسوية مع الاحتلال، وتواصل السلطة نفس السياسات بمزيد من الالتصاق مع الاحتلال عبر التنسيق الأمني والتعاون الأمني، والتخلي عن الحقوق الوطنية واختزالها بامتيازات تحصل عليها قيادة السلطة وأبناؤهم كما الحال مع أبناء عباس، وعلى الرغم من إقرار الجميع بفشل مشروع التسوية، بل أكثر من ذلك بالالتصاق مع الاحتلال.
الوجه الآخر لمشروع التسوية هو الابتزاز المالي السياسي كما الحال في افتعال أزمة الرواتب بين الفترة والأخرى وكما يحدث حاليًا لدفع الفلسطينيين للمطالبة بعودة التنسيق الأمني نظير إعادة الرواتب، وهو ما حدث مع السلطة عند قطع رواتب أفراد الأمن الوطني بعد حرب الخليج لدفعهم للقبول بالتسوية مع الاحتلال.
اليوم نحن أمام نموذج جديد عبر افتعال حملات إعلامية عبر منصات التواصل الاجتماعي وعبر المواقع الرسمية للسلطة، كما حدث في قضية أم جبر وشاح ونشر الفتنة والأكاذيب دون أي اعتبار وطني، حيث ثبت لاحقا كذب ما نشر، وتضليل الجمهور، وتعاطي بعض الفصائل المغيبة التي تتبع منظمة التحرير وتسير في ركب فتح، واستخدام أبواق إعلامية، والادعاء بالحرص على أم جبر وشاح، على الرغم من أن السلطة قطعت راتبها منذ سنوات، وكذلك مواصلة قطع رواتب الأسرى والشهداء ، والاعتداء على عائلات الشهداء وسط مدينة الخليل والتستر على ذلك من قبل قيادات السلطة التي دعمت وشجعت على ذلك.
حرف الأنظار عن القضايا الوطنية وافتعال الأزمات في غزة، والهروب من حالة الغليان التي تحدث في الضفة الغربية سياسة لا وطنية وإجرامية بحق المواطن والمجتمع، عبر إشعال الفتنة الداخلية في غزة، والفشل في مواجهة أزمة كورونا في الضفة، بعد أن حصلت السلطة على المساعدات المالية، لمَ تنصلت من صرف الرواتب للموظفين، وعدم الدعوة لأي لقاء وطني لوضع مشروع وطني لمواجهة خطة الضم التي أطلقها الاحتلال ضد الضفة.
التحرك الإعلامي للسلطة وأبواقها الإعلامية ضد غزة سياسة قديمة جديدة، بدلا من استخدامها لمواجهة الاحتلال ومقاومة مشروع الضم، لكن من الواضح أن السلطة بدأت بالتحرك نحو تمرير مشروع ضم الضفة الغربية والتستر على فشلها منذ ربع قرن، وتهشيم وتهميش المؤسسات الوطنية وتغييبها، وإدخال المواطن الفلسطيني في أتون الفتنة.