فلسطين أون لاين

الضفة الغربية.. أزمة اقتصادية جديدة تلوح بالأفق عقب عدم صرف الرواتب

...
السوق الشرقي في البلدة القديمة في نابلس
غزة- أدهم الشريف

تسود توقعات قوية بأن أزمة اقتصادية جديدة أصبحت قاب قوسين أو أدنى في محافظات الضفة الغربية عقب عدم صرف وزارة المالية في حكومة اشتية رواتب موظفي السلطة، تزامنًا مع حالة الحظر والتراجع الاقتصادي التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا" هناك.

وحسبما أكد مسؤولون فإن عدم صرف رواتب موظفي السلطة سينعكس سلبًا على قطاع الاقتصاد، خاصة أنها أحد الروافد الأساسية للاقتصاد المحلي.

وقال هشام الشرباتي من الخليل: إن رواتب موظفي السلطة تعدُّ أكبر مشغل في محافظات الضفة وهي مصدر دخل رئيس لفئة واسعة من المواطنين.

وأضاف الشرباتي، وهو ناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، في حديثه لصحيفة "فلسطين": كان سابقًا لدى بعض موظفي الحكومة في الضفة أعمال أخرى يعملون بها ويحصِّلون دخلًا آخر، لكن بعد (كورونا)، تعطلت أعمالهم هذه، ولجؤوا إلى البيوت ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس.

وتابع أن عدم انتظام رواتب السلطة أو عدم صرفها أو صرفها للموظفين الحكوميين منقوصة، سيؤثر في الحركة التجارية في الضفة الغربية، خاصة أن الوظيفة الحكومية هي مصدر الدخل الوحيد لعدد كبير من المواطنين في الضفة.

كما نبَّه إلى نسبة البطالة المرتفعة نسبيًّا في الضفة الغربية ستحول دون حصول أي موظف حكومي لم يتقاضَ راتبه على أي فرصة عمل أخرى لتلبية احتياجات عوائلهم، مشيرًا إلى أن ذلك كان قبل جائحة "كورونا"، وفرض حالة الطوارئ، منذ مطلع مارس/ آذار الماضي.

وأشار إلى ذلك أدى إلى حالة ركود كبير في أسواق الخليل والضفة الغربية عامة، وكذلك تراجع في الحركة الشرائية.

من جهته، أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل عبده ادريس، أن مدينة الخليل في جنوبي الضفة المحتلة تأثرت بجائحة "كورونا" كما تأثرت أي منطقة في العالم، بسبب حالة الإغلاق التي رافقت إعلان الطوارئ، وما نتج عن ذلك من غلاء في بعض الأسعار، ونقص في إمدادات بعض المواد، وتوقف العديد من المعامل والمصانع، نتيجة الأزمة المركبة التي نشأت عالميًا وانعكست محليًا.

تراجع الحركة الشرائية

وأضاف ادريس لصحيفة "فلسطين"؛ أنه مع تخفيف الإجراءات الاحترازية وما رافقه من فتح مناطق واسعة في الضفة الغربية، وبدء حركة المواطنين بعد عيد الفطر، بدأ الاقتصاد يتعافى قليلًا قبل أن يبدأ التأخير في صرف رواتب موظفي السلطة.

وأكد أن عدم صرفها سينعكس سلبيًّا على مدينة الخليل، لأنها تشكل مصدرًا رئيسًا من مصادر الدخل، وتؤثر في أول مرحلة في العجلة الاقتصادية وتتمثل بتراجع الحركة الشرائية.

ويقصد بذلك أن دوران العجلة يبدأ من المواطن المستهلك الذي يدفع للتاجر أو البائع ما لديه من أموال للحصول على السلع التي يحتاج إليها، واصفًا أن "رواتب الموظفين الحكوميين مدخل رئيس للاقتصاد الفلسطيني، وانقطاعها يؤثر كثيرًا في الاقتصاد المحلي.

ونبَّه إلى أن تراجع اقتصاد مدينة الخليل التي تعد أكبر المدن الفلسطينية تجارةً وصناعة، سيلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الفلسطيني، مؤكدًا أن عدم وجود سيولة مادية في أيدي المواطنين سيؤثر في التاجر الفلسطيني وينعكس ذلك على جميع مناحي الحياة.

وأشار إلى أن الأوضاع التي يمر بها المواطنون هي نتيجة الظروف السياسية التي تمر بها الضفة الغربية في ضوء مخطط (إسرائيل) ضم الضفة الغربية المحتلة، في إطار تنفيذ صفقة رئيس الإدارة الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لتصفية القضية الوطنية والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وأكد رئيس غرفة تجارة وصناعة جنين عمار أبو بكر، أن جنين تواجه أزمة مثل أي مدينة أخرى في الضفة، نتيجة توقف السياحة والحركة في المحافظة الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة، مبينًا أن قرار الاحتلال إغلاق حاجز الجلمة شمال جنين، والذي كان يتيح لفلسطيني الـ48 القدوم إلى المدينة، شلَّ حركة السياحة، وذلك في إطار إجراءات الاحتلال ضم الأغوار لدولة الاحتلال.

وبين في تصريح لـ"فلسطين"، أن وصول قرابة ما بين 2-5 آلاف مركبة يوميًّا من أراضي الـ48 إلى جنين ومحافظات الضفة الغربية عبر حاجز الجلمة، وهو عدد كبير كان المربع التجاري يستفيد منه كثيرًا في تلك المحافظات.

ورجح أن اقتصاد جنين سيتأثر بما تمر به الضفة الغربية من أزمات، لافتًا إلى أن 70 بالمئة من اقتصادها يعتمد على أراضي الـ48، سواء كان ممن يصلون جنين قادمين منها أو من يخرجون منها للعمل في الأراضي المحتلة، لكن اقتصاد الـ48 حاليًّا "مُعدم وغير موجود" عقب جائحة "كورونا"، والتي إن انتهت ستتيح الفرصة مجددًا لعمال فلسطينيين بالعمل في الأراضي المحتلة.

وأكد أن ما لا يقل عن 5000 محل في جنين تعمل في المربع التجاري، وجميعها ستتأثر بتأثر الاقتصاد وعدم توفر السيولة المادية لدى المواطنين.

وشدد أبو بكر على أن المجتمع الدولي والأطراف المختصة مطالبون بالوقوف أمام مسؤولياتهم ومواجهة ما يتعرض له الفلسطينيون من تضييق اقتصادي ومالي يهدف انتزاع مواقف سياسية.