لم يفارق المسن شفيق اكتيع ساحة الاعتصام الأسبوعي لذوي أسرى قطاع غزة، ولم يترك أي مناسبة أو فعالية أو ساحة للتضامن مع "أحرار القضبان" بالكلمة والصورة إلا وخاضها رغم وهنه إلى أن داهمه الموت دون أن يبلغ مراده في احتضان ابنه الأسير بسام حرًا طليقًا.
وتوفى اكتيع، أول من أمس، دون أن يلتقي بابنه بسام المحكوم بمؤبد و(10) سنوات على خلفية خطف وقتل مستوطن إسرائيلي - إلياهو أشيري بالضفة الغربية المحتلة.
باسم اكتيع، أشار إلى أن شقيقه اعتقل عام 2007م بعد تنفيذه عملية فدائية في الضفة الغربية المحتلة، حيث كان يقيم مع أسرته، لافتًا إلى أن والده ووالدته لم ينقطعا عن المشاركة في الفعاليات التضامنية مع الأسرى منذ ذلك الوقت.
وقال: "ظلت والدتي تشارك في كل الفعاليات مع والدي حتى توفيت قبل أربع سنوات ليكمل والدي المشوار مواظبًا على اعتصام ذوي الأسرى أمام الصليب الأحمر صباح الاثنين من كل أسبوع".
وأوضح باسم أن والده لم يتخلف عن أي فعالية تضامنية مع الأسرى، حتى بعد إصابته بالسرطان قبل عام لم يتوانَ عن المشاركة في أي حدث ينتصر للأسرى، كما لم ينقطع عن زيارة شقيقه متى سمحت له قوات الاحتلال بذلك، حيث كان آخر عهده به قبل ثلاثة أشهر.
وأضاف: "ضغطنا عليه لكي لا يذهب للزيارة لسوء حالته الصحية إلا أنه رفض، وبعد عودته من الزيارة ظل طريح الفراش مدة أسبوعين بسبب الإرهاق الذي أصيب به".
وأشار باسم إلى أن والده كان يساعد ذوي الأسرى الآخرين ممن يرافقونه في الزيارات لمعرفته باللغة العبرية، قائلاً: "كان أمله كبيرا أن يتحرر شقيقي في صفقة أسرى بين المقاومة والاحتلال (...) كان ذلك ما يصبره على فراقه".
وقال: "كل الضغوطات التي مارسها إخوتي على والدي لإراحة نفسه والابتعاد عن المشاركة في فعاليات الأسرى بسبب مرضه لم تُجدِ نفعًا، ولم يحل بينه وبين المشاركة فيها سوى وقف تلك الفعاليات بسبب كورونا".
وتؤكد ذلك شقيقته باسمة التي بينت أن والدها و والدتها لم ينقطعا عن المشاركة في أي فعاليات داعمة للأسرى أو زيارة شقيقها الأسير بسام، قائلة: "لم يكن يسمح الاحتلال لوالدي بزيارته دائمًا فقد كان أغلب الوقت يمنع أمنيَّا".
وأضافت: "في شهر ديسمبر الفائت سمحوا له بزيارة بسام فذهب لزيارته على عكاز وصمم على موقفه، قائلاً: "سأذهب لزيارته ولو زحفًا"، ورغم أن الاحتلال كان يتعمد تأخيره واثنتين من أمهات الأسرى في كل زيارة لهما فيسمح لجميع أهالي الأسرى بالعودة إلا هم.
وتستذكر ما كان يقوله لجيش الاحتلال: "أنا رجل عجوز ولا أستطيع المكوث"، لكن عبثًا كانوا يتعمدون إذلاله غير أن ذلك لم يثنه عن الذهاب لزيارة ابنه، وفي كل مرة يقول لنا: "وددتُ لو انتزعته من بين القضبان وأحضرته معي".