فلسطين أون لاين

مؤلفات غزية حبيسة الأدراج بسبب كثرة التكاليف

...
أحمد القريناوي أحد الذين يواجهون صعوبات في نشر مؤلفاتهم (أرشيف)
غزة- مريم الشوبكي

في عمر الثامنة عشرة، بدأت تأليف روايتها التي استغرقت خمسة أشهر حتى النهاية.. كانت سعيدةً للغاية قبل أن تبدأ برحلة البحث عن مؤسسة أو دور نشر لتتبناها وتطبعها وتنشرها، تقول لـ"فلسطين":" لقد صدمت بالمعيقات والحواجز التي وضعت أمامي".

الكاتبة ليندا الأعرج تبلغ 21 عامًا، تدرس علم النفس التربوي في جامعة الأقصى، اضطرت للانتظار ثلاث سنوات لكي تصدر روايتها الأولى "تجليات القدر" بسبب عدم امتلاكها التكاليف المالية لطباعتها.

تروي: "واجهتُ كثيرًا من عبارات الرفض بمعنى عدم قدرتهم على احتضان المواهب الشابة المبتدئة، وانتظرت ثلاثة سنوات حتى أصبح عمري 21 عامًا, واستطعت ادخار المال الكافي لكي أطبع روايتي على حسابي الخاص، كطالبة جامعية ليس بمقدور أهلي دفع مصاريف الجامعة وكذلك دعم موهبتي ماديًا".

يواجه مئات المؤلفين في قطاع غزة أزمة في طباعة ونشر مؤلفاتهم وإصداراتهم، حيث تبقى حبيسة الأدراج لسنوات طويلة، بسبب قلة دور الطباعة والنشر، وإن وجدت فتكاليف الطباعة فيها مرتفعة لا يستطيع الكاتب تحملها.

معيقات وحواجز

وأشارت الأعرج إلى أنها حصلت على رقم إيداع من وزارة الثقافة كخطوة أولى لحفظ حقوقها الأدبية، وحين توفرت الإمكانات المادية استطاعت طباعة 150 نسخة بتكلفة 800 شيكل.

ونوهت إلى أن المؤسسات المعنية بعضها يستغل ظروف الكاتب والمؤلف ليضع شعار مؤسسته على الكتاب، أو حتى أن يحتكر حقوق الطباعة لنفسه وكذلك الربح، "وهذا ما حدث مع صديقة لي تبنتها مؤسسة وطبعت لها ديوانها الشعري لتفاجأ بأن الديوان طُبع باسم المؤسسة وليس باسمها".

ولفتت الأعرج إلى أن غزة تمتلك كثيرُا من الشباب المبدع خاصة في مجال الأدب، ولكن لا يجدون من يساندهم ويدعمهم من قبل المؤسسات الخاصة وحتى كلمة طيبة من الأدباء والنقاد المخضرمين.

ووجهت الأعرج رسالة للمبدعين الشباب بالاعتماد على أنفسهم لتحقيق حلمهم وطباعة مؤلفاتهم، وعدم التخلي عن حلمهم مهما كان حجم الإحباط، داعية دور الطباعة والنشر والمؤسسات الخاصة إلى تبني المواهب وتحمل جزء من تكاليف الطباعة مع ضمان حقوق المؤلف.

ادفع لتطبع

أما الشاعر الشاب أحمد القريناوي الذي يبلغ 19 عاما، وصاحب ديوان "غيبوبة اللبلاب"، طرق أبواب العديد من دور الطباعة والنشر ولكن الجميع كان يطلب منه: ادفع لتطبع.

يقول لـ"فلسطين": "كأي شاب صاحب موهبة مندفع ويحلم بإيصال موهبته للناس، توجهت إلى من يساعدني من مؤسسات تعنى بالأدباء والشعراء، ولكن الرفض كان حليفي، حيث كان يُطلب مني الدفع حتى أطبع، ولكني كطالب جامعي ليس لدي وظيفة توقفت عن طرق الأبواب لمدة سنة".

وتابع: "لكي أطبع 200 نسخة من ديواني أحتاج إلى 2000 شيكل، وهذا المبلغ يعتبر مرتفعًا بالنسبة لي ولا أستطيع توفيره".

وأضاف: "حلمي لم يمت بل اتجهت اتجاهًا آخر من خلال حضور الفعاليات الأدبية والعامة والأمسيات الشعرية التي يتواجد فيها كبار الشعراء والأدباء لأقتنص فرصة عرض فكرة ديواني الشعري عليهم، حتى تعرفت على الشاعر كمال غنيم، وتبنى طباعة الديوان في "مؤسسة إحياء التراث وتنمية الإبداع الخيرية".

ونوه القريناوي إلى أن المؤلف أو الكاتب يواجه مشكلة أيضًا في أن كتبه لا يمكن أن تنشر في الضفة الغربية والدول العربية، وتبقى في غلاف قطاع غزة فقط، وهذا يجعل الكاتب محصورًا ولا يصل صدى موهبته في الخارج.

493 عنوانًا

وفي ذات السياق بين مدير عام دائرة المعارض والمكتبات بوزارة الثقافة د. محمد الشريف, أن الوزارة تختص في منح أي كتاب أو مؤلَّف رقم إيداع لمؤلِّفه، لحفظ حقوقه من السرقة والتحريف والتغيير والتبديل حتى لو لم يطبعه.

وذكر د.الشريف لـ"فلسطين", أن الثقافة منحت منذ 2013 حتى 2016، 493 عنوانًا مؤلفًا رقم إيداع، في 2016 وحده سجلت 146، ومنحتهم رقم إيداع، بعضهم طبع ونشر وجزء آخر لم يجد حظًا للطباعة والنشر بسبب عدم امتلاك أصحابهم التكاليف المادية لطباعتهم.

وأشار إلى أن هناك إقبالًا متزايدًا من قبل المؤلفين لحفظ حقوقهم الملكية بتسجيل مؤلفاتهم والحصول على رقم إيداع لها وفق قانون الملكية الفكرية.

ولفت إلى أن رقم الإيداع جاء استنادًا لقانون حقوق الطبع والتأليف لسنة 1911 وبناء على قرار وزير الثقافة الخاص بالمطابع ورقم الإيداع الذي صدر في جريدة الوقائع الفلسطينية في العدد 81 ويحمل رقم 54/2011 بشأن نشر المصنفات ورقم الإيداع.

أزمة طباعة

ونوه مدير عام دائرة المعارض والمكتبات إلى أن المؤلفين يواجهون أزمة في طباعة مؤلفاتهم بسبب تكاليف الطباعة الباهظة، خاصة حينما يكون المؤلف امتلك إمكانية التأليف وليس لديه الإمكانات المالية ويكتفي برقم الإيداع لحفظ حقوقه الفكرية.

وبين أن وزارته تدعم وترشد المؤلف لعدد المؤسسات التي يمكن أن تتبنى موضوع الكتاب، ولكنها لا تستطيع أن تتبنى المؤلف أو تدعمه ماديًا.

ونوه إلى أن قطاع النشر يواجه مشكلة بقلة عدد المكتبات، مقارنة بما هو متوافر في الضفة والدول العربية والإسلامية، وأحيانًا دور النشر لا تنشر إلا إذا اقتنعت بفكرة الكتاب ومضمونه وهذا يرجع بشكل مزاجي لصاحب المكتبة أو المطبعة.