فلسطين أون لاين

تقرير الصحفي حمد.. ضحية تضامن مع زملائه أزعج "أمن الضفة"

...
المصور الصحفي إياد حمد يكرم على أعماله في المغرب (أرشيف)
غزة- فاطمة الزهراء العويني

يحظى فصل المصور الصحفي إياد حمد من وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، بتفاعل كبير في الأوساط الصحفية وتضامن مع الصحفي الذي لم يدخر جهدًا في خدمة زملائه ، انطلاقا من شعوره بابن والمهنة الواحدة في ظل غياب أجسام نقابية فاعلة تعين جميع أبناء المهنة دون تمييز.

وكانت وكالة أسوشيتد برس (AP) فصلت المصور إياد حمد، من بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بناءً على شكوى تقدم بها جهاز أمني فلسطيني لإدارتها.

المصور الصحفي ياسر قديح من قطاع غزة كان أحد الذين امتدت لهم يد الصحفي حمد الخيرة في إثر إصابته خلال تغطية لفعاليات «مسيرات العودة وكسر الحصار» بإصابة خطيرة وتحويله لتلقي العلاج في القدس المحتلة.

يقول قديح: «كانت معرفتي بحمد سطحية كبقية مصوري الوكالات حيث كان يأتي للتصوير في غزة وفي مسيرات العودة».

وتابع: «عندما أصبت كان حمد عائدًا من غزة للضفة منذ أيام، وفور تحويلي للقدس حضر إلى المستشفى صباحًا وقدم خدمات مادية ولوجستية لي ولزوجتي التي كانت ترافقني حيث كنت غائبًا عن الوعي».

وأضاف: «كان بمنزلة الأب دون أن يكون بيننا أي مصالح مشتركة، كنا نشعر أننا أبناؤه، يوفر لنا الطعام والشراب، وطيلة 14 يومًا جاء إلى المستشفى 12 مرة».

فكان حمد مغيثًا للصحفي قديح وزوجته في ظل بعدهم عن مكان سكناهم ويوفر لهم ما يحتاجون إليه ويذلل لهم العقبات ويمنع أحدًا من مضايقتهم، يقول قديح: «كنا نشعر بالخجل لكثرة ما يقدم لنا من خدمات ومساعدات ويقول لنا دائمًا: ايش بدكم اطلبوا».

ويتابع: «كان ينهي دوامه في رام الله ويأتي بسيارته للقدس «يستغرق الأمر قرابة ساعة ونصف، ويمكث معنا حتى أذان المغرب وأحيانًا يتناول طعام الإفطار معنا في رمضان».

وأعرب قديح عن اعتقاده بأنه مهما فعل فلن يوفي الصحفي حمد حقه فيما قدمه له حيث تؤكد له زوجته دائمًا أنه كان سندها في ظل غيابه عن الوعي فكان تعامله في منتهى الإنسانية.

ومضى يقول: «ما حدث مع حمد بفصله تعسفيًّا ظلم كبير، فهو رجل حر ووطني لا يرضى بالظلم لأحد ويقف مع أي مظلوم، فوقف معي ومع الصحفي المصاب عطية درويش وأنس حواري وغيرهم».

وأضاف: «حمد ليس تابعًا لأي حزب أو فصيل، ونتيجة ضغوطات سياسية تعرضت لها الوكالة التي يعمل فيها فُصل إثر موقف ليس سياسيًّا بل نقابي، ما يؤذي بمصدر رزقه الوحيد بعد عشرين عامًا من العمل».

ولفت قديح إلى وجود تضامن واسع من الصحفيين مع حمد الذي له فضل على الكثير منهم، وأحزنهم أن تنعكس مواقفه الإيجابية معهم على حياته بالسلب.

جزءٌ مني

هاتفنا الصحفي إياد حمد الذي كان في غاية الحزن لتسليمه عهده الشخصية للوكالة أول من أمس، خاصة كاميرته التي كانت رفيقه الدائم لعمله كمصور متجول في الضفة حيث كان مكتبه في سيارته الشخصية.

يقول: «سلمتُ جزءًا مني الجزء الوفي الذي لا يخون كالبشر والتي رافقتني في كل الأحداث المهمة التي غطيتها في غزة والضفة والخارج فكنت أشعر بأنها تفرح لفرحي وتحزن لحزني».

واستدرك بالقول: «لكن التضامن الواسع النطاق الذي لقيته من زملائي الصحفيين والشخصيات الاعتبارية داخل وخارج فلسطين من عرب وأوروبيين هو بمنزلة التكريم الأول لي في حياتي وهو الذي خفف عني وطأة قرار الفصل فشعرتُ وكأنني أخذتُ حقي».

وأشار إلى أنه بصدد التوجه للقضاء لكونه فُصل تعسفيًّا عبر الهاتف، مُسببين ذلك بوجود شكوى من الشرطة الفلسطينية بالضفة ضدي فطلبتُ منهم أن يرسلوا لي بريدًا إلكترونيًّا بما بلغوني به وسأتوجه للقضاء لبحث قانونية الأمر.

وبين حمد أنه خضع قبل ذلك لتحقيق من قبل إدارة الوكالة بخصوص الحملة العالمية التي كان جزءًا منها لنقل قضية الصحفي معاذ عمارنة الذي فقد عينه على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي لم يرقْ لهم رغم أنهم تضامنوا مع صحفي وليس عسكريًّا.

وقال: «جاءت شكوى الشرطة مع قضية التحقيق لأدفع ثمن التضامن مع زملائي، ولستُ نادمًا على ذلك فلا يوجد قانون في العالم يجرم ما فعلته، سعيد بأنني فصلت لأجل زملائي وليس لسبب معيب».

ونبه إلى أن تهديدات تصله حتى الآن من قبل جهاز الشرطة بأن حسابهم معه لم ينتهِ وأنه يشعر بالخطر على حياته، قائلًا: «إذا لم يتوقفوا عن ذلك سألجأ لمؤسسات حقوقية دولية أو أطلب اللجوء السياسي في أي دولة أخرى».

وأضاف: «سأتضامن مع زملائي حتى لو تسبب ذلك في قطع رقبتي، فالمصورون الفلسطينيون هم الذين أوصلوا قضيتنا للعالم وليس السياسيين، ليكافئهم السياسيون بقطع رزقهم بعد عشرين عامًا من العمل كما فعلوا معي».