خلف ماكينة الخياطة جلس بهاء عبد الوهاب يلتقط الكمامات الطبية من كومة بجانبه ويحيكها، ثم تنظفها إحدى العاملات من الخيوط الزائدة، وأخرى تلتقطها وتطويها وتضعها في كيس بلاستيك كبير.
عبد الوهاب (29 عامًا) يعاني من إعاقة حركية منذ الولادة، يقطع المسافات من رفح حتى غزة رغم صعوبة تنقله من موقف سيارات إلى آخر، لكي يستنفع بالمبلغ المالي الذي توفره له المبادرة لمدة 20 يوما من العمل، في ظل جلوسه في البيت وصعوبة فرص العمل.
حصل عبد الوهاب على دبلوم علوم إدارية ومالية منذ 2013 ولم يجد فرصة عمل حتى الآن، لذا بحث عن تدريب مهني بعيدا عن تخصص لعله يجد عملًا، وتلقى تدريب في الخياطة في مركز إرادة للتأهيل والتدريب المهني للأشخاص ذوي الإعاقة، لمدة ثلاثة أشهر والتي فتحت له مجالًا للعمل في المبادرة.
يقول لصحيفة "فلسطين": "كلي أمل باستدامة المبادرة لكي أضمن دخلا ثابتا لي، لأني مقبل على مرحلة زواج خلال أسبوعين وهذا يتطلب مني مصاريف".
في الناحية الأخرى تمسك خولة سحويل الكمامة الواقية، وتقص الخيوط الزائدة، فور أن تنتهي تسلمها لزميلتها التي تطويها وترتبها فوق بعضها البعض.
سحويل (33 عاما) كان الاحتلال الإسرائيلي أصابها خلال مشاركتها سلميًّا مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، بطلق ناري متفجر بالفخذ الأيسر ونجم عنه قصر في عظمة القدم.
عرفت سحويل التي تقصد غزة من بيت حانون متنقلة على عكازين، بالمبادرة عن طريق الإعلان الذي نشر عنها، مستبشرة بإيجاد فرصة عمل تنفق منها على أطفالها الثلاثة.
تقول سحويل لصحيفة "فلسطين": "أترك أطفالي في البيت وحدهم، من الثامنة حتى الساعة الثانية والنصف موعد وصولي للبيت، خوفي وقلقي وانشغال ذهني عليهم يخففه رغبتي في كسب قوت يومي يمكنني من توفير بعض احتياجاتهم البسيطة قاطعة هذه المسافة الطويلة".
صابرين ابراهيم مهمتها "الدرزة" على الماكينة، أنهت دبلوم سكرتارية، ومن ثم التحقت بالتدريب في مركز إرادة في العام 2018 بدورة خياطة وتصميم لمدة ستة أشهر منها ثلاثة أشهر لمواجهة البطالة.
إبراهيم (25 عاما) والتي تقطن مدينة رفح، دربهم المشرفون على المبادرة كما كامل فريقها على طريقة حياكة الكمامات الطبية لمدة يومين، ومن ثم باشروا بعملية الإنتاج.
تطالب إبراهيم باستدامة المبادرة لتتمكن من توفير دخل ثابت لها، يعينها على تخطي ظروفها الاقتصادية الصعبة مع عائلتها.
من جهتها تبين مسئولة المشاريع والعلاقات العامة بمركز إرادة في غزة منال حسنة أن مشروع انتاج كمامات طبية للأسر المحتاجة بمبادرة من مؤسسة الخير، لتوفير 25 ألف كمامة كمرحلة أولى، مع توزيع نشرات توعوية خاصة بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19".
وتوضح حسنة في حديث مع صحيفة "فلسطين" أن الهدف من المشروع رفع الوعي وضرورة استخدام وسائل الحماية من فيروس كورونا، بالإضافة إلى خلق فرص عمل لذوي الإعاقة لأن البطالة متفشية بينهم بشكل كبير.
وتلفت إلى أن ذوي الإعاقة تعلموا مهارات جديدة من خلال عملهم بالمبادرة، كما تدعم استمرارية واستدامة عملهم داخل ورشة الخياطة في المركز.
وتذكر حسنة أن عدد العاملين في المبادرة 15 فردا: 14 امرأة وشاب واحد، من ذوي الإعاقة الحركية والسمعية.
وتكمل بأن عجلة الإنتاج بدأت منذ أسبوعين وستستمر لأسبوعين آخرين، بواقع ثلاثة أيام عمل في الأسبوع، خمس ساعات عمل يوميا.