على الرغم من ضرورة تبني واعتماد الفلسطيني فرضية عمل مفادها أن حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو عاقدة العزم على البدء بتطبيق عملية إخضاع أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الاسرائيلية بشكل قانوني ورسمي، فإن المؤشرات تتزايد في الآونة الأخيرة على احتمالية اضطرار نتنياهو لتأجيل أو على الأقل التخفيف من وتيرة الاندفاع نحو الضم من خلال اتخاذ خطوات رمزية للضم.
ومن أبرز ذلك ما صرح به الوزير المقرب من نتنياهو، زئيف ألكن، لراديو الجيش قبل يومين عن احتمالية تأجيل عملية الضم الرسمي -فالضم الفعلي الزاحف قائم ومستمر– لأسابيع عدة، إضافة إلى ما تم نشره في وسائل إعلام عبرية نقلاً عن مصادر مطلعة في الجيش أن الدوائر الأمنية المختصة لم تطّلع بعد على خرائط الضم، ولم تصدر إليها تعليمات للتحضير بهذا الخصوص.
الأمر الذي دعا وزير الجيش السابق، المؤيد للضم، أفيغدور ليبرمان، للتشكيك في نوايا نتنياهو القيام بعملية الضم في موعدها المقرر بداية يوليو القادم.
وفي هذا السياق لا تكفي توجيهات وزير الجيش الجديد بيني غانتس أول أمس للجيش للاستعداد للضم قريبا أو مبادرة شرطة الاحتلال لتكليف ضابط كبير هو "يتسيك سابون" ليكون مسؤولا عن طواقم العمل والتحضير والاستعداد لما قبل يوم الضم أو فيه.
ومن المؤشرات الأخرى لاحتمالية تأجيل عملية الضم ما نشرته مصادر في شبكة "كان" العبرية من معارضة المستوطنين للأمر بسبب كونه جزءًا من "خطة القرن" التي تؤيد وفق مزاعمهم قيام دولة فلسطينية غير عابئين بأنها دولة هشّة وهزيلة ولا تمتلك أهم مقومات الدولة وهي السيادة الأمنية على معظم مناطق الضفة الغربية.
إضافة لما سبق وهو الأهم، إفادة القناة 11 الإسرائيلية نقلاً عن مصدر سياسي كبير أن الاتصالات التي تمت أول من أمس بين نتنياهو وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر من جهة، وبيني غانتس ووزير الخارجية الأميركية من جهة أخرى قد أظهرت رغبة الأمريكان في تأجيل عملية الضم لموعد آخر.
وأحد العوامل لذلك هو الاضطرابات والاحتجاجات الواسعة في كل أنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على العنصرية ضد السود، التي أشعلها قتل الشرطة جون فلويد، وأشارت المصادر نفسها إلى رغبة عربية وتحديدا من دول الخليج بتأجيل هذه الخطوة، الأمر الذي يناقض بعض التسريبات التي تهدف لتعزيز وتعميق الهوة بين الشعوب العربية وأنظمتها (التلاعب الإسرائيلي برادار الضم والتطبيع) القاضية بدعم وتأييد هذه الأنظمة للضم في يوليو.
من المناسب التأكيد أن المعارضة الأمريكية لموعد وتاريخ -وليس لمبدأ- ضم أجزاء من الضفة الغربية هو شرط كافٍ وليس وحيدا لتأجيل الضم، ويماثله تقديرات نتنياهو الخاصة بأن موعد الضم يمسّ مصالحه الضيقة.
هل من الممكن أن تكون هذه المؤشرات جزءاً من عملية تضليل إسرائيلي لتهدئة المواقف (وتنويم جبهات) المعارضة الداخلية والخارجية لتمرير الضم؟
من الصعب نفي هذا الاحتمال رغم عدم ترجيحه، والحل على الصعيد الفلسطيني هو تبني فرضية الضم في موعده واتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمواجهته، وعلى رأسها تعزيز الجبهة الداخلية وإنهاء الانقسام والتعاون الأمني.