فلسطين أون لاين

العودة إلى مخيم اليرموك.. وهمٌ يتجرعه الفلسطينيون يومًا بعد آخر

...

على مرمى أمل من المخيم ومن أقرب المنافي عنه يرصد "غسان"، من حي الزاهرة حيث يقيم، أخبار قوافل النهب والتعفيش في مخيم اليرموك؛ تدخل خماصًا وتخرج محملة بكد فلسطينيين على مدار 63 عامًا.

آخر مراحل تجريد المخيم من وجوده كانت تلك الصور التي بثها ناشطون لعمليات تدمير ممنهجة لأسقف المنازل السليمة، والتي لم تتضرر رغم القصف والمعارك، وسحب قضبان الحديد منها.

يقول غسان الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي: "تتسابق عصابات التعفيش على المخيم كالجراد ولا نعرف لأي جهة يتبعون ولا يستطيع أحد إيقافهم".

ويضيف في حديث لـ"قدس برس": "المضحك المبكي أن بحوزتهم موافقات لدخول المخيم وحصد كل ما فيه على مرأى ومسمع الحواجز الأمنية، في حين تأخذ الفصائل الفلسطينية وضعية المزهرية إزاء ما يحصل".

وتساءل: "مَن الجهة التي تمنح هذه الموافقات؟"، سؤال يعرف إجابته تمامًا لكن يخشى البوح بها! مستدركًا: "في الفترة الأخيرة بدأت مجموعات من الغجر يستبيحون المخيم لا نعرف من أين أتوا".

وأوضح: "هؤلاء يعملون بالمياومة وبدؤوا في هدم أسقف المنازل وسحب قضبان الحديد بعد أن نهب مَن قبلهم الأثاث والأبواب وأسلاك الكهرباء واقتلعوا البلاط والرخام، ويوجد لديهم مكبس للحديد في شارع الثلاثين في المخيم حيث يباع الحديد المسروق بالكيلو".

وشبه غسان المخيم بقطعة البسكويت يتناقص شيئًا فشيئًا نتيجة استمرار عمليات التعفيش.

سرقات وخسائر

من جانبها صرحت "إيمان"؛ (اسم وهمي للاجئة فلسطينية من مخيم اليرموك) لـ"قدس برس": "مع بداية الأحداث في المخيم انتقلت مع عائلتي إلى قدسيا وعبرت عن إزعاجها الشديد من مدى الاستهتار بأرزاق الناس والطريقة التي تتم فيها سرقة المخيم".

وقالت: "من أجل سرقة واجهة ألمنيوم كلفت صاحبها 100 ألف يُهدم حائط بأكمله لاستخراج الواجهة وبيعها بـ5 آلاف ليرة! ويُهدم سقف منزل كلف بناؤه مليون ليرة من أجل الحديد الذي فيه وبيعه بـ20 ألفًا!.. ولك أن تتخيل حجم الخسائر التي يتكبدها الناس نتيجة هذا الأسلوب".

وأضافت: "مع كل هذا نرى الفصائل والمنظمة تلتقط صورًا هنا وهناك عن تكريم أو توزيع مساعدات. بات الكل ناقمًا على هذه القيادات الفلسطينية".

وأوضحت أن "مناطق كاملة في المخيم سويت بالأرض كشارع الثلاثين وشارع العروبة. في حين ما زالت مناطق أخرى محافظة على هياكل أبنيتها المتينة كيازور والمدارس وشارع اليرموك وشارع فلسطين".

وبيَّنت: "حتى عندما قدم الناس شكاواهم على عمليات التعفيش كان الطلب يكلف 5 آلاف ليرة، وبعد تقديم عدد كبير من الشكاوى لم يستفِد منها أحد هذا غير التبرعات التي جُمعت زورًا باسم المخيم".

واستطردت: "لا أحد له مصلحة بعودة المخيم حتى الأسواق المحيطة به انتعشت بعد تدمير أسواقه، والتي كانت تستحوذ على 40% من مبيعات دمشق (...) أمل العودة للمخيم بدأ يتحول إلى وهم مع تآكله شيئًا فشيئًا".

وهم العودة لليرموك

الكاتب الصحفي نزار السهلي، من مخيم اليرموك ويقيم في فرنسا، أوضح لـ"قدس برس"، أن "وهم العودة لليرموك كان له ما يخالفه على أرض الواقع منذ 8 أعوام".

وأضاف: "كثير من الشواهد والأدلة التي تبدد هذا الوهم، فمنذ قصف مسجد جامع عبد القادر وعملية النزوح الكبيرة ووضع الحواجز ورفع السواتر الترابية على مدخل المخيم، تبين لمعظم الفلسطينيين سقوط الحالة الرمزية لمخيم اليرموك، واستحالة العودة مجدداً مع تشديد الحصار والجوع وسقوط الضحايا واستمرار القصف والاعتقال؛ المخيم ذاهب إلى نقطة اللاعودة قبل عام 2011".

وأردف: "لقد شكل العمل العسكري وظهور فصائل متشددة جنوب دمشق ووصولها لليرموك ذريعة وغطاء للسياسة الرسمية الفلسطينية الواقعة تحت دائرة الإرباك في البداية ثم بلورة مواقفها بالانحياز الكلي لعملية تدمير المخيم وصولاً للتخلي عن الموقف العائم حيال ما يجري في سوريا عمومًا وفي اليرموك تحديداً".

وأكد أن من يتحدث عن وهم العودة لليرموك، هم ذاتهم من حملوا تحذيرات النظام للمخيم قبل قصفه بالطائرات وتدميره واعتقال المئات وقتل الآلاف وتشريد وضرب البنية الاجتماعية التي كانت قائمة، متسائلًا: "أي عودة ستمنح للأهالي وقد خسروا كل مقدراتهم الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية؟".

وشهد مخيم اليرموك عام 2018 بداية النهاية لأهم المخيمات الفلسطينية في الشتات؛ نهاية لم تنته فصول نكبتها بعد مع استمرار حالة التلاشي لكل تفاصيله على يد أمراء الحرب.

المصدر / وكالات