قال رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أنيس القاسم: إن رئيس السلطة محمود عباس يحاول من خلف الكواليس العودة إلى طاولة المفاوضات رغم التصريحات التي أعلنها بالانفكاك عن الاحتلال.
وشدد على ضرورة إعادة انتخاب مجلس وطني جديد يطيح بالقيادة الحالية ويؤسس لمرحلة جديدة، بأدوات مقاومة لا حصر لها، عادًا إعلان تنفيذية المنظمة الانفكاك عن الاحتلال إعلان فشل لمسار التسوية الذي مضى عليه 27 عامًا ودار في نفس النقطة دون نتيجة.
مرحلة خطرة
وأضاف القاسم في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين" في الذكرى الـ 56 لتأسيس منظمة التحرير التي تأتي في واحدة من أصعب وأخطر المراحل والظروف على القضية والشعب الفلسطيني: إن المنظمة تعيش الآن مرحلة خطرة جدًّا، لأن القيادة السياسية سحبت من رصيدها، وأعطت هذا الرصيد لمخلوق مصطنع، اسمه السلطة الفلسطينية".
وتابع أن القيادة الفلسطينية كانت تظن بـ"خداع ذاتي" أن السلطة هي نواة الدولة، وكأنها لم تقرأ تاريخ المفاوضات بين رئيس حكومة الاحتلال "مناحم بيجن" والرئيس المصري أنور السادات، حيث أقر بيجن أنه لن يكون للفلسطينيين دولة، بين النهر والبحر، وهي سياسة صهيونية ثابتة في التاريخ الإسرائيلي.
وحول إعلان تنفيذية المنظمة انفكاكها عن (إسرائيل) وإلغاء الاتفاقيات مع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، ومدى جدية التطبيق، قال القاسم: تستطيع المنظمة نظريًّا الانفكاك من قيود "أوسلو"، لكن الطريقة التي اتبعتها القيادة الحالية، حين أعلنت أن المنظمة والسلطة في حل من اتفاق أوسلو، تدل على عدم جدية ذلك.
وأوضح أن الانفكاك من أوسلو ليس بالسهولة التي "تحزم أغراضك في حقيبة سفر وتمشي"، معتقدا أن قيادة السلطة ليست جادة في ذلك ولم ترتب أو تتخذ خطوات تثبت فيها استعدادها لمرحلة ما بعد أوسلو.
وأضاف القاسم: "من ينظر إلى الوضع القائم الآن يرى أن السلطة تراوح مكانها وكأن شيئًا لم يحدث، والحكومة ما زالت في مكانها وكذلك الرئاسة والأجهزة الأمنية، ولا نعلم إذا كانت الأجهزة الأمنية، قد تم إعادة هيكلتها أم لا".
وأوضح أن إعلان السلطة التحلل من أوسلو يستوجب منها إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لأن كل "أوسلو" كانت عبارة عن تنسيق أمني، متسائلا: أين ذهبت الأجهزة الأمنية؟ وأين هي ومن الذي يسيطر عليها؟ وهي تم تدريبها وتثقيفها وبناء عقيدتها من قبل الجنرال الأمريكي "دايتون" بالتنسيق مع جهاز "الموساد" الإسرائيلي "لذلك يجب أن نعلم بالتفصيل مصير أجهزة أمن السلطة؟".
خداع ذاتي
ولفت القاسم إلى أن القيادة الفلسطينية تاريخيًا تمارس "الخداع الذاتي"، وكأن الاحتلال ضم الأغوار والمستوطنات في بداية الشهر يوليو/ تموز القادم، ولم يسرق الأغوار ولم يسرق حوض المياه الشرقي ولم يمارس التطهير العرقي من الأغوار، مشيرًا إلى أن (300) ألف فلسطيني كانوا يسكنون الأغوار إبان حزيران 1967 بينما عددهم الآن (60) ألفًا، وللاحتلال فيها (31) مستوطنة، متهكمًا بالقول: "وكأننا لم نكن نعلم أن (إسرائيل) تمارس كل هذه الموبقات وكنا نصمت".
وحول الإعلان الإسرائيلي المزمع للضم، أشار رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إلى أن مثل كل التصرفات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية تبدأ بالتوسع الواقعي وبعد أن يعتاد الرأي العام عليه، يقومون بالإعلان القانوني عنه.
واستشهد بما حدث بعد هزيمة حزيران 1967م حين قام الاحتلال بتوسعة حدود بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، حيث لم تعلن سلطات الاحتلال في حينه عن حدود بلدية القدس الاحتلالية إلى أن أصبحت أوسع وبنوا طرقًا وأصبحت المنطقة الجديدة من القدس جزءًا من دولة الاحتلال التي أعلنت في العام 1980 القدس عاصمة للشعب اليهودي.
وعلق القاسم على ذلك: "هذا نموذج لما تقوم به دولة الاحتلال حاليا من عمليات ضم وتوسع فعلي، ثم يأتي التوسع والإعلان القانوني".
ويأتي إعلان اللجنة التنفيذية التحلل من الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال ردًا على مخطط الأخيرة ضمّ أكثر من (130) مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، مطلع يوليو/ تموز المقبل.
وحول مستقبل السلطة، يعتقد القاسم أنها تواجه مستقبلًا مظلِمًا لأنها تخلت عن الثوابت الفلسطينية وباعت نفسها بالتالي إذا لم تعد السلطة لإعادة هيكلة منظمة التحرير وإعادة تشكيل مجلس وطني جديد، بانتخابات حرة، سترتكب "حماقة كبرى" بمستقبل القضية الفلسطينية.
ورد على سؤال "فلسطين" إن كان الصراع سيعود لبداياته؟ استبعد ذلك في ظل القيادة الحالية، كونها "أفلست إفلاسا كاملًا، لا يمكن الركون عليها لإنقاذ العملية السياسية للشعب الفلسطيني".