خلال العشر الأواخر من رمضان تشحذ الهمم ويجتهد الصائم لأداء مزيد من الطاعات لنيل الثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى، ولكن كيف يمكن ان نغرس في نفوس الاطفال قيمة هذه الأيام المباركة ونجعلهم يستثمرونها؟
وتقع المسئولية هنا على الوالدين من خلال الجلوس مع أطفالهم وتوضيح ما هي العشر الأواخر وليلة القدر التي نزلت فيها سورة خاصة في القرءان الكريم، وتعريفهم وتعليمهم ما يتعلق بها بأسلوب محبب وجميل.
عبلة منصور استفادت من بعض مقاطع الفيديو الإسلامية الموجودة على الانترنت لتعريف طفلها عامر (10 أعوام) على الليالي العشر وليلة القدر، موضحة أن المقاطع المرئية تأتي على هيئة رسوم متحركة جذابة لمن هم في عمر طفلها.
في دردشة مع صحيفة "فلسطين"، تقول: "كنت أجلس مع طفلي وأتابع معه هذه الفيديوهات وأجيب عن أي سؤال عنده، وما أن ننتهي من المشاهدة نحدد نوع من العبادة لممارستها في ليلة من الليالي العشر، سواء كانت الصلاة، الدعاء أو قيام الليل".
وتشير منصور إلى أن سرد القصص ومشاهدة الرسوم الكرتونية كان عامل جذب لطفلها للتعرف على هذه الليالي والعبادات التي يمكن أدائها، كما أنها جعلته مرتبطاً بها ويحب أدائها.
من جانبه يقول الداعية الإسلامي مصطفى أبو توهة :" إن القاعدة في تربية الأبناء في الدين الإسلامي في قول الرسول "كلكم راع وكلككم مسئول عن رعيته" وهذه القاعدة النبوية منبثقة من القاعدة العظمى في قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم:6)
ويضيف في حديث مع صحيفة "فلسطين": "إن تربية الأبناء ليس منة أو تفضلاً على الأبناء بل هي أمانة سيسأل عنها القائمون عليها، وقد حذر النبي الكريم من التفريط والإهمال في هذه الأمانة الضخمة حيث قال النبي" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول".
ويوضح أبو توهة أن تربية الأبناء وتنشئتهم على القيم والمبادئ والأخلاق الدينية لا تقل أهمية أو ضرورة على الرعاية البدنية والصحية والنفسية، وذلك يتمثل في قول الله تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات:56).
ويتابع بأنه يتعين على الوالدين أن ينشئوا أولادهم على الفرائض والطاعات منذ نعومة أظفارهم، وهي تنشئة لا تقوم تحت سياط والوعيد والتهديد، بل على التحبيب والترغيب والتلويح بالفوائد والعوائد والجوائز التي تحث الخطى لهذا الطفل الذي ينساق تحت بريق الرغبة لتلك العبادات.
ويبين أنه فيما يتعلق بالصلاة فيمكن أن يؤديها الطفل غير المكلف، قدر المستطاع وليس بحذافيرها ولو أداها بدون وضوء لا سيما في ليالي البرد فلا تثريب عليه، أما الصيام فهو أكثر ضرورة في الاشفاق والرحمة لأنه تكليف بدني والطفل يتأثر به ويحتاج لرعاية بدنية.
ويؤكد أبو توهة ضرورة الاهتمام بدائرة الرفق والرحمة بالأطفال، مع تذكيرهم بالقرآن الكريم الذي نزل في ليلة القدر وبالأجر والثواب.
ويذكر أبو توهة أن سماع الأطفال للقرءان من الكبار يجعلهم يقبلون على قراءته حيث أن الاطفال يتجرعون العبادات من أداء والديهم لها ويستقبلها الطفل بالحب والود والرغبة فينشأ الطفل في المستقبل القريب شاباً مؤمناً تقياً محباً لدينه بكل عباداته.
ويشير إلى أن وسائل التقنيات الحديثة أراحت وأعفت الآباء من عناء كبير مع ايضاح الصورة المرئية التي يقف ورائها خبراء متخصصون وفرق معنية بتهذيب وتربية الأطفال.
وينبه إلى أنه يمكن أن يشاهد الأطفال مقاطع الفيديو الخاصة بالليالي العشر وليلة القدر والتي تكون عبارة عن قصص قصيرة تُسرد بشكل جذاب وملفت لنظر الأطفال وهو ما يجعلهم مقبلون على معرفة ما يتعلق بها بكل سهولة.
لكن أبو توهة يكمل: "لا ينبغي ولا يليق أن تكون الشاشة وحدها الوسيلة الوحيدة التي يتعلم منها الأطفال دينهم وعباداتهم، بل يجب أن يكون للأبوين دور أساسي في التطبيق العملي لهذه العبادات أمامهم ليكونوا القدوة الحسنة لهم".