قال القيادي في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، عمر شحادة: إن مخرجات اجتماع الثلاثاء برئاسة رئيس السلطة محمود عباس بمثابة "رصيد غير قابل للصرف"، خاصة مع عدم وجود استراتيجية بديلة، وتعبر عن قصور وإصرار على مواصلة التفرد بمنظمة التحرير.
وأشار شحادة في حوار مع صحيفة "فلسطين" إلى أن السياسة الرسمية للسلطة على امتداد ثلاثة عقود، قامت على ما يسمى حل تفاوضي وإنجاز "حل الدولتين"، وهذا يعني أن "بيان عباس" الأخير تأخر 21 عاما منذ مايو/ أيار 1999، الذي انتهى فيه اتفاق "أوسلو"، وقياسا بقرارات الاجماع الوطني والمجلسين الوطني والمركزي بأن هذا المسار وصل لطريق مسدود، ويجب البحث عن سياسة جديدة.
وأعلن عباس أن "منظمة التحرير ودولة فلسطين قد أصبحتا في حِلٍّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الأمنية".
وقال عباس في كلمته خلال اجتماع في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، مساء الثلاثاء: إن القيادة اتخذت هذا القرار التزاما بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
أهداف المشاركة
وأوضح شحادة، أن مشاركة الجبهة في اجتماع الفصائل (بغياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي) انطلقت من خطورة اللحظة السياسية المعبر عنها في خطر فيروس كورونا وتأثيره على الشعب، ومناهضة الاحتلال، وفي ظل تشكيل حكومة إسرائيلية قائمة على التوسع والضم.
وأضاف شحادة لصحيفة "فلسطين": "وجدنا أنه لا ضير بأن نسعى باتجاه أوسع اصطفاف وطني ممكن، فذهبنا من أجل التوافق والتحاور للوصول لنقطة النهاية في مسيرة أوسلو واشتراطاتها وتوفير الممكنات الموضوعية لمواجهة المخاطر التي تواجه الشعب وعلى رأسها صفقة "ترامب" ومخطط الضم.
وعن الذي حدث في اجتماع السلطة مع عدد من الفصائل الفلسطينية برام الله والذي مثل فيه شحادة الجبهة الشعبية، أوضح بأنه حرص على التأكيد أن غياب القوى الأخرى (حماس، والجهاد، والصاعقة، والقيادة العامة) عن هذا الاجتماع هو مؤشر إلى أن هذا الإطار لن يستمر على هذه الصورة فهو إمّا أن يتسع ويتضاعف، أو يمكّن أن يضمحل يومًا.
سببان للانسحاب
وأضاف: "طرحنا وجهة نظرنا السياسية وكان وقعها ثقيلًا حاول رئيس السلطة تعطيل محتواها الديمقراطي، حاول منعنا من استكمال وجهة نظرنا بالترهيب عبر مرافقه ووصلنا لدرجة من القنوط من استمراريتنا في الاجتماع وأنه سيتحول لوليمة للمناكفات والمهاترات فآثرنا الانسحاب، لسببين"، وفق تعبيره.
وبين أن السبب الأول رفض للبيان السياسي الذي يعتبره لا زال يدور في دوامة المفاوضات "وهذا البيان يقصر ردودنا على صفقة ترامب"، وثانيا الواقع الخطير باللجوء قسرا وحصريا إلى المجتمع الدولي "وهو أمر نرى فيه عجزًا عن مواجهة التحديات الوطنية التي يواجهها شعبنا، وغياب أي دوائر حقيقية تستطيع مواجهة التحدي".
وتابع: "أكدنا خلال الاجتماع، أن البيان بهذا المضمون عاجز، ويجب معالجته بالدعوة الفورية لتفعيل لجنة تطوير منظمة التحرير ووضع إستراتيجية حتى لا نبقى ندور بنفس الحلقة، وهذه الإستراتيجية يجب أن تتم بالتوافق ويتم ترتيب بناء منظمة التحرير الفلسطينية واعادة الاعتبار لها، ببرنامج وحدة وشراكة وعودة وتقرير مصير بما يعزِّز وحدة الهوية وتمثيل الشعب الفلسطيني".
ولفت شحادة إلى أن هذا الرد الذي يمكن أن يفضي إلى مواجهة تحديات صفقة "ترامب" والتطورات على المستوى الدولي ويضعنا في موقع المواجهة وإعادة الاعتبار للمقاومة.
رهان على المفاوضات
وأضاف: "طالبنا أن يتم طرح موقفنا لأننا لم نشارك في إعداد ورقة البيان، التي أعدتها اللجنة المركزية لحركة فتح، لكن في هذا الجو المصاب بالترهيب والتوتر وغياب الحد الأدنى من الحوار الوطني الحر، اضطررنا للإعلان عن الانسحاب خاصة بعد اتضاح حقيقة الموقف السياسي المُتَّسم بالرهان على المفاوضات.
وأردف: "قلنا إنّه لن نسمح بتحول المنظمة لـ"ختم بجيب مختار"، وأنه يجب أن تكون هناك سياسة شاملة تقوم على وضع رئيس السلطة وسياساته أمام أسئلة حاسمة باتجاه ضرورة تغليب المصالحة الوطنية وقرارات المؤسسات على الحسابات الفئوية، ووقف التلاعب بالحديث عن المفاوضات وهذا أمر لا يمكن أن يوقفه إلا تعزيز قوى المقاومة.
دمار متواصل
وقال: إن القضية الأخطر أنه بعد اتضاح المشروع الإسرائيلي وصفقة "ترامب" وقانون القومية وأهدافه بتصفية القضية ونفيها، يصدر بيان يتحدث عن مفاوضات ورباعية، ما يؤكد أن هذه السياسة لم تنتج إلا مزيدًا من الدمار، "فهذا الاجتماع بلا رصيد لأنه يعيدنا لنقطة البداية والدوران والرهان على المفاوضات".
ولفت شحادة إلى أن عباس يريد مواجهة سياسية مع الاحتلال باللجوء للمجتمع الدولي مما يعني أنه يراوح في الرهان، رغم أن المقاومة هي السبيل للحفاظ على بقائه، مشددًا على الوحدة عبر منظمة التحرير وأسس الشراكة ببرنامج وطني موحد.
وحول مستقبل الضفة الغربية في ظل المخططات الإسرائيلية، يعتقد أن الأمور ذاهبة باتجاه تنفيذ مشروع إسرائيلي على الأرض من هذا المعنى لن يتوقف لا في المستوطنات ولا الأغوار، خاصة أن مشروع التوسع وفرض السياسة الإسرائيلية جزء جوهري من برنامج حكومة الطوارئ.
وقال: إن السلطة تستطيع وقف التنسيق الأمني، لكن دون وضع إستراتيجية بديلة على أساس الوحدة وعودة مكانة منظمة التحرير يضع علامات استفهام كبرى حول القرار الذي سيتحول لشكل من أشكال "الحرد" من أجل تحسين التفاوض، على حد تعبيره.