فلسطين أون لاين

سامر صيام.. حكاية إفطار حارس للمسجد الأقصى

...
القدس المحتلة- غزة/ جمال غيث:

وسط فراغ وصمت، غير معهودين بالمسجد الأقصى في هذه الأوقات، بسبب جائحة كورونا، بدا سامر صيام منهمكًا في إعداد مائدة الإفطار، برفقة زملاء له قبالة قبة الصخرة المشرفة.

واعتاد صيام (46 عامًا) -وهو أحد حراس المسجد الأقصى المبارك- الإفطار بحكم عمله في باحاته، بعيدًا عن عائلته التي تقطن في البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة.

ويعمل صيام حارسًا في الأقصى منذ 24 عامًا في المدة المسائية يومًا بعد يوم، وتبدأ من السادسة مساء وتنتهي عند التاسعة صباحًا.

ويحاول صيام جاهدًا تنظيم سفرة الإفطار بعيدًا عن عائلته المكونة من تسعة أفراد، يومًا بعد يوم، بجلب طبق صغير من الحمص ومشروب الخروب وبعض القطائف من أحد المحال، بالبلدة القديمة، التي لها طعم ومذاق خاصان في الشهر الفضيل.

"لكن الجلوس على مائدة الإفطار في رحاب المسجد الأقصى له طعم مختلف، فالحارس الليلي يتملكه شعور -لا سيما عندما تشير الساعة إلى الواحدة بعد منتصف الليل- بأنه هو الوحيد من مليار ونصف مليار مسلم في العالم يوجد في هذه اللحظة بالمسجد الأقصى المبارك" يقول صيام لصحيفة "فلسطين".

وبين الفينة والأخرى يمسك صيام هاتفه المحمول، ليبدأ تصوير مائدته البسيطة ليرسل صورتها إلى أسرته، التي تتصل على مدار الوقت كي تطمئن عليه في الأوضاع التي تشهدها المدينة المقدسة، من إغلاق المسجد وتعليق حضور المصلين بسبب جائحة كورونا.

ويعوض الحارس صيام غيابه في اليوم التالي بمشاركة أولاده في إعداد مائدة الإفطار والصلاة جماعة في المنزل، أو اصطحابهم إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة التراويح هناك في حال سنحت له الفرصة بذلك، أو مشاركة عائلته في الإفطارات الرمضانية وفقًا لأيام إجازته.

ورغم مضايقات الاحتلال المستمرة يحاول صيام الحفاظ على الأقصى من انتهاكات الاحتلال للمكان والعاملين والمصلين، فتارة يمنعهم من العمل، وأخرى يأسرهم ويعتدي عليهم، في محاولة لتنفيذ المخططات الاحتلالية.

ويبدي صيام حزنه بسبب خلو المسجد الأقصى من المصلين، الذين كانوا يجلبون طعام الإفطار ويعدون الولائم في الباحات المقدسة خلال الشهر الفضيل، فشهر رمضان ومائدة الإفطار لهما طعم خاص في رحاب المسجد الأقصى.

وكان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية علّق في 23 من آذار (مارس) الماضي حضور المصلين من جميع أبواب المسجد الأقصى مدة مؤقتة، استجابة لتوصيات العلماء والجهات الطبية، حفاظًا على صحة وحياة المصلين بعد وصول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) إلى القدس المحتلة.

واستثنى تعليق الحضور جميع الموظفين والعمال والحراس، واستمر رفع الأذان للصلوات كافة، على أن يؤدي الموجودون الصلوات في الساحات مع مراعاة الإرشادات الصحية.