فلسطين أون لاين

تشارك المناسبات السعيدة لمسةٌ تبدّد الغربة

...
غزة - هدى الدلو

في لحظة الفرح تبغَتُهم دمعة الفراق على أحبتهم في بلاد الغربة, قضوا سنين عمرهم ويتمنون لو أنهم وثّقوا معهم أجمل لحظات حياتهم من مناسبة زفاف، أو نجاح وتخرج، وغيرها من المناسبات السعيدة.

ومن رقد في بلاد الغربة بعيدًا عن أهله لأي ظرف كانت تفيضُ مشاعره في الأحزان على قسوة الغربة في قطاع غزة لما تعانيه من ظروف قاسية جراء الحصار المفروض عليها منذ عشرة أعوام وإغلاق مستمر للمعابر، فلم يستطيعوا مشاركة أهلهم مناسباتهم لتصفعهم الغربة بأقوى ما لديها، فلم يكن بوسعهم إلا المشاركة الوجدانية وبقدر المستطاع التي من شأنها أن تثبت وجودهم بين أهلهم في المناسبات السعيدة وكأنهم يصرخون بأعلى صوتهم: "نحن معكم قلبًا وقالبًا".. فكيف يمكن للمغتربين أن يشاركوا أهليهم المناسبات السعيدة؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي.

تسجيل صوتي

سمية مراد (25 عامًا) تركهم والدها وسافر إلى إحدى دول الخليج قاصدًا العمل لتحسين ظروف عائلته منذ أكثر من سبعة أعوام، فلا يعود إلا كل عدة أعوام نظرًا للظروف السائدة في قطاع غزة.

تقول سمية: "في يوم زفافي التي تعد ليلة العمر لكل الفتيات، تمنيت أن يكون والدي بجانبي هو من يزفني إلى زوجي، ولكنه لم يستطع القدوم إلى القطاع بسبب إغلاق معبر رفح".

ولكن الجميل واللفتة المميزة في فرحها أنه بغَتَها بتسجيل صوتي أثناء حفل زفافها، أرسل لها من خلاله أجمل التهاني وباقات الورد، وتضيف: "لحظات سماعي للتسجيل شعرتُ وكأنه معي ويشاركني فرحتي، فالمشاعر خلال تلك اللحظة تكون مختلطة ما بين فرحٍ وحزن، ولكنها تبقى وسيلة للمشاركة في المناسبات السعيدة مع الأهل والعائلة".

هدية خاصة

وفي يوم وداع أخيه يومَ سفره لإكمال دراسات عليا أعيد نفس المشهد؛ حيث انهمرت الدموع في حفل تخرج محمد سالم (23 عامًا)، فقد رافقتهم مشاعر جياشة تمنوا خلالها تبدد المسافات ويكون بينهم ليشاركهم أجمل لحظة في حياته.

ولكن أخاه المغترب لم يجعل هذه المناسبة تمرّ مرور الكرام دون أن تكون له بصمة ولمسة، فأوصى أحد إخوته بشراء هدية وتقديمها لمحمد باسمه الشخصي، لتبقى ذكرى لا ينساها مع مرور السنين.

أثر نفسي

وفي السياق ذاته، تحدثت الأخصائية النفسية سمر قويدر عن أن المغترب في البلد الأجنبي يعيش أوضاعًا نفسية صعبة في الأيام العادية، وتزداد حدتها في حال وجود مناسبة سعيدة لدى أهله وأقاربه، يتمنى وقتها لو كان بينهم ليشاركهم هذه الفرحة.

وأوضحت أنه رغم أن المسافر قد سافر بغرض الحصول على أشياء يرغب بها، إلا أن هناك أشياء متعلقة به في بلده ووطنه وبين أهله وأقاربه حيث تجمعه ذكريات طفولية وشبابية يحتفظ بها في كينونته، فيفتقد أشياء كثيرة ومواقف فيتولد له شعور بالغربة والحنين.

وأشارت قويدر إلى أنه في حال وجود مناسبات وأفراح لدى عائلته وأقاربه فتتولد لديه رغبة بالجمع مع الأقارب والأصدقاء، فيبغَتُه شعور الحزن، متمنيًا وجوده معهم ليشاركهم في المناسبات.

وبينت أن المغتربين يحاولون أن تكون لهم لمسة وبصمة في هذه المناسبات، من خلال مشاركته في الحفلات أو المناسبات من خلال بصمته الخاصة في التجهيز، أو بتسجيل صوتي يشعر به الجميع كأنه موجود بينهم، وأنه على تواصل دائم وبالتالي لا يشعرون بثقل لعدم وجوده بينهم في المناسبات التي يتمنون مشاركته معهم، أو من خلال تقديم هدية باسمه.

ونوهت قويدر إلى أنه يمكن لأهله أن يزودوه بصور من قلب الحدث، فمشاركة المغتربين للمناسبات السعيدة له أثرٌ نفسي عظيم في المغترب وأهله فتربطه معهم علاقات روحانية لها دور كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية حتى في حالة البعد، كما أنها تخلق جوًا من السعادة والفرح.