تمر بنا في هذه الأيام الذكرى الثانية والسبعون للنكبة، ورغم مرور هذه السنوات الطويلة على نكبة فلسطين، وتهجير أبنائها وتشريدهم، إلا أن أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده، بعقيدتهم متمسكون، وعن أرضهم مدافعون، ولفلسطين المباركة مُحِبّون، فالنفوس البشرية جُبلت على حبِّ الأوطان، فحبُّ الأوطان من الإيمان، وهل ينسى الإنسان وطنه؟! فشعبنا الفلسطيني مُحِبٌّ لوطنه اقتداء بحبيبنا ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي علَّم الدنيا كلها حبَّ الأوطان يوم قال مخاطبًا مكة المكرمة: (وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ)، أجل فما من الوطن بُدٌّ، وما للإنسان عنه من منصرف أو غنى، في ظلِّه يأتلف الناس، وعلى أرضه يعيش الفكر، وفي حماه تتجمع أسباب الحياة.
ومن المعلوم أن أرض فلسطين وقف إسلامي إلى يوم القيامة، وهي عزيزة علينا دينًا ودنيا، قديمًا وحديثًا، ولن نُفرّط فيها أبدًا مهما كانت المُغريات، ومهما عَظُمَت التهديدات، ومهما كلفتنا التضحيات، فهي الأرض التي وُلدنا على ثراها، ونأكل من خيرها، ونشرب من مائها، ونستظل بظلها.
إن حق العودة حق تاريخي للفلسطينيين؛ لأنه حق ناتج عن وجودهم في فلسطين منذ خمسة آلاف عام قبل الميلاد، وهو حق شرعي لأن فلسطين أرض الإسراء والمعراج، كما أنه حق قانوني ثابت في المواثيق الدولية لا يسقط مع مرور الزمن، فهو حق فردي وجماعي.
إن حق العودة إلى فلسطين أرض الآباء والأجداد التي عاشوا فيها قبل سنة 1948م هو حق شرعي توارثي لكل فلسطيني، يتوارثه الأبناء والأحفاد عن الآباء والأجداد، وهذا الحق مكفول لكل فلسطيني ولذريته من بعده، مهما بلغ عددهم وأماكن تواجدهم ومكان ولادتهم، وظروفهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
إن أرض فلسطين أرض وقفية مباركة، ومن المعلوم أن لكل فلسطيني الحق في العودة إليها والتعويض معًا؛ لأن اللاجئ الذي هُجّر من بلاده له الحق في العودة إليها، كما أن له الحق في المطالبة بالتعويض عن التشريد والأضرار والمعاناة والخسائر التي لحقت به وبذريته.
إن شعبنا الفلسطيني اليوم وفي ظلِّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها أحوج ما يكون إلى الوحدة، فالقدس لم تُحَرَّر عبر التاريخ إلا بالوحدة، ولن تتحرّر إلا بالوحدة، فإذا كنا مُوَحَّدين فإن صفقة القرن وقرارات الضمّ وجميع المؤامرات ضدّ شعبنا الفلسطيني سيكون مصيرها الفشل بإذن الله، فعلى صخرة الوحدة تفشل التهديدات وتتحطم المؤامرات الخبيثة التي تُحاك ضدّ شعبنا المرابط وأرضنا المباركة.
وفي الختام فإننا نؤكد على أن حق العودة إلى فلسطين الحبيبة حق مقدس وواجب شرعي، ولن يسقط بالتقادم، وستبقى أرض فلسطين المباركة لأهلها ولجميع المسلمين إن شاء الله تعالى حتى قيام الساعة.