أنهت القمة العربية قرب البحر الميت في الأردن أعمالها ببيان ختامي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووما جاء في البيان الختامي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا يحمل جديدا في اللغة أو الموقف، حيث قال البيان:" إن الزعماء العرب على استعداد لتحقيق "مصالحة تاريخية" مع (إسرائيل) مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967. وأن الدول العربية ستدعم محادثات السلام (الفلسطينية–الإسرائيلية) لإنهاء عقود من الصراع إذا ضمنت قيام دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع (إسرائيل) .ودعا البيان الختامي الدول الغربية إلى عدم نقل سفارتها إلى القدس؟!
ما جاء في البيان في الفقرة آنفة الذكر لا يحمل جديدا يختلف عما جاء في القمم السابقة، حيث تم التأكيد على المبادرة العربية، والتمسك بقيام الدولة الفلسطينية، وحل الدولتين، والحفاظ على القدس العربية جزءا من الأراضي المحتلة، ولكن في الوقت نفسه تتحدث اللقاءات الجانبية، وهي عادة ما تكون أهم مما في كلمات المتحدثين التي تتصف بالعمومية، أن هناك احتمالا لتشكيل رباعية عربية تضم السلطة ومصر والأردن والسعودية للقاء ترامب الرئيس الأميركي قريبا، وفي جعبتهم أفكارا عن الحلّ للصراع العربي يأخذ بالاعتبار مطالب دولة العدو، وأفكار ترامب نفسه، مما دفع بعض الصحفيين كصحيفة( رأي اليوم) إلى القول إن هذه القمة هي قمة لتشكيل التحالف السني بالتعاون مع (إسرائيل) وواشنطن؟!!! .
إذا صحّ ما توقعته الصحيفة فإن التوجه المركزي ينتقل إلى المشرق حيث ترى الأطراف ضرورة مواجهة التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وتصدير الثورة، وتمدد إيران داخل العراق وسوريا ولبنان، وهو أمر يلقي بالقضية الفلسطينية إلى المرتبة الثانية أو الثالثة عربيا، وهو أمر مريح لدولة العدو.
ثمة غموض فيما دار بين الكواليس في القمة العربية فيما يتعلق بحل المشكلة الفلسطينية، حيث تقول المصادر المطلعة أن ترامب يعتزم طرح أفكار نيتنياهو على الرباعية العربية بصيغتها الأميركية، وأن الوقت مناسب لحلّ جذري للقضية، وهو ما أبدى قلقه منه الكاتب فهمي هويدى المهتم بالشأن الفلسطيني والقضايا العربية، لا سيما بعد أن صرح عباس أنه يبحث عن أفكار جديدة للحل، وبعد لقائه مع الرئيس المصري والملك الأردني.
ثمة مفارقة تقليدية تبعث عادة على القلق بين ما يحكيه البيان الختامي للجامعة العربية، بوصفة بيانا يخاطب الشعوب العربية، وبين ما يجري الإعداد له في اللقاءات الجانبية التي تخاطب الولايات المتحدة الأميركية و ( إسرائيل) .
إن الفقرة التي تتعلق بفلسطين في بيان القمة واضحة لا غموض فيها، ولكن الأخبار المسربة تتجه نحو الغموض، وربما تبعث على القلق، إذ المؤشرات تشير إلى استعداد عربي لتقديم مزيد من التنازلات للعدو الصهيوني بما يتصل بالمبادرة العربية نفسها في مقابل التفاهم مع ترامب حول المشكلة الإيرانية، والإرهاب الدولي، لذا تجد أن دول الخليج أكثر ترحيبا بترامب، من ترحيب الشعب الأميركي بإدارة ترامب.