اختلفت مظاهر إحياء ذكرى النكبة الـ72 هذا العام، بسبب تفشي فيروس "كورونا"، حيث اقتصرت على فعاليات إطلاق الطائرات الورقية التي تحمل كل واحدة منها اسماً لقرية أو بلدة مهجرة في الداخل المحتل.
وغيّب فيروس "كورونا" المسيرات الحاشدة والمهرجانات الخاصة بإحياء ذكرى النكبة، إلا أن الأطفال يأبون إلا أن يحيوا هذه الذكرى بطائراتهم الورقية لتُشكّل لوحة فنية في سماء المدن، بعد انطلاقها من أسطح عشرات المنازل في قرية كفر قدوم بقلقيلية.
ووصلت الطائرات الورقية فوق مستوطنة "كدوميم" التي أقيمت على أراضي القرية عام 1976، وحاصرتها وأغلقت مدخلها الرئيس منذ عام 2003م.
يقول منسق فعاليات مسيرة كفر قدوم الأسبوعية مراد شتيوي، إن هذه الفعالية تأتي بالتزامن مع رمزية ذكرى النكبة الـ72 وبحضور الجريح الطفل عبد الرحمن شتيوي (10 سنوات) الذي قنصه جيش الاحتلال".
وأوضح شتيوي أن هذه الفعالية ترسخ تفاصيل النكبة في ذاكرة أطفال قرية كفر قدوم، حتى لا ينسى الجيل القادم جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وبيّن أن "الذي ميّز فعالية الطائرات الورقية في كفر قدوم الحضور اللافت للأطفال حتى سن أربع سنوات، وجرحى المسيرة الأسبوعية، إضافة إلى مشاركة جميع الفئات العمرية في القرية"، عاداً ذلك "مشهداً مشرفاً للطائرات الورقية التي تحلق فوق مستوطنة كدوميم رغما عن الاحتلال والمستوطنين".
وأشار إلى أن "الطائرات الورقية حملت أسماء الأسرى في سجون الاحتلال كي تحلق فوق مغتصبة كدوميم، كالنسر في سماء الحرية".
واختلفت المشاهد من طفل لآخر، فالطفل خالد شتيوي (13 عاماً) أحد جرحى مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، صنع طائرة ورقية وكتب عليها "بيسان" أملاً منه بالعودة لها بإذن الله.
أما الفتى الجريح محمد شتيوي (16 عاما) فيقول: "جئت إلى المكان الذي أصبت فيه قبل أشهر عدة لأشاهد الطائرات الورقية التي تحلق في سماء القرية".
في حين يقول المواطن عاكف جمعة :"نحن أمام مشهد تاريخي، فأطفالنا سبقونا بطائرات ورقية باتجاه الغرب نحو الداخل الفلسطيني، فهذا وفاء لكل الشهداء والأسرى وللوطن المسلوب".
وأكد جمعة أن هذه الفعالية تثبت مدى وفاء الشعب الفلسطيني لقضيته، "فنحن بعد 72 عاماً نرفع أسماء مدننا فوق أرضنا التي اغتصبت" وفق قوله.
أما في الداخل المحتل، فيقول البروفيسور إبراهيم أبو جابر من بلدة كفر قاسم: "مظاهر النكبة لا يمكن أن تختفي بشكل قطعي حتى لو كانت هناك حروب في الميدان".
وبيّن أن إطلاق طائرات ورقية بشكل جماعي له أهميته المعنوية والرمزية، وهي رسالة للاحتلال أن الفلسطينيين لهم حق لا يمكن أن يتنازلوا عنه.
وأضاف: "في ظل جائحة كورونا شاهدت مبادرات شبابية، منها: إرسال فيديوهات عن تصورات لمشاهد العودة يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كتظاهرة إلكترونية لترسيخ حق العودة في ذكرى النكبة الـ72، وهذا أمر له قيمة رمزية".
وشدد على أن "الشباب القائمين على هذه المبادرات أفشلوا رهان الحركة الصهيونية على شطب ذاكرتهم، وذلك بإصرارهم على تجسيد حق العودة في ذكرى النكبة"، مشيراً إلى أن الاحتلال حاول تجريم الاحتفال بحق العودة من خلال قوانين عنصرية إلا أنها بقيت حبراً على ورق، وزاد التفاعل مع فعاليات النكبة في كل عام.

