فلسطين أون لاين

الأرض لا تهدى ولا تباع

41 عاما مضت على ذكرى يوم الأرض الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في 30 مارس من كل عام، منذ أن قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها للمستوطنات في سياق مخطط تهويد الجليل، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وإصابة واعتقال المئات.

يأتي يوم الأرض ولا يزال الاحتلال الاسرائيلي يواصل مصادرة اراضي الفلسطينيين من قتل وقصف وتدمير واعتقال وحصار، وإحكام حظر التجوال ، وإجراءات القمع والإرهاب وهدم القرى والحرمان من أي فرصة للتعبير أو التنظيم. فمنذ عام 48 تصادر الأراضي العربية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وأصدر قوانين متعددة الأسماء والأشكال لتكون سرقتها "مبررة وشرعية"، فمن قانون الأراضي "البور" إلى المناطق المغلقة، إلى قانون "أملاك الغائبين" إلى مناطق الأمن، إلى استملاك الأراضي . إلى إرغام العرب على رهن أراضيهم، حتى تمكنت من تجريد العرب من حوالي مليون دونم من أخصب أراضيهم. ولم يتوقف الاحتلال عن استصدار "قوانينه"، وممارسة سياساته، التي تتماشى وفقا لنظريته القائلة: "ما أصبح في يدنا هو لنا، ولا يزال في يد العرب هو المطلوب"، وكان آخر القوانين في هذا المجال، ما صدر عن مجلس وزراء الاحتلال بشأن مصادرة الأراضي بحجة تطوير الجليل، وبعد أن زادت نسبة سكان العرب فيه عن 50% .

هبة يوم الأرض لم تكن وليدة صدفة بل كانت وليدة مجمل الوضع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة منذ قيام الكيان، وقد شكلت عملية تهويد الجليل وما تزال هدفاً من أهداف الاستيطان منذ ان حدد بن غوريون هذا الهدف بقوله: "الاستيطان نفسه هو الذي يُقرر إذا كان علينا أن نُدافع عن الجليل أم لا، فقد احتلت (اسرائيل) عام 48 أقساماً واسعة من الجليل، وأقام فيها العديد من المستوطنات، وبررت عملية الاستيلاء على الأراضي، بأنها أراضٍ للغائبين، ولكن الاستيلاء لم يقتصر على أراضي الغائبين، وإنما وضع يده على أملاك حكومة الانتداب البريطاني، وتقدر هذه الأراضي بحوالي 2-3 ملايين دونم، لم تكتفِ بتلك الأراضي، وإنما امتدت يدها إلى أراضي الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم.
ورغم التهويد احتفظت منطقة الجليل بأغلبيتها العربية، فأعلنت سلطات الاحتلال في أوائل عام 1975م عن خطة لتهويد الجليل تحت عنوان: "مشروع تطوير الجليل"، وهي الخطة التي تعد من أخطر ما خططت له حكومة الاحتلال؛ ذلك أن نظرية الاستيطان والتوسع توصي بألا تُقام مظاهر التطوير فوق الأراضي المطورة، وإنما فوق الأراضي البور والمهملة، وهي التسميات التي تُطلق على الأراضي التي يملكها العرب.
لعل أهم حدث في هذه المناسبة أن ذكرى يوم الأرض هذا العام تتزامن مع انعقاد القمة العربية في عمان, ليذكر الجميع أن الأراضي العربية لا تزال محتلة، ويؤكد عدم إهدائها أو بيعها أو التنازل عنها مهما كانت الاسباب والاثمان وكل ما يقال عن المفاوضات ما هو الا استهلاك للوقت ومضيعة للأرض، فكل ما يفاوض عليه الان اقل من 22% من فلسطين وأما الجولان السورية وباقي الاراضي اللبنانية يرفض الاحتلال التنازل عنها، واصبحت ضمن عملية التهويد والاستيطان.