قائمة الموقع

الأسير ياسر ربايعة.. أمل في "كسر المؤبد"

2020-05-12T16:42:00+03:00

بقي شهران ويدخل السنة الـ20 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فيها كبر طفلاه: لوار التي لم تتجاوز من عمرها يوم أسره عامًا، وشقيقها الرضيع محمد، أصبح الطفلان شابين، ليمر رمضان تلو الآخر، فيها تفتقد العائلة الأسير ياسر ربايعة (45 عامًا) الذي يواصل الغياب قسرًا عنهم خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي.

كلمة من ثلاثة أحرف لا شك أنها صغيرة في حجمها، ولكن هناك واحدة تكمن فيها جميع معاني القوة والحب والثقة، "أبي" التي حرمت لوار منها، وهي تخاطب والدها المقيد بحكم مدى الحياة: "لا أتذكر متى لمستك، أو أمسكت بيديك، أو حتى احتضنتك آخر مرة، "أبي" صورة وحيدة تجمعني بك تلخص كل معاني الحب، أما أخي محمد فلا صورة تجمعه بك (...) 19 سنة عشت خلالها تجارب مؤلمة وحزينة ولكن لا يسعنا إلا القول إن القدر مكتوب"، أرسلتها إليه قبل أيام ولا تعرف أوصلت أم حجبتها قضبان السجن.

لتعرف الأسير ربايعة أكثر: هو من سكان منطقة العيزرية رأس البستان شرق القدس المحتلة، أسره الاحتلال في 20 حزيران (يونيو) 2001م، وهو ذاهب إلى عمله وكان يقود شاحنة، عندما لاحقته شرطة الاحتلال وطائرة عسكرية مروحية، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة و10 سنوات.

عامان مزهران

تفتح زوجته فاطمة ربايعة أبواب السجن من بوابة الذكريات، من تنهيدات الصبر التي سبقت صوتها ودعوات الصبر قبل أن تحرر تلك الكلمات المقيدة بداخلها وهي تستذكر اللحظات الحلوة: "قبل اعتقاله أمضينا عامين في بداية زواجنا ورزقنا "لوار ومحمد"، مر خلالهما رمضان مرتين".

تغافلها ضحكة هنا: "كنا نتناول السحور معنا، نعد "قلاية البندورة"، هذه لا أنساها (...) الآن أصبحت أبلغ 44 عامًا، أنتظره وهو بالسجن، أول سنوات أسره كانت الأصعب، كان يمر رمضان صعبًا علينا، لا أجد سوى الدموع لأواسي وحدتي فأبنائي كانوا أطفالًا، أتذكر أن "لوار" على طفولتها مرضت بعد سجنه، كنت أراها تتخيله في البيت تتحدث إليه وكأنه أمامها".

لكن رغم ذلك الحزن، تحملت المصاعب والمخاطر، عن ذلك تقول: "تيقنت أن الحياة يجب أن تمضي، وأزرع في نفوس طفلَيّ حب والدهما وأنه بطل مناضل".

بعد ستة أشهر من الغياب والأسر؛ سمحت إدارة سجون الاحتلال بأول زيارة عائلية لربايعة، تلك اللحظات لا تفر من ذاكرتها: "يومها كانت لوار تتشوق لرؤية والدها، لكن حينما وصلنا اصطدمت بوجود عازل "زجاجي"، بعدما رأته أمامها كان قلبها يخفق فرحًا، تشبثت بالزجاج وأنا أحملها محاولة ملامسة والدها".

مرت عدة شهور أخرى سمحوا لها بالتقاط صورة وحيدة مع والدها، وظلت وحيدة منذ أسره، حينما تنظر إلى الصورة وتنظر إلى لوار الشابة اليوم تعرف أن تلك الأيام مرت قاسية على عائلة أسير حرمت منه.

صدمة أخرى

لم يكن الأسر الصدمة الوحيدة التي تلقتها زوجة الأسير، كانت هناك صدمة أخرى لم تتوقعها؛ تحديدًا في 2018م، والصعوبة أنها عرفتها من وسائل الإعلام، تقول بعد أن رفعت نبرة صوتها وامتزجت بالألم: "تفاجأت بإعلان إصابته بمرض سرطان "القولون"، كانت صدمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، قبل الإصابة بالسرطان عانى "الكبد" والآن يعاني الإهمال الطبي من مصلحة السجون؛ فهناك أدوية وجرعات "كيماوي" لم يحصل عليها، لا يعطى إلا المسكنات".

"الآن أخشى عليه، مع انتشار فيروس كورونا؛ فهو مريض سرطان ومناعته ضعيفة، بدأ باب الأمل يفتح قلوبنا في إبرام صفقة تبادل، ولا أخفي عنك أننا بدأنا الاستعداد لاستقباله خلال رمضان وأن نعيد ذكرياتنا معًا" تقولها بصوت يقطر الحزن منه.

تخبرك بكل ما تغير في حياتهم في غيابه، بالقول: "كبرت وكبر هو وكبر أطفالنا، تزوجت شقيقاته وأنجبن أطفالًا، كبر الأطفال واقتربوا من الزواج وما زلت أعيش على أمل أن نمضي ما تبقى من عمر معًا، وترتد إلينا الفرحة برمضان مرة أخرى".

صورة وحيدة استطاعت هي كذلك التقاطها مع زوجها خلال الأسر، لهذه الصورة وقع خاص في قلبها وكذلك في حديثها عائدة لتلك اللحظة: "قبل ثلاث سنوات، وبعد 17 عامًا من الأسر سمح لي بلمسه وأخذ صورة معه والحديث إليه، وكل ذلك في دقيقتين، كانت المشاعر مختلطة بين الحزن أنني حرمت هذه اللحظة سنوات عديدة، وحينما سمحوا لك أعطوك دقيقتين فقط، لم أستطع حبس دموعي وأنا خارجة من بوابة السجن وبقيت تلك الصورة تخبرنا بعذابات زوجات وأبناء الأسرى".

قبل أن تسدل الستار على حديثها، تعترف وقد دغدغ الحديث عن زوجها مشاعر تهيأت للبكاء: "أتدري؟؛ لا يوجد نكهة حقيقية لشهر رمضان، غيابه لا يزال يؤثر فينا كثيرًا، نستذكره على موائد الإفطار ونفتقده، حتى الأكلات والعصائر وحلوى القطائف التي كان يحبها أشتريها قليلًا إلا أن يتحرر".

 

 

 

اخبار ذات صلة