كثيرًا ما تستخدم بعض المنظمات الدولية مصطلح Resilience "الصمود" في وصفها لقدرة سكان قطاع غزة على العيش تحت الحصار، هذا المصطلح الجميل قصد به أن الحصار على قطاع غزة لم يقتل الناس بعد. هو مصطلح يدغدغ مشاعر البعض ولكنه يخفي وراءه معاني سلبية خطيرة. فهو يعني أن الوضع، رغم قساوته ما زال محتملًا. وأن الناس يعيشون حياتهم كالمعتاد. هذه المؤسسات تعتمد على مؤشرات شكلية وكمية دون الغوص في تداعيات الحصار على جودة الحياة حاضرًا ومستقبلًا.
أتذكر أن مؤسسة أممية نظمت مؤتمرا إقليميا عن قطاع غزة كان عنوانه الصمود resilience.
هو مصطلح يصطنع بطولة وهمية غير إنسانية لسكان قطاع غزة، هذا المصطلح يصب في صالح المؤسسات التي تعتاش على إدارة الأزمة وبقائها ويعفيها من بذل جهد حقيقي لإنهائها. كنت أقول لكل الوفود الأجنبية التي تصف الوضع في غزة بهذا الوصف "ما دام الوضع جيدًا كما تراه فلماذا لا تعيش هنا معنا؟".
هو مصطلح عنصري واستعلائي بامتياز عندما يقوله شخص ينعم بحرية الحركة والسفر والعمل ويشرب مياه نقية ويتمتع بخدمات صحية راقية ومطمئن لمستقبل أبنائه لشخص محروم من كل هذه الأساسيات.
حقيقة الأمر أن الجميع في قطاع غزة: البشر والمؤسسات والجماد والنباتات والحيوانات مرهق جدًّا ويموت يوميًّا ألف مرة. من حق الناس في قطاع غزة كما في أي منطقة في العالم أن ينعموا بحياة طبيعية.
كتبت كثيرا أن الانقسام الفلسطيني والحصار الإسرائيلي كانا كالدجاجة التي تبيض ذهبا لبعض المنظمات الدولية التي لا تعاني أيًّا منهما. بعض هذه المؤسسات تعتاش على ضعف وانشطار النظام السياسي الفلسطيني، منظمة الأمم المتحدة التي تحولت إلى مقاول في إعادة إعمار قطاع غزة وما زالت هي مثالًا مؤكدًا عن كيفية استفادة المؤسسات الدولية من غياب الدور الرسمي والأهلي في عملية إعادة الإعمار. كنت قد كتبت عدة مرات عن خطورة تولي الأمم المتحدة عملية الإشراف على إعمار قطاع غزة.
مصطلح الصمود هو كمن يضع السم في العسل، شكله جذاب وباطنه قاتل.