فلسطين أون لاين

صفقة القرن صاغها باراك في كامب ديفيد 2000

دققت في مضمون المقابلة المطولة التي أجرتها صحيفة معاريف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، فوجدت أن صفقة القرن بكل بنودها المنبوذة حاليًّا كانت حاضرة على طاولة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في كامب ديفيد سنة 2000، وأن ما طرح في ذلك الوقت لا يختلف كثيرًا في جوهره عن المطروح في هذا الوقت تحت مسمى صفقة القرن.

ولتأكيد ذلك، إليكم مواقف الحكومة الإسرائيلية اليسارية من القضايا الرئيسة كما طرحها إيهود براك في كامب ديفيد سنة 2000م:

أولًا: بشأن الحدود؛ لن تكون هناك عودة إلى حدود 1967.

ثانيًا: بشأن القدس؛ ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، وللإسرائيليين مصالح حيوية، قومية، تاريخية ورمزية في القدس والمسجد الأقصى (جبل الهيكل)، وتمتد إلى جذور سيرورتنا وهويتنا كأفراد وشعب. ولكن بالإمكان أن ننقل إلى سيادة فلسطينية جميع الـ28 بلدة وقرية التي ضُمَّت إلى القدس بعد حرب (1967)، لأنها ليست جزءًا من القدس، وهذا متعلق بتصديق الكنيست ومن خلال استفتاء شعبي، وقد طالب باراك أن يقدم ياسر عرفات تنازلات، ويوافق على أن تكون الأماكن المقدسة تحت سيادة إسرائيلية، وأن يشارك الفلسطينيون في لجنة لإدارة الأماكن المقدسة الإسرائيلية إلى جانب الأردن والسعودية والمغرب.

وقد رفض باراك فكرةً لصائب عريقات حول تقسيم السيطرة على القدس، بحيث تكون الأحياء اليهودية تحت سيطرة إسرائيل والأحياء العربية تحت سيطرة الفلسطينيين، قال باراك: "هذا الاقتراح يتعارض مع مبدأ أساسي لدينا بأن تبقى القدس تحت سيادة إسرائيل".

ثالثًا: بشأن الاستيطان؛ ستكون الكتل الاستيطانية في المناطق ضمن حدود إسرائيل، وقد أبلغ باراك كلنتون بأن إسرائيل لن تنسحب من 11% من أراضي الضفة الغربية.

وقد أشار باراك في المقابلة إلى أن الرئيس الأمريكي كلينتون قد صرخ في وجه عضو الوفد الفلسطيني، أحمد قريع (أبو علاء) وقال: إن "إسرائيل مستعدة لإعطائكم 85% من الأراضي وأنت غير مستعد لمناقشة ذلك".

رابعًا: بشأن الحدود؛ لن يوجد جيش أجنبي غربي نهر الأردن، لتظل منطقة الأغوار تحت السيادة الإسرائيلية.

خامسًا: لا حق لعودة أي لاجئ فلسطيني إلى أرض إسرائيل، والعودة إلى الضفة الغربية وغزة.

ملخص المقابلة مع باراك تشير إلى:

أولًا: أن الإسرائيليين جميعهم موحدون حول الموضوعات الرئيسة مثل: القدس والمستوطنات وغور الأردن والحدود والأمن واللاجئين، لذلك كان من المنطقي والوطني والسياسي أن يرفض القائد الفلسطيني ياسر عرفات جملة ما طرحه باراك في لقاءات كامب ديفيد.

ثانيًا: لقد اختارت القيادة الإسرائيلية المواجهة والتصعيد ردًّا على الرفض الفلسطيني للمطالب الإسرائيلية، بما في ذلك تغيير المعطيات على الأرض، وهذا ما تحقق من خلال عملية ما يسمى بالسور الواقي، وبناء جدار الفصل العنصري، وتوسيع الاستيطان، وفرض السيادة على المزيد من الأحياء العربية في القدس، والتهويد للمقدسات.

وهنا يبرز السؤال: لماذا عاودت القيادة الفلسطينية سيرة المفاوضات من جديد، وهي تعرف مرمى الأطماع الإسرائيلية؟

وبلا فلسفة لفظية، وبعيدًا عن الشعارات الكاذبة، على الشعب الفلسطيني أن يرسم مستقبله بطرق جديدة، تختلف بالمطلق عن السياسة السابقة، سياسة تعتمد على الرؤية بعيدة المدى، وتحت ظلال قيادة شابة لا يقعدها اليأس والفشل.

ملحوظة: كل تلك المآسي السياسية حدثت قبل الانقسام الفلسطيني الذي جعل منه البعض مشجبًا يعلق عليه الفشل السياسي المزمن!