أجبر سوء الأوضاع الاقتصادية طبقة العمال العاملين في الأراضي المحتلة عام 48، على العودة إلى عملهم مُجدداً، رغم عدم انتهاء حالة الطوارئ التي أعلنتها حكومة اشتية لمواجهة إجراءات تفشي وباء "كورونا".
واضطر العمال للمخاطرة بحياتهم في سبيل توفير لقمة عيش كريمة لعائلاتهم، في ظل تقاعس السلطة والجهات الحكومية وعدم توفير أي دعم مالي يُعيل هذه الطبقة الأشد فقراً في المجتمع الفلسطيني أثناء التزامهم بالقرارات الحكومية لمواجهة تفشي وباء "كورونا"، وفق مطّلعين على هذا الشأن.
وعاد نحو 11 ألفًا و500 عامل فلسطيني من حملة التصاريح للعمل داخل دولة الاحتلال والمناطق الصناعية في المستوطنات أول أمس، في قطاعات البناء والزراعة والصناعة فقط، وفق ما ذكرت مصادر عبرية.
ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإنه سيتم السماح هذا الأسبوع لقرابة 50 ألف عامل بالدخول إلى (إسرائيل) على دفعات يومية.
وكان رئيس حكومة رام الله محمد اشتية حثّ العمال في أواخر شهر آذار/ مارس على ترك أعمالهم في دولة الاحتلال والعودة إلى الضفة الغربية، لكن دون الإعلان عن سُبل تقديم الدعم اللازم وتعويضهم عن مكوثهم في بيوتهم.
الأمين العام لاتحاد نقابات العمال في فلسطين شاهر سعد، يقول: إن عدم توفر البدائل وشبكة أمان خاصة بهم، دفعهم للمخاطرة والعودة للعمل في داخل الأراضي المحتلة عام 48.
وفي اتصال مع صحيفة "فلسطين"، أكد سعد عدم وجود أي قانون للحماية الاجتماعية لطبقة العمال، من أجل المساهمة في إخراجهم من الضائقة التي يمرون بها، خاصة في ظل تفشي وباء "كورونا".
وأشار إلى وجود بعض المساعدات المُقدمة للعمال عن طريق وزارة التنمية الاجتماعية والمحافظات "لكنها غير كافية"، لافتاً إلى أنّ العمال خاصة العاملين بنظام المياومة يعانون من أوضاع اقتصادية في غاية الصعوبة وهم الأكثر تضرراً من هذه الأزمة.
وأضاف "قضية العمال مسألة مهمة وخطيرة، كونهم الفئة التي ينتقل الفيروس من خلالها، لذلك يجب توفير الحماية والاجراءات الوقائية اللازمة لهم لتجنب تفشي الوباء في مدن الضفة".
وكان الناطق باسم وزارة العمل في حكومة اشتية رامي مهداوي، أوضح أن عودة العمال جاءت وفق قرار للجنة مشتركة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أن وباء "كورونا" ينتشر بشكل كبير في دولة الاحتلال، وبحسب وزارة الصحة فإن عدد المصابين وصل إلى 16,237، بينهم 93 بحالة خطيرة "بينهم 72 تحت التنفس الصناعي"، و 62 متوسطة والوفيات 234.
بدوره، قال الحقوقي سعد شلالدة: إنه "منذ إعلان حالة الطوارئ في شهر مارس، وحتى اللحظة تضررت الكثير من الأسر الفلسطينية، وأبرزهم طبقة العمال".
وأوضح شلالدة خلال حديث مع صحيفة "فلسطين"، أن التقاعس الحكومي تجاه العاملين دفعهم للعودة للعمل في أراضي الـ 48 على حساب أجسادهم وعائلاتهم، من أجل جلب قوت عائلاتهم.
وبيّن أن بعض الدعم الحكومي المُقدم للعمال لا يلبي الاحتياجات الأساسية لأي أسرة فلسطينية، علاوة على الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وانتشار الحواجز والكثير من القضايا الأخرى.
وشدد على ضرورة "وجود شبكة أمان سواء من القطاع الخاص أو الحكومي أو أصحاب رؤوس الأموال لحماية طبقة العمال، من خلال توفير نصف أجورهم بالحد الأدنى، أثناء التزامهم بقرار الحجر المنزلي".
وانتقد شلالدة دعوة اشتية للعمال بترك العمل في (اسرائيل) دون توفير بدائل لهم، قائلاً: "يجب أن يكون هناك خطة استراتيجية وتشكيل شبكة أمان للعمال، من خلال تكاتف جميع المؤسسات الرسمية وغيرها".
وأضاف "الحكومة ليس لديها إرادة سياسية في مسألة تنقل العمال من وإلى (اسرائيل)، خاصة في ظل حرص الاحتلال على مصالحه الاقتصادية وعدم تعطّل القطاعات الحيوية داخله".
وطالب بضرورة تكاتف الجهود وإعداد خطة استراتيجية لحالات مشابهة قد تحدث في المستقبل، تتضمن التكافل والتضامن من جميع القطاعات الخاصة والأهلية والحكومية لتجنيب الشريحة الأضعف من الفقر والعوز وغيره.
وشدد على ضرورة "صياغة تشريعات ناظمة تحمي العامل الفلسطيني من أي كارثة مستقبلية، سيّما أن هذه الشريحة واسعة في المجتمع".
وبحسب نقابة العمال في الضفة، فإن هناك حوالي 100 ألف عامل فلسطيني يعملون بشكل قانوني في دولة الاحتلال قبل تفشي الوباء، ويضاف إليهم، نحو 35 ألف عامل في المستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.