ما أن أطلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سراح الأسير نهاد زغير من مدينة القدس المحتلة، حتى جاءت قوة إسرائيلية وأعادت اعتقاله مجددًا من أمام بوابة سجن "جلبوع" بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

وزغير (42 عامًا)؛ أنهى أمس محكوميته بواقع 35 شهرًا قضاها في سجون الاحتلال بعد إدانته بـ"تبوؤ منصب قيادي" في تنظيم "شباب المسجد الأقصى"، وحكمت عليه بالسجن وفرضت عليه دفع غرامة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل.

واعتقل زغير في 5 يونيو/ حزيران 2017، خلال عودته من الديار الحجازية بعد أن أدى مناسك العمرة، وقد تعرض حينها لتحقيق مطول داخل زنازين "المسكوبية".

وحسبما أكد رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، فإن زغير الذي تربى في أكناف المسجد الأقصى، واحد من أبرز الشخصيات القائمة على خدمة المسجد المبارك، والمدافعين عنه أيضًا.

وقال أبو عصب لـ"فلسطين": "زغير معروف أنه شخصية اجتماعيّة ورياضية مميزة على مستوى الوطن، وحاز على جائزة أفضل عمل تطوعي في القدس"، مشيرًا إلى أنه صاحب مبادرات شبابية متعدّدة لاحتواء الشباب وتربيتهم وتهذيبهم، وتعريفهم بالبلدة القديمة في القدس وأهمية نظافتها.

وكان ذلك من الأسباب التي جعلت سلطات الاحتلال تهاب المقدسي زغير -متزوج وأب لأربعة أطفال- لما يملكه من أخلاق عالية وكاريزما، واستعداد للتضحية من أجل المسجد الأقصى.

وذكر أبو عصب أن الاحتلال كان يتابع جميع أنشطة زغير وتصرّفاته، حتى وصل الأمر إلى مداهمة مقرّ عمله في نادي برج اللقلق بالقدس المحتلة عدة مرات، حيث يعمل هناك مدربًا وإداريًا أيضًا.

ويوصف زغير بأنه من أبرز الشخصيات الرياضية في مدينة القدس، ويمتلك شبكة علاقات اجتماعية واسعة، وضعته أمام مسؤوليات وطنية كبيرة أبرزها إصلاح ذات البين ومشاركة الناس أفراحها وأتراحها، واحتضانه عددًا كبيرًا من الجيل الناشئ من خلال التربية والرياضة والتثقيف، مما أثار حفيظة أجهزة أمن الاحتلال، فوضعته تحت المراقبة المستمرة وتحديدًا فيما يخص أنشطته في المسجد الأقصى، وفق أبو عصب.

وأشار إلى أن زغير أيضًا عليه إجماع كبير من جميع الفصائل الفلسطينية، وساهم في حل العديد من الخلافات الاجتماعية بمدينة القدس.

وكان زغير صاحب فكرة دوري العائلات المقدسية لكرة القدم، الذي أتاح مشاركة أعداد كبيرة من العائلات، وجرت في ملعب نادي برج اللقلق، بالبلدة القديمة، والمطل على الأقصى المبارك.

وكان الهدف من هذه الفعالية، المجيء بالمقدسيين من جميع أنحاء المدينة المحتلة، وإدخالها بالبلدة القديمة بجوار الأقصى، إحياءً لها بصورة حيوية رياضية.

لكن كل ذلك لم يرقَ للاحتلال، فأخضعته للتوقيف والتحقيق عدة مرات، إلى أنْ حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن وغرامة مالية، وعندما أنهى فترة المحكومية وتنفس الحرية، اعتقلته قوة إسرائيلية مجددًا.

وأكد أبو عصب أن التهمة التي وجهها الاحتلال لزغير، "باطلة"، بأنه "يتزعم" تنظيم "شباب المسجد الأقصى"، لكن الاحتلال وتحت ذريعة "محاربة الارهاب" أجرى دراسات لأوضاع الأقصى، ووجد أن هناك مجموعة من أبناء القدس والأسرى المحررين يواظبون على الصلاة في الأقصى وخدمته أيضًا بتنظيفه وترتيبه بطريقة حضارية.

وأكمل رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، أن ذلك أزعج الاحتلال الذي لديه مشروع لتهويد الأقصى وإفراغه، فعمد على تحييد هذه النخبة من أبناء شعبنا، فاعتقل جزءًا منهم وزج بهم في السجون، والجزء الآخر أبعده عن المسجد المبارك.

لكن فعليًا ما جرى، كما يقول أبو عصب، استهداف لشخصية فلسطينية عليها اجماع من أهالي مدينة القدس، حيث كان قادرًا بكلمة واحدة على تحريك مئات الأشخاص، وهو ما يخشاه الاحتلال الذي يصعد بمرور الأيام من وتيرة الانتهاكات بحق القدس وأهلها.