فلسطين أون لاين

​التعلق النفسي للإدمان

...
بقلم / زهير ملاخة


يحدث البعض نفسه قائلًا حاولت مرارًا أن أمتنع عن القيام ببعض الأشياء أو تناول بعض العقاقير أو تعاطي بعض المواد المخدرة لكن أجد نفسي غير قادر؛ أشعر بمشاعر النكد والضيق والضجر وقتها.

حالة من التعلق النفسي والجسدي تصيب المدمنين على ما تعودوا على فعله.

وبالتالي فالإدمان يعني التعود وتكرار فعل شيء بغض النظر عن آثاره, فهو اضطراب سلوكي يرغم الفرد على فعل شيء تعود عليه ويشعر بحالة انفعالية أو جسدية تحقق المتعة له وتجنبه حالة مزاجية سيئة.

ومن ضمن أنواع الإدمان إدمان العقاقير والمواد المخدرة والتي تشعر الإنسان بالنشوة والهدوء؛ ونسيان مصادر الألم وعدم الشعور بالتعب أو التفكير بما يشعر الإنسان بالهمّ والقلق والخوف.

ومن ضمن تلك المواد تتحد مع مكونات الجسد ومستقبلاته لتصبح ذات تعلق جسدي مطالب الإنسان بإشباعها وقت انتهاء مفعولها, بينما هناك تعلق آخر للفرد ببعض المواد الأخرى؛ وهذه ذات التعلق النفسي.

حيث يجد نفسه غير قادر على الامتناع أو يجد نفسه تنتابه رغبة بممارسة أو تناول هذا الشيء لتحقيق تلك المشاعر التي يجد بها راحته ويحققها عند التعاطي والممارسة.

ولذلك هذا التعود والتعلق النفسي في الإدمان على مواد لا تدخل في تركيبات ومكونات الجسد يعود إلى رغبة الفرد في الاستمرار في تناول الأشياء؛ وشعوره بالضعف أمام التخلص والإقلاع عنها كما يحدث مع المدخنين أو متناولي بعض أنواع المخدرات كالحشيش أو حتى الإدمان على بعض الألعاب أو الممارسات.

ويجد هذا الشخص نفسه أمام مجموعة من الآلام والأعراض المرهقة إذا حاول الامتناع عما أدمن عليه كمشاعر القلق والاكتئاب أو العدائية الزائدة والانفعال غير المبرر أو غياب التركيز وبعض الأعراض الجسدية.

ولذلك نستطيع أن نحكم على الإنسان أنه وصل لمرحلة الإدمان والتعلق النفسي عن طريق سلوكه تجاه بعض الأشياء, فمثلًا تناول كميات كبيرة وبشكل دائم من العقاقير أو وجود صعوبة في الامتناع والتخلص أو المشقة والصعوبة في محاولات الامتناع والتشافي يؤدي لاستمرار الحالة الانفعالية الناتجة عن الإدمان؛ أي وصل لمرحلة الاعتياد إضافة إلى الأعراض الجسدية والآثار المترتبة على نشاطه وسلوكه وتفاعلاته بشكل دائم.

وعليه يجب أن تكون هناك خطوات لمساعدة الشخص للتخلص من حالة الإدمان التي يقع في براثنها, وهذا أمر ليس مستحيلا أو صعبا ولكن يحتاج إلى معرفة نوع الإدمان إذا كان جسديا فهو بحاجة إلى خطة علاجية ونفسية؛ أما إذا كان نفسيا فقط فهو بحاجة إلى التالي:

_ مخاطبة الشخص بشكل عقلاني وعاطفي نحقق فيه استبصاره بذاته وما آلت إليه ظروفه وتحقيق الوعي الذاتي وقيمته الذاتية وإعلائها.

- غرس معاني الإرادة والعزيمة لكي يستطيع أن نصل به بالإقناع إلى أنه يجب أن يكون إيجابيًا ذا سمعة وصورة ونموذج حسن.

- توعيته بالآثار وخاصة ما يتعلق بجانبه العاطفي كموقف أهله ووالديه وزوجته وأبنائه فلذات كبده, وتقصيره بهم واستحيائهم منه ومن أفعاله وحاجتهم الماسة ليعود إلى وضعه الحقيقي يشعرون بالحب والأمان والتباهي به.

المتابعة وتحقيق الصحبة الطيبة والحسنة والمساندة العائلية والاجتماعية له حتى يستمر ولا يصاب بحالة من الفتور أو التفكير بالتراجع أو الشعور بالضعف.

- تغيير البيئة في المرحلة الأولى حتى لا يشعر بالحنين لما سبق.

الجانب الإيماني والعاطفي والتأثير المقبول لديه سواء بالأشخاص أو بنوع الحديث وذلك مهم ومطلب أساس ويجب اختياره بدقة.

وعليه لا بد من العمل على عدم إهمال المجتمع في ظل مرحلة يتعرض لمجموعة من الحروب والاستهداف والغزو سواء بالإعلام أو التضليل أو الإفتاك بقيم المجتمع أو طاقاته وقواه عبر نشر الرذيلة والآفات والمخدرات؛ وعليه يجب أن تتكاتف الجهود وبشكل دائم لغرس الهوية الأخلاقية والقيمية والدينية في نفوس الناس لمقاومة تلك الآفات إضافة إلى إيجاد الحلول لأي أزمات اجتماعية أو اقتصادية تؤرق الفرد والمجتمع وتزيد من معاناته واضطراباته وتدفع البعض بالتفكير بشكل غير سليم يضر نفسه ومجتمعه.