الأول من مايو/ أيار من كل عام يذكرنا عادة بالعمال في يوم عيدهم. عيدهم هذا العام ليس كسابقه في العام الماضي. كان العام الماضي عامًا مؤسفًا لتفشي البطالة في غزة، وبنسبة أقل في الضفة، في هذا العام البطالة أكثر تفشيًا واتساعًا في غزة والضفة، ذلك أن جائحة كورونا منعت جميعهم تقريبًا من العمل؟! عيدهم بلا عمل؟!
تقول الإحصاءات إن نصف مليون عامل فلسطيني تقريبًا في غزة والضفة قاعدون عن العمل، وهؤلاء يعيشون شظف العيش في شهر رمضان المبارك، لقلة مدخراتهم، واعتمادهم على دخلهم اليومي. واليوم لا عمل، ولا دخل. ولا معالجة. والصغار في الأسرة لا يعرفون متغيرات الحياة والواقع، ولا يعرفون أن أباهم بلا عمل، ويطالبون بحاجاتهم اليومية، الأمر الذي يزيد من ألم ربِّ الأسرة وكآبته.
لا يوجد في فلسطين برامج حكومية لحماية العمال ومعالجة ما يصيبهم بتغيرات الحياة. العمال في الضفة يدخلون للسوق ٨٠٠ مليون شيقل شهريًّا، وبهذه المدخولات تنتعش السوق، وتروج التجارة، وينبعث الدفء في حياة المجتمع. هذه المدخولات توقفت، كما توقف الطيران في العالم، وتراجع السوق بنسب كبيرة، ولم تقدم السلطة علاجًا جزئيًّا أو جراحيًّا لهذه الحالة الصعبة، والتي هي أشد صعوبة وألمًا في غزة، بإضافة الحصار إليها.
مائة دولار يأتي بها العمادي شهريًّا لا تعالج مشكلة العمال في غزة، ولا تقدم لهم إلا أملًا يسيرًا في المستقبل. غزة تحتاج إلى عمل، تحتاج إلى سوق ومصانع وتجارة، وهذا يتطلب أن تعجل دولة الاحتلال برفع الحصار، وإدخال مستلزمات الصناعة والزراعة.
حين تنجح غزة والضفة في جزء من معالجة قضايا العمال يمكن القول إن للاحتفال بعيدهم السنوي معنى، أما ونحن في هذه الحالة من قلة مبالاة الجهات المسؤولة بهم، فإنه لا معنى للاحتفال بعيدهم، أو إصدار بيانات حكومية تمجدهم وتشرح تاريخهم الوطني ومعاناتهم الحالية.
نريد أن نحتفل بعيد العمال ولكن من خلال تشريعات تعالج مشاكلهم القائمة والمستجدة، وتعالج جزءًا من قضاياهم في ظل جائحة كورونا. عمالنا موَّلوا الحركة الوطنية الفلسطينية، والحركات الإسلامية، وانضموا إليها مقاتلين وأسرى، ولكن قادة السلطة وغيرهم أكلوا خيرهم، وتركوا حقهم. لم ينصفوهم، وإن أنصفوا حينًا فقد تركوهم أحيانًا، فهلا راجعت الجهات مواقفها وتشريعاتها من العمال؟! أرجو ذلك. طبقة العمال طبقة (أرزقية) تعيش يومًا بيوم، وهذا وجه خلاف كبير بينهم وبين الموظف الذي يتقاضى راتبًا شهريًّا، يدبر به أمر معاشه وإن قل راتبه، أما عامل اليومية فإن فقد العمل يومًا جاع بعد أيام قليلة. لذا آن الأوان لمعالجة قضاياهم.