أصدرت السلطة في رام الله الأسبوع الماضي قانونين في الوقائع الرسمية يتناول الأول تمديد سن التقاعد للوزراء والمحافظين والمستشارين والثاني رفع العلاوات والرواتب لعدد من المسؤولين، وسبقهم بأيام الإعلان عن إطلاق صندوق وقفة عز المخصص لمساعدات المتضررين من جائحة كورونا.
هذه القوانين والإجراءات الغامضة والتي جرت في السر قبل افتضاحها تثير الكثير من التساؤلات حول إدارة السلطة وخاصة حكومة محمد اشتية لمواجهة كورونا وتحويل المحنة إلى منحة بحيث يدفع الشارع الفلسطيني ثمن هذه الجائعة من خلال الخسائر المترتبة على الإجراءات المعلنة التي أثرت على دخل المواطنين وانتظام أعمالهم، على الرغم من فشل الإجراءات التي قامت بها السلطة.
في حين تحولت الجائحة إلى منحة لصالح الحكومة ورئاسة السلطة بحيث يتم الحصول على مئات الملايين من المساعدات لا يعرف مصيرها، سواء ما أعلن عن قانون تمديد التقاعد وامتيازات الوزراء (بالمناسبة لم يصدر رسميًّا أي تعديل للقانونين)، ويستفيد من ذلك الشخصيات الاعتبارية والقيادية ورجال الأعمال، إضافة إلى الإعلان عن صندوق وقفة عز الذي لا يعرف مصيره، وهل سيلتحق بما عرف سابقًا بصندوق انتفاضة الأقصى أو صندوق نهر البارح، أو صندوق إعمار غزة عام 2008 وعام 2012 وعام 2014، وأصبحت من الماضي والحديث عنهم درب من الخيال.
المحنة هنا تطال المحافظات الجنوبية وفق تعبير السلطة، وحولها اشتية في إجراءاته الأخيرة إلى مجرد محافظة غزة، وقد غاب عنها أي شكل من أشكال المساعدات، والتي جاءت من أطراف خارجية منها المنحة الطبية الصينية حيث حصلت السلطة على 50000 مسحة للفحص الطبي الخاص بكورونا، أرسل منها 1500 مسحة لغزة، وغيرها لم يصل شيء.
صندوق وقفة عز نموذج لغزة المحظورة والمقصاة من السلطة، خصصت وزارة العمل في رام الله لها 25% من مساعدات المتضررين، على الرغم من أن غزة تمثل 40% من موازنة السلطة، وتحصل السلطة على 60% من الضرائب من معابر غزة.
كنا نعتقد أن الجائحة ستكون فرصة لإعادة ترتيب الوضع الفلسطيني، لكن وجدت أن السلطة قد مارست كل أشكال الإقصاء والمطاردة، وواصلت الاعتقال السياسي والمطاردة في الضفة لأبناء حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، وشن حصار مالي، وسرقة المساعدات الدولية ومصادرة المساعدات المحلية في الضفة لصالح لجان فتح الأمنية.
السلطة لم تغير ثوبها، وما زالت ترتدي نظارات السرقة والإقصاء والمطاردة، واتباع سياسة التضليل حتى لو كان عبر شخصيات ترتدي ربطة عنق وتوزع الابتسامات كما يفعل اشتية والناطق باسم الحكومة، لكن في الواقع يمارسون الإقصاء والعنصرية الحزبية والمناطقية وقمع الحريات وانتهاك الحقوق.