فلسطين أون لاين

"قوانين الطوارئ" في الضفة .. غطاء لـ"صراع شرس" على المال العام

...
غزة- يحيى اليعقوبي

بينما تواصل السلطة الفلسطينية ورئيس حكومتها في رام الله محمد اشتية حديثها عن خطتها للتقشف العام لمواجهة الأزمة الاقتصادية الكبيرة بفعل جائحة "كورونا"، تصدر "سرا" قرارات وقوانين تمنح امتيازات مالية كبيرة لكبار المسؤولين في السلطة والحكومة.

وتأتي هذه الامتيازات في زمن الجائحة للمسؤولين في حين لم تقدم حكومة اشتية للمواطنين الذين فرضت عليهم الحجر الصحي سوى شعارات إعلامية كـ "خليك بالبيت" لتتهرب من مسؤولياتها وتترك المواطن يواجه مصيره دون إجراءات حقيقية أو خطوات داعمة لحياتهم المعيشية.

وصدر عن رئيس السلطة، مؤخرا، القرار رقم (5) لسنة 2020 بشأن ديوان الرئاسة في السلطة الفلسطينية والمنشور بالجريدة الرسمية ضمن 7 قرارات تتعلق جميعها بالتقاعد وتمنح المسؤولين امتيازات.

وقال الخبير القانوني د. عصام عابدين: إن القرار السابق لا يمكن فصله عن "قرارات بقانون" أثيرت بشأنها ضجة ولا يمكن فصلها عن مشهد "تشريعات الطوارئ" كلها.

وأضاف عابدين لصحيفة "فلسطين"، أمس، "نحن أمام أوسع عملية تضليل وذر للرماد في العيون، تخفي صراعا شرسًا على النفوذ والمال على حساب معاناة الناس في زمن الجائحة، وتركهم لمصيرهم".

وأوضح أن "قرار بقانون" المتعلّق بديوان الرئاسة يعني أننا أمام "حكومة موازية" وهو غير دستوري لأن القرارات بقانون لها أسباب عديدة منها أن (المادة 43) في القانون الأساسي تنص على وجود ضرورة لا تحتمل التأخير لصدورها.

وتساءل عابدين: "أين الضرورة التي لا تحتمل التأخير بشأن صدور قرار بقانون حول ديوان الرئاسة، ليمنحه استقلالية؟ رغم أن المفترض أنه يتبع رئيس السلطة".

وأشار إلى أن القرار الجديد يمنح ديوان الرئاسة الأهلية لمباشرة جميع الأعمال والتصرفات في تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وفتح حسابات في البنوك ومقرات في المحافظات ومنح رئيس الديوان درجة وزير وامتيازات وتقاعد الوزراء.

هذا الصراع، تبعًا لكلام عابدين، يعكس تفاصيل المشهد القادم، مؤكدا أن هذه القرارات تخالف رئيس السلطة الصلاحيات الممنوحة له في المادة  38 والمادة 63 من القانون الأساسي كونه عملًا حكوميًّا محضًا.

ورأي أن هذه القرارات لم تعرض على الحكومة، وأنه يمكن القول بأن "الحكومة لا تعرف!"، لأنه نشر في الجريدة الرسمية من خلال ديوان الفتوى والتشريع.

ولفت عابدين إلى مشكلتين أساسيتين الأولى: عدم احترام القانون، والثانية: غياب المحاسبة لأن هذه التشريعات، "فساد مغطى بالتشريع وهو أخطر أنواع الفساد وشرعنته".

واستدرك: "لكن للأسف القرارات لم تعد تشعر وتحس بالناس، في ظل أن السلطة القضائية تعاني من  انهيار، و(التشريعية) ليست موجودة من سنوات فضلا عن تراجع دور المجتمع المدني في الرقابة المجتمعية مما يغذي التغول الحاصل".

وشدد الخبير القانوني على ضرورة توقف "تشريعات الطوارئ" لأنها خطيرة على منظومة حقوق الإنسان وليس لها مبرر "وتفصل في المقاس وتخدم تحالفا قائما بين رأس المال ومتنفذين في السلطة".

المال العام

ورأى الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، أن هذه القرارات تشكل تعدّيًا على المال العام خصوصا أن هناك أزمة مالية وهناك اقتطاع من رواتب الموظفين لعمل يومين في ظل جائحة "كورونا".

وقال عساف لصحيفة "فلسطين": إنّ هذه القرارات يمكن أن تفسر في أكثر من اتجاه داخل السلطة، أبرزها: أن هناك من يبحث عن امتيازات ومصالح ذاتية، "ويبدو أننا قريبون من مشهد الجزائر في نهاية ولاية عبد العزيز بوتفليقة أي أن هناك من يحكم من خلف واجهة عباس، ويستغل حالته الصحية".

واعتقد أن القرارات تكشف غياب الرؤية لدى السلطة، وأن هناك من لا يبحث عن هموم ومصالح المواطنين، مشددا على أن الأجدر الالتفات لمصالح الفئات المهمشة والبحث عن دعم المواطن واعادة ترتيب الموازنات لصالح الصمود والقدس والأغوار.

وأكد عساف أن غياب المجلس التشريعي والانقسام الداخلي وتفرد فصيل بالحكم وغياب الشراكة الوطنية فتح المجال لهذا "الفساد وهذه الإجراءات والسلوكيات".