فلسطين أون لاين

اعتقال ناشط وجّه انتقادات لمحافظ رام الله

التعبير عن الرأي.. حق مكفول على الورق في عُرف السلطة

...
الشاب أحمد الخواجا
غزة- نور الدين صالح

لم تتوقف السلطة في رام الله عن سياستها القائمة على كبت الحريات واعتقال المواطنين على خلفية حرية التعبير والرأي، رغم استمرار حالة الطوارئ المُعلنة في الأراضي الفلسطينية بسبب تفشي فيروس "كورونا".

واعتقلت قوة من جهاز الأمن الوقائي في 18 إبريل/ نيسان 2020، الشاب أحمد الخواجا بعد مداهمة منزله في بلدة نعلين وسط الضفة، ليتم تحويله بعد يومين إلى النيابة بتهمة إثارة النعرات الطائفية بسبب تعليقات له على موقع "فيسبوك"، ومُدّد توقيفه (15)  يوماً لغايات التحقيق، وفق ما ذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وجاء اعتقال "الخواجا" على خلفية تعليق له على صفحة ليلى غنّام، محافظ رام الله، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يستغرب فيه إغلاق المساجد بسبب قيود "كورونا" في حين تم السماح بإقامة احتفالات عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية.

عضو لجنة الحريات في الضفة الغربية المحتلة خضر عدنان، رأى أن الانتقاد البنّاء للجهات الرسمية "لا يستدعي اعتقال صاحبها"، سيّما أن الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني ينتقدون بعض السياسات.

وأوضح عدنان خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن تعبير "الخواجا" ليس فيه من الفجاجة شيء ووجه انتقادًا مُعيّنًا حول إغلاق المساجد، قائلاً: "مطلوب من الجهات الرسمية في رام الله توضيح بشكل رسمي حيثيات الاعتقال وأسبابه".

وبيّن أن الانتقاد حق مكفول ويجب ألا يُقابل بالاعتقال وإدخال المواطنين للمعتقلات على أساس الكلمة، وحرمانهم من حرية التعبير والرأي لأن هذا حق مكفول في القانون الأساسي الفلسطيني.

وأضاف: "إذا كان الاعتقال على انتقاد سياسات مواجهة "كورونا" مع التقدير لبعض الجهود، فإن هذا الأمر لا يستدعي الاعتقال، لذلك على الجهات الرسمية الافراج عنه، وتطييب خاطره وذويه"، مشيراً إلى أن "الخواجا" من الشباب الذين قدموا زهرات شبابهم للوطن واعتُقل في سجون الاحتلال.

وإزاء ذلك فإن المرصد الأورومتوسطي أعرب عن بالغ قلقه من اعتقال "الخواجا"، معتبراً أن تعليقه يأتي في إطار حرية الرأي والتعبير، وهو مجرد تساؤل من مواطن على صفحة شخصية مسؤولة، ولا يمثل أيّ إهانة أو إثارة للنعرات الطائفية؛ إذ كان يمكن التوضيح له ولجمهور المتابعين حقيقة الإجراءات وأنها لا تتضمن أي تمييز على أي خلفية.

وأكد "الأورومتوسطي" رفضه استغلال الأجهزة الأمنية حالة الطوارئ المعلنة لمواجهة جائحة كورونا؛ لتبرير حملات الاعتقال التعسفي بحق النشطاء ورواد العمل الاجتماعي، في مخالفة واضحة لاتفاقيات حقوق الإنسان التي وقعتها فلسطين، وللقوانين المحلية المعمول بها في الأراضي الفلسطينية.

وأدان استمرار السلطة في توجيه اتهامات فضفاضة وتوظيف قانون الجرائم الإلكترونية لملاحقة الصحفيين والكتاب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، مبينًا أنّ السلطة تستخدم القانون لتكميم الأفواه وقمع حرية الرأي والتعبير في الضفة الغربية.

مدلولات سلبية

إلى ذلك، رأى الكاتب والمحلل السياسي صلاح حميدة، أن الممارسات التي تحد من الحريات العامة ومنها الاعتقال على خلفية التعبير والرأي لها مدلولات سلبية على الأفراد وكل أطياف المجتمع بشكل عام.

وقال حميدة لصحيفة "فلسطين": "يجب أن يكون هناك تفهّم حقيقي من الجهات الرسمية، لمتطلبات الشعب الفلسطيني والحريات العامة، وأن يدركوا بأننا لسنا دولة بل شكل من أشكال الإدارة الذاتية تحت الاحتلال".

وشدد على ضرورة "وجود مراجعة حقيقية لدى المسؤولين وأن يكون تفهم كبير وسعة صدر واسعة لتقبل آراء الناس، سيّما أن بعضهم قد يكون مستاءً من قرارات أو سياسيات مُعينة".

ودعا حميدة، المسؤولين إلى تقبل الأفكار وإطلاق حقيقي لدور المؤسسات الفلسطينية، خاصة التشريعية والتنفيذية وألا تكون القرارات وفق رؤية سياسية مُعينة لهم.

ورأى أن تغييب المجلس التشريعي وحله له دور كبير في ألا يكون هناك أي شكل من أشكال الرقابة على ما يجري في الساحة الفلسطينية، معتبراً أن توقف المؤسسات الفلسطينية تؤثر على ما يجري في السلطة وعلاقتها مع الشارع الفلسطيني.

تجدر الإشارة إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أقرته السلطة في يونيو من العام 2017، تضمن في بعض نصوصه مخالفةً للنظام الأساسي الفلسطيني ومبادئ الحريات العامة وقواعد حقوق الإنسان التي تضمن حرية الرأي والتعبير في أوسع مدى وعدم تقييدها إلا في حالات الضرورة وضمن شروط معقدة.