حالة من "التخبط في اتخاذ القرارات" يعيشها رئيس السلطة محمود عباس، كما يقول مسؤولون، وذلك في ظل حالة الطوارئ المُعلنة بسبب جائحة "كورونا"، وكان آخرها إجراء بعض التعديلات على قانون التقاعد وقانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والحكومة والمحافظين.
وينص القراران على رفع سن التقاعد لرؤساء المؤسسات والهيئات الرسمية الذين يحملون درجة وزير من ٦٠ إلى ٦٥ عامًا، مع بقائهم على رأس عملهم وعدم إحالتهم للتقاعد كباقي الموظفين، وفق ما ذكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.
ونشر رئيس وزراء حكومة رام الله، محمد اشتية، عبر صفحته على "فيسبوك" تصريحًا أكد فيه أن عباس "ألغى حُزمة التعديلات الأخيرة المتعلقة بقرار بقانون التقاعد وتحديدًا القرار بشأن تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي، ومن هم بدرجة وزير والمحافظين وقرار بشأن تعديل قانون التقاعد العام لمن هم برتبة وزير".
ولاقى هذان القراران انتقادات سياسية وشعبية واسعة من مختلف أطياف الشعب الفلسطيني لا سيما من جانب مسؤولين سابقين ومؤسسين في السلطة.
القيادي الفتحاوي وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سابقًا د. زكريا الأغا، انتقد حزمة التعديلات المتعلقة بقانون التقاعد ولا سيما لكبار الموظفين.
وقال الأغا في تصريح عبر صفحته على "فيسبوك": "قبل أسبوعين تقريبًا صدر قرار للحكومة بالعمل بميزانية طوارئ، بسبب الظروف الراهنة التي يمر بها الوطن وشح الإيرادات".
وأضاف: "ثم نفاجأ قبل يومين بصدور قرارات بقوانين بزيادة رواتب العشرات من رؤساء الهيئات ومن هم بدرجة وزير والمحافظين، وأعضاء مجلس تشريعي وغيرهم من كبار الموظفين ومساواتهم بالوزراء، وبأثر رجعي ورفع سن التقاعد لهم بخمس سنوات إضافية، ما يتناقض مع ميزانية الطوارئ، وأسباب اللجوء إليها".
وتساءل الأغا: "هل نجد تفسيرًا لهذا التناقض، رغم الاضطرار إلى إلغاء هذه القرارات بعد الضجة التي أحدثتها؟ وإذا كانت هناك من وفرة في الميزانية تبرر ذلك، فلتتوقف أولًا الإجراءات المتخذة بحق موظفي المحافظات الجنوبية من خصومات تتراوح ما بين 25-50% منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، ومساواتهم بزملائهم في المحافظات الشمالية، كما وعد رئيس الحكومة عند تشكيلها ويُعاد لهم ما خُصِم من رواتبهم بالتدريج".
وشدد على أن "ثقة الجماهير بالمؤسسة الرسمية على المحك، فلا تفقدوها أيها السادة رحمكم الله".
بدوره، قال وزير شؤون القدس الأسبق في السلطة زياد أبو زياد: "لا نكتفي بإلغاء القرارين بقانون وإنما نطالب الرئيس عباس بالوقف النهائي لعملية إصدار قرارات بقانون، والتحقيق ومحاسبة وطرد الذين وراء توريطه بإصدار هذين القرارين".
وطالب أبو زياد في تصريح صحفي، عباس بالعمل فورًا على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية لوقف مهزلة الاستقواء على الحكم من مراكز قوى فاسدة ذات أجندة شخصية هدفها تسخير الحكم واستخدامه أداة للإثراء غير المشروع وتحصيل الامتيازات والمكاسب الذاتية على حساب ضياع الوطن والقضية.
وأوضح أن إلغاء القرارين بقانون بشأن زيادة رواتب من هم في درجة وزراء وتمديد فترة الخدمة وإعفائهم من دفع العائدات التقاعدية، لا يتم إلا بقرار بقانون يقرر إلغاءهما وإبطال أي أثر قانوني ترتب عليهما ينشر في الجريدة الرسمية "الوقائع" حسب الأصول.
وعدَّ أن كل التصريحات والبيانات بشأن إلغاء القرارين بقانون "مجرد محاولة لامتصاص النقمة الشعبية وتخدير المواطنين".
في حين قال وزير العدل الأسبق فريح أبو مدين: "سوء التفكير والتدبير وسوء النية في قوانين تصدر بهدف خلق طبقة في العلالي وخسف محدودي الدخل من الموظفين ويطلب التقشف ليرفع مجتمع النصف في المائة بزيادة ٢٥ مليون شيكل لجيوبهم".
وشدد أبو مدين على أن "على الخزانة العامة إعادة مبالغ كبيرة حصلت بموجب صحيح القانون لحضراتهم"، متسائلًا: "هل المقصود إرباك الحكومة ورئيسها كما حصل في قانون الضمان الاجتماعي الذي أُلغي بعد أن تكاتف الكثيرون ضده؟".
وأكد ضرورة العمل بكل الطرق لإلغائه، "وهنا أنتظر دورًا لنقابة المحامين للجوء للقضاء، والتقاعس هنا هو جريمة إنكار العدالة كما يقول فقهاء القانون"، وفق تعبيره.