فلسطين أون لاين

متخصصان: الأعمال الدرامية العربية الداعية للتطبيع لن تنجح بتغيير الوعي

...
غزة- فاطمة الزهراء العويني

تفاجأ المشاهد العربي بأعمال درامية تدعو للتطبيع مع (إسرائيل) تبثها قنوات فضائية عربية خلال شهر رمضان المبارك بمباركة إسرائيلية، الأمر الذي أثار حفيظة المشاهدين العرب الذين يعدون فلسطين قضيتهم المركزية، في حين التفوا حول عمل درامي مصري يتنبأ بنهاية (إسرائيل)، وأزعج بثه دولة الاحتلال.

وكان المسلسل السعودي مخرج «7» أثار الجدل بدعوته للتطبيع مع الاحتلال، في حين أثار المسلسل المصري «النهاية» حفيظة (إسرائيل) كونه يتضمن تخيلاً لنهايتها.

أعمال مسيسة

الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر رأى أن المسلسلات العربية الأخيرة التي تصور الاحتلال الإسرائيلي أنه عضو طبيعي في المنطقة العربية وصديق وحليف يأتي في ظل السياق السياسي الحاصل وحالة التطبيع العربية المتزايدة خاصة من دول مركزية كالسعودية ومصر.

وقال أبو عامر لصحيفة «فلسطين»: «تلك الأعمال الفنية مسيسة بالدرجة الأولى ولا يمكن عدها فنية، بل تأتي تبعاً للوصاية السياسية لنظم الحكم الشمولية التي تدعمها من حيث الإنتاج والتمويل، حيث تُبث في قنوات شبه رسمية تابعة للنظم الحاكمة».

وأضاف: «لم تكن تجرؤ أي قناة في ذروة العداء والمقاطعة العربية لـ(إسرائيل) على بث مثل تلك الأعمال، لكن في ظل حالة رسمية تسعى لتطبيع العلاقة مع الاحتلال واستعداء جهات فلسطينية وعربية وإسلامية جاءت هذه الأعمال التي هي توجه سياسي مصبوغ بلمسة فنية».

وعبر أبو عامر عن اعتقاده بأن الإخراج الفني لتلك الأعمال سيئ ورديء كونها فجة وليست مشفرة فلا تمنح الفرصة للمشاهد لاستنباط الرسالة منها، قائلاً:» لذلك لن يكتب لها النجاح ولن تفلح تلك الأعمال التي تقودها دول عربية في تشويه الهوية الوطنية العربية المترسخة منذ عقود من الزمن».

وأضاف: «كما أن المواطن العربي لم يعد قاصراً كما في عقود سابقة لتفرض عليه النظم الشمولية المفاهيم السياسية صبا كقوالب جامدة كما كان في أيام الأسود والأبيض والتلفزيونات الرسمية، فالآن هو يتمتع بوعي  كبير فيناقش حكاماً ويناطح وزراء ويعارض مسئولين في ظل ثورة المعلومات المجنونة، حيث يمتلك كل مواطن منصة يعبر عن رأيه فيها بحرية».

وبين أبو عامر أن ذلك تجلى في حالة الرفض العارمة لهذه المسلسلات عبر شبكات التواصل الاجتماعي بجانب نسبة المشاهدة للأعمال الخليجية، مؤكداً أن نجاح تلك المسلسلات يكاد يكون مستحيلاً كون فلسطين رغم كل الخلافات العربية الداخلية تظل قاسماً مشتركاً للعرب جميعاً.

وتابع: «أي محاولة لتقديم التطبيع في ثوب فني سيفشل فشلاً ذريعاً والدليل على ذلك أنه رغم مرور أكثر من أربعين عاماً على اتفاقية التسوية الإسرائيلية – المصرية فإن الدراما المصرية ما تزال معادية لـ(إسرائيل)».

وأضاف أبو عامر: «لم تستطع المنظومة السياسية تغيير قناعات الدراما بأن (إسرائيل) أصبحت صديقاً حليفاً و فلسطين عدواً سوى بعض الدراما التافهة الدخيلة التي لن تؤثر على قناعات الجمهور».

وعزا سبب انزعاج (إسرائيل) من وجود أعمال درامية عربية معادية لها لكون دولة الاحتلال تعد أن أحد أهم أسلحتها سلاح الفكر والتعبئة وتغيير الصورة النمطية العربية عنها، وأنها ليست دولة غاصبة بل كيان طبيعي بين العرب يراد تطبيعه بين العرب فتأتي تلك الأعمال نسفاً لجهودها.

خطر على الجيل الحالي

بينما رأى المخرج سعد اكريم أن الصهيونية العالمية وأدواتها في العالم المتجسدة بالولايات المتحدة و(إسرائيل) والأنظمة التي تسيطر عليها في العالم أدركت منذ زمن أهمية الفن كقوة ناعمة مؤثرة تلعب دوراً مهماً في تنفيذ إستراتيجيتهم في السيطرة والهيمنة على العالم وتحقيق أهدافهم التوسعية.

وقال: «يعد الفن جزءاً أساسياً من مهام الدبلوماسية في العالم ويطلق عليه الدبلوماسية الفنية التي تقوم بتهيئة الشعوب لتقبل ما تريد فرضه عليهم أنظمتهم في سبيل الشراكات المبنية على تحقيق مصالحهم في تغيير الثقافات وغسل الأدمغة وتشكيل العقول».

وأضاف: «تنتهج الأنظمة التابعة لأمريكا و(إسرائيل) هذه السياسة مقابل أن يأخذوا شرعية أمريكا في الحفاظ على حكمهم والاستفادة مما يسمى الإعانات الدولية».

وتابع اكريم: «إن الناظر إلى واقع صناعة الدراما العربية يرى تحولات مؤسفة تتماهى مع تحولات المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية من خلال الهرولة نحو التطبيع الكامل غير المشروط مع (إسرائيل) وبدأ ذلك من خلال الإعلام والفن».

وأردف قائلاً: «إن دعم الدراما العربية التطبيعية مع (إسرائيل) وعلى وجه الخصوص الدراما الخليجية ليتم إنتاجها بجودة عالية وبمشاركة الصف الأول من نجوم الخليج له دلالات خطيرة على انجرار النخب في منزلق التطبيع الخياني».

ورأى اكريم أن ذلك سيؤثر حتماً مع تكرار هذه الإنتاجات على وعي الشعوب وخاصة الجيل الحالي وهذا يتطلب بالمقابل تحركاً نخبوياً من أحرار الأمة العربية في فضح هذا التوجه وخطورته بكل الأدوات وعلى وجه الخصوص من خلال الفن.

وقال: «الفن لا يواجه إلا بالفن والدراما لذا يجب أن يمثل الفن المقاوم واجبا وأولوية متقدمة لدى الدول التي ترفض الهيمنة الصهيونية وهذا يتطلب تعاونا وثيقا لتنفيذ حركة إنتاجية تعرض الحق وتفضح الجرائم الإسرائيلية وتوضح أن التطبيع خيانة وأن التاريخ لن يرحم من يسير في هذا المسار».

وأضاف: «إن دس السم في العسل من خلال الدراما الخليجية أخيراً وفرض وقائع جديدة وبمشاركة نجوم عرب مؤثرين يحتاج إلى وقفة عاجلة بدل الصمت المطبق»، داعياً كل وسائل الإعلام الحرة لأن تتناول هذا الموضوع، وكل فنان حر لأن يعبر عن موقفه من هذه الإنتاجات الخيانية».