فلسطين أون لاين

مع الصحب الكرام.. بلال بن رباح (رضي الله عنه)

...
د. أحمد إدريس عودة

مؤذن الإسلام، ومزعج الأصنام، كان (رضي الله عنه) من أوائل من أسلموا وأظهروا إسلامهم، وصمدوا لأقسى ألوان التعذيب صمود الأبرار العظام، وُضع (رضي الله عنه) عريانًا فوق الجمر، على أن يزيغ عن دينه، وكان يردد: "أحدٌ أحدٌ"، فعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه)، قال: "أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأبو بكر، وعمّار، وأمه سُمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأمَّا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون، فألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم إنسانٌ إلا وقد واتاهم على ما أرادوا، إلا بلالٌ، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان، وأخذوا يطوفون به شعب مكة، وهو يقول أحدٌ أحدٌ، وكان بلال يومئذ عبدًا عند أمية بن خلف، وتمضي الأيام، ويأتي أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) إلى أمية ويعرض عليه أن يشتري بلالًا، فباعه إياه فحرره أبو بكر من فوره، وكان عمر (رضي الله عنه) يقول: «أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا (يَعْنِي بِلاَلًا)»، وكان لبلال (رضي الله عنه) منزلة عظيمة في الإسلام، فهو من الذين قال فيهم الله (تعالى): {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة: 10 - 12]، وقد وقع اختيار النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه بعد الهجرة إلى المدينة ليكون أول مؤذن في الإسلام، وعاش مع النبي (صلى الله عليه وسلم) يشهد معه المشاهد كلها، ويؤذن للصلاة، ويحمي شعائر الدين العظيم، وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) نذر بلال بقية حياته وعمره للمرابطة في ثغور الإسلام، مصممًا على أن يلقى الله ورسوله على خير عمل يُحبّانه.