تحذيرات قيادتنا السياسية من تنفيذ الاحتلال ضم الضفة الغربية وغور الأردن وشمال البحر الميت، حسب خرائط متفق عليها أمريكيًّا وصهيونيًّا، وما يترتب من عواقب مدمرة على أمن واستقرار المنطقة منذ إعلان صفقة القرن، دفعني للقراءة عن الثقافة والسياسة الأمريكية، فوجدت أهم خصائصها:
* تحقيق المصالح والمنفعة برعاية أنظمة الحكم الفاسدة المستظلة بشرعية الإدارة الأمريكية، وهذا يتنافى تمامًا مع أي سياسة أو قيادة تسعى للاستقلال والحرية، لذلك لن يجدي نفعًا الشجب والاستنكار ولا التحذيرات ولا الوساطات لتحقيق أي تقدم في مشروع الثوابت الفلسطينية مع الكيان الصهيوني والمظلة الأمريكية.
التلاعب بالحقائق والاستيلاء على عقول الناس بالإعلام الموجه وإقناعهم بأن الاستبداد نعمة، والطغيان بركة من السماء، والحروب الوحشية ضرورة لا بد منها للقضاء على فوضى الإرهاب، وأن السجون والمعتقلات هي سر أمان واستقرار الأنظمة، هذا ما نعيشه من حال الدول العربية والمنطقة منذ حرب الخليج، وهذا لا يلتقي مع أي قيادة فلسطينية تريد إقامة دولة مستقلة ووطن بحدود 1967م.
ادعاء الإدارة الأمريكية ممارسة حرية الرأي والوطن، لكنها تتماهى وتدعم انحطاط الدول والمجتمعات أيًّا كان نوعه وصفته، وتدعم الاستزلام لسياسة الإدارة الأمريكية، وترعى ظهور المثقف والسياسي المأجور صاحب المواقف الوقحة والجسورة من القتلة واللصوص نهَّابي ثروات الأمة، وهذا لا يحتاج لتبيان، فالعالم يعيش في صدمة، وهذه السياسة تخالف كل قيادة وسياسة تحترم شعبها وتريد تأسيس وطن ديمقراطي.
لذلك من حق فلسطين أن تسأل أبناءها: من الذي قمع ومنع تمويل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؟، أليست سياسة الرجل الأصفر وإدارته بالبيت الأبيض؟!
من حق فلسطين أن تسأل أبناءها: من الداعم للاحتلال الصهيوني ماديًّا وسياسيًّا وقانونيًّا بالمحافل الدولية؟، ومن هم المحاصرون للسلطة الفلسطينية وقطاع غزة بالخصوص؟، أليست السياسة الأمريكية الصفراء والكيان الصهيوني؟!
من حق فلسطين سؤال الرباعية الدولية وكل المتخاذلين الأوروبيين: لماذا صمتم عن إغلاق مؤسسات (م.ت.ف) بالقدس المحتلة رغم مخالفة ذلك للتفاهمات الدولية والقانون الدولي؟!، أليست السياسة الأمريكية الصفراء؟
حق فلسطين سؤال قياداتها: من المسؤول عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا والحجر الصحي المعطِّل لطبيعة الحياة؟، كل العارفين بالقانون الدولي المستزلمين للإدارة الأمريكية وسياستها الصفراء فورًا سيقولون: الكيان الصهيوني المحتل ملزم بتوفير حياة كريمة لسكان المناطق المحتلة حسب اتفاقية جينيف 4، ثم ينفض الإعلام وورشات القانون ولا أحد يلزم الصهاينة بتنفيذ شيء.
* سيادة الرئيس، معالي رئيس الوزراء، السادة الوزراء، القوى السياسية، مطلوب حوار وطني يستكشف برنامجًا مشتركًا وآليات مناسبة لتنفيذ سياسة تحمي مشروعنا الوطني قبل فوات الأوان، وأدعو لإصلاح سياسي ومالي وإداري لمؤسسات (م.ت.ف) لنستطيع خدمة شعبنا في كل أماكن وجوده، على الأقل في زمن أزمة الصحة العالمية (كورونا)، وليكن مدخل التوافق (العنوان الإنساني وصحة المجتمع الفلسطيني).
شعبنا ينتظر الدواء والكساء والغذاء والتكافل الاجتماعي وإجراءات الوقاية الصحية، وهو غير مستعد لسماع أي نقاش في زمن تحدٍّ مجتمعي قاعدته الفقر والبطالة، جميع فئات الشعب تبدل حالها، وأصبح محدث النعمة هو اليد العليا، وهذا ما سيثقل علاج تماسك الجبهة الداخلية، فمزيدًا من العمل الطوعي والمصابرة.
كل فلسطين تنتظر القيادة الناضجة إداريًّا دون فئوية؛ حينها سنجد المواطن الفلسطيني يرتقي بثقافته الاستهلاكية على قاعدة الكفاف وأخذ ما يلزم بقناعة، مطبقًا: (القناعة كنز لا يفنى).