فلسطين أون لاين

​كيف أجعل طفلي يتقبل "النقد" دون بكاء؟

...
غزة- مريم الشوبكي

تشتكي بعض الأمهات من بكاء طفلها حينما تُوجه له ملاحظة ما، أو عندما ترفض له طلبًا، فيبكي حينما يواجه أمرًا ولا يستطيع فيه الدفاع عن نفسه، أو مجرد أن يتلقى نظرةً حادة من والدته، وهنا تقع الأم في حيرة من أمرها بشأن التعامل مع بكاء طفلها.

كيف تستطيع الأم أن تقنع طفلها بأن يعبر عن مشاعره دون بكاء، متى تعاقبه على بكائه، ومتى يمكنها تجاهله، وكيف تقوَّم هي سلوكها الذي دفع طفلها لأن يتخذَ من البكاء وسيلةً كي يحصل على ما يطلب، أو أن يستبق البكاء حتى يثني والدته عن عقابه؟

كثيرة البكاء

علا أبو سيدو أم لأربعة أطفال، تعتبر أن التربية جهادٌ تمارسه الأم مع أطفالها حتى تستطيع أن تربيهم تربية صالحة ليكونوا نافعين لها ولوالدهم، فكل طفلٍ لديها له شخصيةٌ تختلف عن الآخر، والأسلوب الواحد في التربية لن يأتي بنتيجة معهم جميعًا؛ حسب رأيها.

تقول أبو سيدو لـ"فلسطين": "طفلتي حلا صاحبة الترتيب الرابع بين إخوتها لم تجدِ وسائل التربية المختلفة معها نفعًا؛ فما بين الترهيب والترغيب أصبحت لا أعرف ما العمل معها، رغم أنها طفلة ودودة للغاية منذ صغرها وحتى الآن بعد أن أتمت عامها السابع ما زالت طفلة رقيقة وجميلة وحنون ومطيعة إلى حد كبير لكنها كثيرة البكاء".

وأضافت: "تبكي أحيانًا لأتفه الأسباب من مجرد كلمةٍ يقوّمها بها والدها، أو نظرة من والدتها، أو ربما تصرف طفولي طبيعي من شقيقها الأكبر، وتصبح لديها القدرة على أن تستمر في البكاء لفترةٍ طويلة ومتواصلة، فماذا عسايَ أن أفعل معها لجعلها تتوقف عن البكاء؟".

أما هاجر اسليم، فابنها يحيى يبلغ من العمر تسع سنوات، يتحلى بالذكاء والهدوء، كما أنه مطيعٌ للغاية، ولكن لديه مشكلة واحدة وهي البكاء، فهو حساس لأي ملاحظة يتلقاها.

تقول اسليم لـ"فلسطين" متسائلة: "كيف أتصرف مع ابني الذي يجهش بالبكاء لأي ملاحظة يتلقاها أو أي رفض يواجهه حتى لو كان لصالحه، وأنا دائمًا إلى جانبه لأشجعه على أن يقول "لا" من دون بكاء ويتقبل النقد من دون بكاء أيضًا، لقد ضقتُ ذرعًا؛ وما عدت أعرف أي طريقةٍ تربوية أتبعها؟".

التنشئة الخاطئة

في ذات السياق بينت الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة أن لجوء الطفل إلى البكاء يعود إلى أساليب تنشئة أسرية خاطئة، فمثلا الدلال الزائد الذي يترتب عليه تلبية جميع طلباته، يجعله اتكاليًا ولا يتحمل المسئولية في أبسط الامور التي يتعرض لها في حياته.

وأوضحت السعايدة لـ"فلسطين" أن أسلوب الحرمان والرفض من الأهل يجعل الطفل يعاني من نقص في إشباع للحاجات قد تكون حاجات مادية أو معنوية.

ولفتت إلى أن بعض شخصيات الأطفال لديهم فرط الحساسية الزائدة، أي سلوك أو تصرف أو نظرة تؤثر فيه، فيتجه نحو الانسحابية والتقوقع حول الذات والانطواء والبكاء.

ونبهت السعايدة إلى أن الثلاث سنوات الأولى في عمر الطفل مرحلة حاسمة في حياة الطفل، فلا بد من صقل شخصيته وفق أسسٍ تربوية لخلق شخصية سوية قادرة على مواجهة الحياة والصعاب في المستقبل.

ولفتت إلى أن أسلوب التنشئة القائمة على التمييز في المعاملة بين الذكور والإناث، وتفضيل الذكور على الإناث، يخلق شخصيات لديها حساسية زائدة.

التعزيز بالحضن

ونصحت الاختصاصية النفسية الأم بإشباع الحاجات الأساسية اليومية للطفل مع الأخذ بعين الاعتبار ميزانية الأسرة، وإشباع الحاجات العاطفية عبر الحنو عليه، واستخدام الأساليب التربوية الناجعة وتعليمهم الصحيح والخاطئ، والعدل بين أفراد الأسرة الواحدة، وإشراك الطفل في عملية اتخاذ القرارات.

"بعض الأمهات رد فعلها اتجاه بكاء طفلها، الصراخ والتعنيف والضرب، فهل هذا أسلوب مجدٍ؟"، أجابت السعايدة: "العنف والقسوة الزائدان والصراخ يزيد الطين بلة، كما أنه مجرد أن يبادر بالبكاء لتوفير حاجة معينة وتطيعه الأم فهذا خطأ، بل عليها أن تبرر موقفها وتفسر الموقف المتخذ من قبلها".

وتابعت: "عليها تعريفه بالأمور المرغوبة وغير المرغوبة وما يترتب عليها من ثواب وعقاب، وعدم الرضوخ للطفل، وتعزيزه معنويًا أو ماديًا لو تراجع عن الأمور الخاطئة، مع تفضيلي لأسلوب التعزيز المعنوي بحضنه وتقبيله, فالدراسات النفسية تشير إلى أن الطفل يحتاج أن يحضنه والداه مرات خلال اليوم".