منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي والشيخ المقدسي محمد أبو طير يقضي أغلب سنيّ عمره في سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسبب مقاومته له وهو في ريعان الشباب، ثم على خلفية انتخابه نائبا في المجلس التشريعي عن حركة حماس في عام 2006.
وبالنظر إلى أن النائب الفلسطيني يعد من أهم الشخصيات المقدسية الاعتبارية، تحاول سلطات الاحتلال إسكات صوته لمحاولة تنفيذ مخططاتها بالقدس، دون أي اعتراض أو صوت يفضح انتهاكاتها.
اعتقال إداري
ولم يمضِ على تاريخ الإفراج الأخير عن أبو طير سوى ستة أشهر بعد اعتقاله إداريًا، حتى داهمت قوات الاحتلال فجر الاثنين منزله في رام الله (حيث تم إبعاده إليها وحرمانه من هويته المقدسية هو ونواب القدس)، وطلبت منه مرافقتها لتزج به في معتقلاتها دون سبب واضح.
النائب في المجلس التشريعي، المبعد أيضًا إلى رام الله، أحمد عطون، دان سلوك سلطات الاحتلال واعتقالها السبعيني أبو طير الذي أمضى قرابة 35 عامًا من عمره في سجون الاحتلال باعتقالات مختلفة.
وقال عطون لصحيفة "فلسطين": "لم يمضِ سوى أشهر عدة على الإفراج عنه (أبو طير) في شهر أكتوبر من العام الفائت من الاعتقال الإداري الخامس بعد إبعادنا (من القدس) للضفة الغربية".
وأضاف: "الاحتلال يستهدف الشيخ أبو طير لأنه يريد تغييب أي صوت يفضح جرائمه بشكل خاص في القدس المحتلة، فيستهدف مَنْ انتخبوا ليسلطوا الضوء على تلك الجرائم، وأبو طير خير مَنْ يمثل المشهد، لذلك يزعج الاحتلال الذي لا يريده أن يبقى حراً".
وأشار إلى أن كون جميع المواطنين في حالة حجر منزلي بسبب "كورونا" فهذا لا يجعل هناك أي مبرر لاعتقاله، إذ إن "أبو طير" ملتزمٌ بمنزله لكبر سنه خشية تعرضه للإصابة بالفيروس.
وقال: "عقلية الاحتلال قائمة على استهداف الرموز الفلسطينيين من وقت لآخر فيما يطلق عليه (جز العشب الأخضر) أو (المطرقة على الرأس) بهدف ألا ترتفع هذه الأصوات، ويجعلها تعيش حالة من عدم الاستقرار".
ولفت النظر إلى أنه وبينما ترتفع الأصوات في العالم مطالبةً سلطات الاحتلال بالإفراج عن الأسرى خاصة كبار السن والمرضى منهم في ظل انتشار وباء كورونا، نجده يعتقل السبعيني أبو طير الذي يعاني من أمراض مزمنة، ما يجعل صحته مهددة في ظل هذه الأوضاع الخطيرة.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن "أبو طير" رغم كبر سنه واعتقالاته المتكررة، فإن عزيمته لم تهن أو تتراجع، وظل متصدرًا لمواجهة الاحتلال عسكرياً في شبابه وإعلاميًا وسياسياً في الوقت الحالي ما جعله عرضة للاعتقالات المتكررة.
استهداف القدس
في حين عد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في رام الله قدري أبو بكر أن اعتقال أبو طير يأتي ضمن اعتقالات سلطات الاحتلال المستمرة التي لم تتوقف رغم انتشار "كورونا"، وتستهدف بالذات أبناء القدس المحتلة سواء شخصيات رسمية أو حتى المتطوعين في مواجهة الفيروس.
وتابع: "يبدو أن الاحتلال معنيٌ بانتشار الوباء بين الفلسطينيين، الأمر الذي يفرض على شعبنا مواجهته".
ورأى أن التوجه للمحافل الدولية لا يجدي نفعًا مع الاحتلال الذي لا يستجيب لأي جهد محلي أو دولي ويعد نفسه خارج إطار القانون الدولي، حيث يمتلك (الفيتو الأمريكي)، ما يجعل الاحتلال يستهتر بأي مناشدات دولية، وفق تعبيره.
وقال: "ممارسات الاحتلال تحتاج لعقوبات من الأمم المتحدة تجعله يرضخ للمواثيق والأعراف الدولية التي يخترقها يومياً".
وأشار إلى أن الاحتلال يستهدف المقدسيين بشكل خاص من خلال ممارسات قديمة جديدة حيث يعتقل رموز المدينة وحتى الأطفال إلى جانب سياسة الإبعاد عن المدينة وتكبيد المقدسيين غرامات باهظة وصولًا لإفراغ المدينة المقدسة من محتواها الوطني، والسكاني لإفساح المجال أمام قدوم مزيد من المستوطنين.