"لن أرتاح حتى يخرج آخر أسير من سجون الاحتلال" تلك الكلمات التي كان يردّدها الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، طيلة سنوات حياته، حرصاً منه على قضية الأسرى الفلسطينيين القابعين خلف زنازين الظلم الإسرائيلية.
ومن شدة اهتمام الشهيد "الرنتيسي" بقضية الأسرى، اصطفاه في يوم السابع عشر من أبريل/ نيسان الذي يُصادف إحياء يوم الأسير الفلسطيني، وهو ما يحمل دلالات مهمة، وفق ما تقول زوجته رشا العدلوني.
وتضيف العدلوني لصحيفة "فلسطين": "إنّ ذكرى استشهاد زوجي تزامنت مع يوم الأسير الفلسطيني، حيث كان لا يقرّ له قرار ودائماً يردد أنه لن يرتاح حتى يخرج الأسرى من السجون".
وتؤكد أن الذكرى تأتي في وقت تختلط فيها دماء الشهداء بعذابات الأسرى، وهذا يدلل أن الشعب الفلسطيني بكل شرائحه من بداية وعد بلفور وحتى يومنا هذا، وهو يعاني ويقدّم الأسرى والشهداء.
ويصادف السابع عشر من إبريل/ نيسان الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ حيث اغتالته طائرات "الأباتشي" الصهيونية مع اثنين من مرافقيه في عام 2004 بسيارته أثناء سيره وسط مدينة غزة.
وتُشدد العدلوني على أن "الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين يُقدّم ويضحي ويتألم، ولكنّه في المقابل يُؤلِم، وهو ما يزيد شعورنا بالعزة والكرامة".
وتتابع أن "الشعب الفلسطيني في هذه الأيام وبعد مرور ثلاث حروب إسرائيلية وأكثر من 14 سنة من الحصار أثبت أنه عصي على الانكسار بمقاومته وكل مكوّناته وما زال صامدًا في وجه العدو".
النشأة
ولد الشهيد الدكتور عبد العزيز علي عبد المجيد الرنتيسي بتاريخ 23 أكتوبر 1947 في قرية يبنا، واستطاع الرنتيسي إنهاء دراسته الثانوية عام 1965 وكان من المتفوقين فيها، وهو ما أهله للحصول على منحة دراسية في مصر فذهب إلى جامعة الإسكندرية لدراسة الطب، فحصل منها على بكالوريوس طب عام في سنة 1971 ثم على ماجستير في طب الأطفال.
عمل طبيباً مقيماً في مستشفى ناصر بخانيونس، عام 1976، كما شغل عدة مواقع في العمل العام منها عضوية هيئة إدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني وعمل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضراً يدرس المساقات في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
جمع بين الشخصية العسكرية والسياسية والدينية، تمتع بالهيبة وحظى باحترام ومحبة أغلب شرائح الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي، كما اتصف ممن عايشوه بأنه صاحب شخصية قوية وعنيدة وجرأته وتحديه لقادة الكيان وجلاديه في سجون الاحتلال.
العمل السياسي
كانت أول مواجهة للدكتور الشهيد الرنتيسي مع الاحتلال عام 1981 حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية ثم اعتقل على خلفية رفضه دفع ضريبة القيمة المضافة والمكوس للعدو من نفس العام هو وبعض الأطباء.
تعرَّض الرنتيسي إلى ملاحقة الاحتلال واعتُقِلَ عددًا من المرَّات، وكان هو أول المعتقلين من قيادات حماس بعد الإعلان عن إطلاقها، وكان ذلك في عام 1988م، وبلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها في السُّجون ومراكز الاعتقال الإداريِّ الإسرائيليَّة سبع سنواتٍ.
وبعد اغتيال الشيخ القعيد القائد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس من "إسرائيل" في مارس 2004، اختير الدكتور الرنتيسي زعيمًا لحركة "حماس" في قطاع غزة، خلفًا للزعيم الروحي للحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين.
وعن محاولات الاغتيالات، فقد كانت أولها في مرج الزهور في خيمة الإعلام في اليوم الأول من شهر رمضان، حضر شخص يتحدث العربية ادعى أنه مترجم لصحفي ياباني، دخل الخيمة وترك حقيبة بأكملها، قدّر أن كان الجميع خارج الخيمة على مائدة الإفطار، سمع الجميع صوت الانفجار وهبوا لإطفاء الحريق وبحثوا عن الصحفي ورفيقه فلم يجدوا لهما أثرًا.
وفي 16 يونيو 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثانية استشهد فيها اثنان من مرافقيه، وأصيب نجله أحمد بجروح خطيرة. وفي شهر أيلول 2003 تعرض لمحاولة اغتيال ثالثة فشلت هي الأخرى، ثم تعرض لمحاولة اغتيال رابعة في اليوم الثالث لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين، نجا منها أيضاً ولم تكشف عنها حماس إلا بعد تأكيدها من قبل أجهزة الأمن الصهيونية.
وفي ختام حديثها، وجّهت العدلوني رسالة للأسرى "أنتم مثلتم شامة عز في جبين الأمة ووصمة عار على جبين المتخاذلين وضحيتم بأغلى ما تملكون فداءً للوطن".
كما وجهت رسالة للشعب الفلسطيني: "أقول هنيئاً لهذا الشعب الذي مثّل قمة العزة والاباء والتكافل في وجه الحروب والحصار، وما زال يواجه جائحة كورونا التي قضّت مضاجع العالم".