انتشار الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليس منَّة عليها من الاحتلال في أراضٍ منصوص على سيادة الفلسطينيين عليها بحسب "أوسلو"، رغم أنها الاتفاقية الأسوأ في التاريخ؛ ولكن الانتشار كان بندًا مهمًّا فيها وهذا أضعف الإيمان.
قتل ثلاثة فلسطينيين برصاص الاحتلال خلال انتشار وباء كورونا هذا ليس افتراء من السلطة أو تحريضًا منها على الاحتلال؛ بل هو حقيقة واضحة سجلتها كاميرات العالم.
محاولة نشر الجنود والمستوطنين للوباء بالاقتحام لمراكز المدن رغم انتشار كورونا بين الجنود وقيامهم بالبصاق على المركبات وممتلكات المواطنين؛ هذا وثقته الكاميرات وليس تحريضًا من السلطة.
اعتقال وغرامات باهظة في القدس للشباب والمتطوعين (وبينهم محافظ المدينة) الذين يعقمون المنازل والأحياء ويساعدون الناس؛ هذا موثق وليس فبركة أو تحريضًا.
احتجاز مليارات من الأموال الفلسطينية والتي تمنع وتعوق انتشار الوباء وتأثيراته على كل النواحي الحياتية؛ هذا موثق وليس تحريضًا من السلطة.
إهمال أسرانا في السجون وإدخال سجانين مصابين بكورونا إلى أقسامهم؛ هذا موثق، والأخطر إصابات في صفوف أسرانا المحررين جراء احتكاك متعمد معهم في مراكز التحقيق من قبل المحققين.
إهانة عمالنا والتعامل معهم على أنهم مجرمون بمطاردتهم ورميهم على قارعة الطرق والامتناع عن فحصهم أو توفير العلاج لهم، هذا موثق وليس تحريضًا.
حصار غزة ومنع إدخال مستلزمات طبية لمواجهة كورونا؛ يمارسه الاحتلال واقعا ولا داعي لأن يحرض أحد أو يفبرك.
تهديد "الخاوة" الإسرائيلي للسلطة يوضح لنا عنصرية واستعلاء؛ ويعد السلطة بمنزلة شركة تعمل لديه وتتلقى تعليماتها منه وانتشار قواتها بمزاجه وحجز أموال الضرائب بلطجة هو يقررها.
الحال الذي وصل بنا إلى هنا هو نتاج تراكم عدم "لقّ المحتل على ثمه" منذ بداية ممارساته التي كانت الواحدة أبشع من الأخرى، وعقلية أنّ وجود السلطة هو قراره ما كان لها أن تتعزز في ممارساته لولا أنه ارتاح لردة فعلنا، فتحولت نظرته للسلطة على أنها حجر شطرنج، وبات ينتقي البنود التي لصالحه من اتفاقية أوسلو السيئة أصلًا.
ولكي يرى الأمور من منظور آخر وبعد افتضاح أمره أكثر في جائحة كورونا، وجب أن تكون ملامح المرحلة المقبلة مغايرة تمامًا لما اعتاده ورسم مخططاته وصفقته عليها؛ أقلها وحدة وطنية ومقـاومة على كل الصعد، وليس أعلاها فضح في المحافل الدولية وقضايا في محكمة الجنايات، وتجنيد حقيقي لإظهار عنصريته ومنطق "الخاوة" الذي اعتاده.